💚 رَفيقَتي إلَى الفِردَوس 💚

ثمَّة مسألةٌ أهمُّ من أن يمضي العُمر، إنه يمضي في كل الأحوال، ليس مهمًا كم هو عمري الآن، بل المهمّ كم سنةً عِشت فعلًا وتخلّلت الحياةُ روحي وعِشتها بكل تفاصيلها، وهل كان لكل الوقت الذي مضى معنى؟

اليوم أُتِمُّ الثالث والعشرين ربيعًا من عمري، وقد مرَرت بكل فصول الحياة وألوانها من زاهيها لداكِنها، ربما شكلي لم يتغير كثيرًا لكن داخلي صار أجمل وانعكسَ ذلك على ملامحي.. لستُ كما في العام الماضي، ولن أكون هكذا في العام المُقبل، فسنُّة الحياة تحتِّم علينا التغيير دومًا، في هذا العام كُنتُ مصرة على الحياة بكل قوَّةٍ وحبٍّ وشغف، وأن أعيشها بكل حذافيرها وتفاصيلها، فقد كان عامًا مليئًا بالإخفاقات والنجاحات، بالأحزان والأفراح، بالأمل واليأس، والكثير الكثير من المحاولات، المحاولات لعيش حياةٍ يملؤها النجاح والإنجاز..

عامٌ مضى وقد كان حافلًا بالمحاولات التي نجح بعضها، وباء بعضها الآخر بالفشل في سبيل تحقيق أهدافي وأحلامي، ولكن يكفيني دومًا شرفُ المحاولة وشجاعةُ المواجهة، الجميل رُغم ذلك أني حافظت على إنسانيتي وهذا يكفي، كسبتُ فيه قلوبًا طيّبة وفيّة، وأشخاصًا رائعين، و مررت مرورًا عابرًا عمن كانوا ليسوا بمستحقين..

لا يُزعج من تلذذ بطعم الوحدة برفقة كتابه وقلمه وفوضوية أفكاره وهكذا أنا وهذا نهْجي الذي اتخذته، الحياة كمحطة القطار تمامًا تستقبل فيها أشخاصًا وتودِّع آخرين في كل محطّة من محطّات حياتك، وبين كل مجيءٍ وغِياب دروسٌ عظيمة جدًا تتعلّمها، ربما هي ثلاثة وعشرون عام من الأخطاء المتكررة والإنجازات المبتورة، أستطيع أن أقول بأن هذا العام يعدُل كل الأعوام التي مضت، خرجتُ فيه من دائرتي لدائرةٍ أوسعَ بكثير، وكان لزامًا عليّ أن أكون على قدر كافٍ من القوَّة والثبات في ظِل توسُّع هذه الدائرة باستمرار، نزعت من رأسي فكرة الاعتماد على أحد، فقد أيقنت بأن إيمانك بذاتك وقدراتك سيُغنيك عن أي شخص في هذه الحياة طالما أن معيّة الله ترافقك أينما حللت، أقنعتُ نفسي بأن محاولات الفشل هي طريقي للنجاح والاستمرار، فكل محطة تحتاج أن نمرَّ بالفشل بين الفينة والأخرى حتى نُبرهن لأنفسنا أننا نستطيع وأننا باقون رُغمًا عن أي فشلٍ وتعثُّر وسقوط، فالفشل حقيقةً هو بداية الانطلاق نحو النجاح الأعظم للذين يؤمنون فقط بأحقيّتهم بالنجاح.

مع اقتراب كل ميلادٍ لي تنتقي ذاكرتي أعظم اللَّحظات التي عِشتها في العام الذي مضى، محتفية بلحظات الإنجاز والفخر والنجاح، كما أُعيد تذكُّر الأخطاء التي فعلتها مسّلطة الضوء على جانبٍ واحدٍ منها وهو مُخرجات هذه الأخطاء والدُّروس التي تعلّمتها، ودفعت ثمنًا غاليًا جدًا في سبيل اكتسابها لتكون أسلحتي المنيعة التي أُحصِّن نفسي بها في عامي الجديد..
ففي نهاية المطاف فكلما زادت أخطاء المرء تعلم أكثر وكلّما أصبح أقوى وأنضَج وأقدر على مواجهة تحدّيات الحياة.

نهايةً، سنةٌ أخرى على قيد الحياة قولاً وفعلاً، نتائج كل هذه الأعوام والتجارب والدروس هي ما أنا عليه اليوم، وأنا اليوم أشعر بأنني إنسانة لا بأس بها، تضيف للحياة بطيب خاطر وقناعة أكثر مما تحاول أن تأخذ منها، راضية عن نفسي بعض الشيء وعمّا وصلت إليه، ساعية للتطوير والتغيير للأفضل دومًا، أحاول ألا أفعل إلا ما أنا مقتنعة به، وألا أقول إلا ما أنا مؤمنة به، أن يسبق فعلي قولي، وأن لا يُناقض قولي فعلي، وأن أترُك أثرًا طيبًا وبصمةً جميلة في حياة كل مَن عرفني.

❤️ 15-11-1996 ❤️

#اللهم_قوة 💚
#اللهم_عونك 💜
#اللهم_توفيقك 💙

866 viewsedited 21:15