This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from القرآن ربيع القلوب (عۣۗہجۣۗہآفۣۗہ آلَروۣحۣۗہ)
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الدنيا_دار_نكد_وتعب
أن ينظر صاحب المصيبة إلى أنه في دار قد طبعت على الكدر والعناء ، وجبلت على المصائب والبلاء، فما يقع فيها من ذلك هو مقتضى جبلتها وموجب طبيعتها ، وإن وقع خلاف ذلك فهو على خلاف العادة لأمر آخر، خصوصا على الأكابر والنبلاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء، فقد نزل بهم من الشدائد والأهوال ما يعجز عن حمله الجبال، كما هو معلوم في المصنفات، التي لو ذكر بعضها لبلغ مجلدات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالأمثل) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر) .
وقد قيل: إن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة، إنما لذاتها راحة من مؤلم، هذا وأحسن لذاتها، وأبهى بهجاتها مباشرة النساء، المترتب عليه حصول الأبناء، كم يعقبه من قذى ، أقلة ضعف القوى وتعب الكسب والعناء.
ومتى حصل محبوب كانت آلامه تربو على لذاته، والسرور به لا يبلغ معشار حسراته، وأقل آفاته في الحقيقة الفراق الذي ينكث الفؤاد، ويذيب الأجساد.
فكلما تظن في الدنيا أنه شراب سراب، وعمارتها - وإن حسنت - إلى خراب، ومالها - وإن اغتر بها الجاهل - إلى ذهاب، ومن خاض الماء الغمر لا يجزع من بلل، كما أن من دخل بين الصفين لا يخلو من وجل، ومن العجب من أدخل يده في فم الأفاعي كيف ينكر اللسع، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع!
وما أحسن قول بعض الفضلاء في مرثية ابنه:
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني البناء على شفير هار
وقال بعض #العارفين: ( ينبغي لمن نزلت به مصيبة أن يسهلها على نفسه ، ولا يغفل عن تذكر ما يعقبه من وجوب الفناء وتقضي المسار ، وأن الدنيا دار من لا دار
له، ومال من لا مال له، يجمعها من لا عقل له، ويسعى لها من لا ثقة له، وفيها يعادي من لا علم له، وعليها يحسد من الفقه له ، من صخ فيها سقم، ومن سقم فيها برم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن ).
واعلم أنك قد خلقت في هذه الدار لغرض خاص، لأن الله تعالى منزه عن العبث، وقد قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقد جعلها مكتسبا
لدار القرار، وجعل بضاعتها الأعمال الصالحة، ووقتها العمر، وهو قصير جدا بالنظر إلى ما يطلب من السعادة الأبدية، التي لا انقضاء لها.
فإن اشتغلت بها، واستيقظت استيقاظ الرجال، واهتممت بشأنك اهتمام الأبدال، رجوت أن تنال نصيبك منها، فلا تضيع عمرك في الاهتمام
بغير ما خلقت له ، يضيع وقتك، ويذهب عمرك بلا فائدة، فإن الغائب لا يعود، والميت لا يرجع، وتفوتك السعادة التي خلقت لها. فيالها حسرة لا تفنى، وغبن لا يزول، إذا عاينت درجات السابقين، وأبصرت منازل المقربين، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة، خلي من
المتاجر الرابحة! فقس ذلك الألم على هذه الآلام، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك: مع أنك تقدر على دفع سبب هذا، ولا تقدر على دفع سبب ذاك.
كما قال علي عليه السلام: (إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور ، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مأزور ، فاغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك، واجعل الموت نصب عينك، واستعد له بصالح العمل، ودع الاشتغال بغيرك، فإن الموت يأتي إليك دونه).
#بدر_الناصري
أن ينظر صاحب المصيبة إلى أنه في دار قد طبعت على الكدر والعناء ، وجبلت على المصائب والبلاء، فما يقع فيها من ذلك هو مقتضى جبلتها وموجب طبيعتها ، وإن وقع خلاف ذلك فهو على خلاف العادة لأمر آخر، خصوصا على الأكابر والنبلاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء، فقد نزل بهم من الشدائد والأهوال ما يعجز عن حمله الجبال، كما هو معلوم في المصنفات، التي لو ذكر بعضها لبلغ مجلدات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالأمثل) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر) .
وقد قيل: إن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة، إنما لذاتها راحة من مؤلم، هذا وأحسن لذاتها، وأبهى بهجاتها مباشرة النساء، المترتب عليه حصول الأبناء، كم يعقبه من قذى ، أقلة ضعف القوى وتعب الكسب والعناء.
ومتى حصل محبوب كانت آلامه تربو على لذاته، والسرور به لا يبلغ معشار حسراته، وأقل آفاته في الحقيقة الفراق الذي ينكث الفؤاد، ويذيب الأجساد.
فكلما تظن في الدنيا أنه شراب سراب، وعمارتها - وإن حسنت - إلى خراب، ومالها - وإن اغتر بها الجاهل - إلى ذهاب، ومن خاض الماء الغمر لا يجزع من بلل، كما أن من دخل بين الصفين لا يخلو من وجل، ومن العجب من أدخل يده في فم الأفاعي كيف ينكر اللسع، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع!
وما أحسن قول بعض الفضلاء في مرثية ابنه:
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني البناء على شفير هار
وقال بعض #العارفين: ( ينبغي لمن نزلت به مصيبة أن يسهلها على نفسه ، ولا يغفل عن تذكر ما يعقبه من وجوب الفناء وتقضي المسار ، وأن الدنيا دار من لا دار
له، ومال من لا مال له، يجمعها من لا عقل له، ويسعى لها من لا ثقة له، وفيها يعادي من لا علم له، وعليها يحسد من الفقه له ، من صخ فيها سقم، ومن سقم فيها برم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن ).
واعلم أنك قد خلقت في هذه الدار لغرض خاص، لأن الله تعالى منزه عن العبث، وقد قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقد جعلها مكتسبا
لدار القرار، وجعل بضاعتها الأعمال الصالحة، ووقتها العمر، وهو قصير جدا بالنظر إلى ما يطلب من السعادة الأبدية، التي لا انقضاء لها.
فإن اشتغلت بها، واستيقظت استيقاظ الرجال، واهتممت بشأنك اهتمام الأبدال، رجوت أن تنال نصيبك منها، فلا تضيع عمرك في الاهتمام
بغير ما خلقت له ، يضيع وقتك، ويذهب عمرك بلا فائدة، فإن الغائب لا يعود، والميت لا يرجع، وتفوتك السعادة التي خلقت لها. فيالها حسرة لا تفنى، وغبن لا يزول، إذا عاينت درجات السابقين، وأبصرت منازل المقربين، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة، خلي من
المتاجر الرابحة! فقس ذلك الألم على هذه الآلام، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك: مع أنك تقدر على دفع سبب هذا، ولا تقدر على دفع سبب ذاك.
كما قال علي عليه السلام: (إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور ، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مأزور ، فاغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك، واجعل الموت نصب عينك، واستعد له بصالح العمل، ودع الاشتغال بغيرك، فإن الموت يأتي إليك دونه).
#بدر_الناصري