Travel Go🛫
1.39K subscribers
19 photos
289 links
Download Telegram
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《121》*

*(( الوصول الى قباء ))*
______

وصل صل الله عليه وسلم الى بساتين قباء ، فنزل على قبيلة *{{ بني عمرو بن عوف }}* وهم سكان قباء ، وكان شيخهم وزعيمهم *{{ كلثوم بن الهدم }}* وكان مازال مشركا ، ولكنه استقبل النبي معهم ، واختار النبي أن يكون ضيفا عنده .
وكان في النهار يجلس- صل الله عليه وسلم - في مكان يجتمع فيه بأصحابه ، فأمر النبي - صل الله عليه وسلم -أن يبنوا مسجدا ، وعمل فيه بيده ، وهو المعروف الآن بمسجد قباء . واهتمام النبي ببناء المسجد أولا يدل على أن المسجد هو صلة العبد بربه ، يناجيه و يتلو كتابه فيه براحة و اطمئنان ، وهو مركز الدولة و مكان تربية الرجال .
وعندما وصل النبي–صل الله عليه و سلم - إلى قباء ، كان قد أتمّ من عمره الكريم *{{ ٥٣ سنة قمرية }}* ، وبعد أن أقام فيها أياما ، خرج ليكمل سفره إلى المدينة المنورة *{{ تبعد قباء عن المسجد النبوي ٥ كم تقريبا }}* ، وكان ذلك صباح يوم *الجمعة* كما تقول الروايات ، وأرسل إلى أهل المدينة من يخبرهم بقدومه ، فخرج إليه في الطريق رجال من *بني النجار عددهم {{ ٥٠٠ }}* رجل حاملين سلاحهم ، هم أخوال جده عبد المطلب {{ تذكرون عندما ذكرت لكم قصة عبدالمطلب جد النبي {{ شيبة الحمد }}، عندما ترك أبوه هاشم زوجته لتلد في يثرب عند أهلها بني النجار ، ومضى هاشم إلى الشام ، وأدركته الوفاة في غزة }} ، فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم ،وقالوا : يا رسول الله ؛ نحن أهل العدد والحلقة ، أدخل مدينتك آمناً مطمئناً مطاعاً . فمشى الناس من حوله يحفونه بين ماش وراكب لا يُحصي عددهم أحد . فلما كان بين قباء والمدينة ؛حضر وقت الظهر ، ولم يكن صلى قبل هذه الجمعة صلاة جمعة بأصحابه - لم تفرض صلاة الجمعة بعد - فنزل وصلى بهم الجمعة وعلمهم الجمعة في الطريق ، [[ والآن موجود مسجد بين قباء والمسجد النبوي اسمه مسجد *الجمعة* ، هناك صل رسول الله أول جمعة بأصحابه]] .
نزل في ذلك المكان -صل الله عليه وسلم - فقام يخطبهم فاتكأ على رحل ناقته القصواء ،وخطب خطبة قصيرة ، ولكن فيها جوامع الكلم والبلاغة ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، و حثّ المسلمين فيها على الإكثار من الأعمال الصالحة والتي ستكون طريقهم إلى الجنة ، كالتصدق ولو بشق تمرة . .. ولو بالكلمة الطيبة ..
ثم توجه إلى المدينة ، وكل أهل المدينة شباب ورجال ونساء وأطفال وشيوخ ينتظرون قدومه - صل الله عليه وسلم - وهم في أشد الشوق لرؤيته .
( اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )
_____
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
**************
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《122》*

*(( استقبال أهل المدينة للنبي - صل الله عليه وسلم - ))*
______
وصل النبي - صل الله عليه وسلم - إلى المدينة ، ولا أحد يستطيع أن يصف ذلك الاستقبال الكبير، والحب الذي لقي به أهل المدينة هذا الضيف الكريم الذي وفد إليهم بأمر الله، وأكرمهم الله - سبحانه وتعالى - به *فكانوا أنصار* الدعوة ، ولقبوا بالأنصار. [[ وهنا يعجز المتكلم عن الوصف ، حتى جميع الذين كتبوا السيرة تعجز أقلامهم عن وصف هذا المشهد التاريخي ، ولا يستطيع أي مخرج تلفزيوني أو سينمائي أن يصور بحق تلك اللحظات الجميلة في كل شيء ]] .
الكل كان في اشتياق كبير لرسول الله - صل الله عليه وسلم – مهاجرين و أنصار ، خرجوا جميعا لاستقباله عند دخوله المدينة بعد عناء *{{ ١٣ عاما في مكة }}* ، تحمل فيها - صل الله عليه وسلم – ما تحمّله من حصار وأذى واستهزاء . . . نتصور أنفسنا مكان {{ أهل المدينة }} أغلبهم لم يروا رسول الله في حياتهم ، ( كوضعنا هذه الأيام لم نره ولم نسمع كلامه ) . . . الرجال ، والشباب ، والنساء ، والفتيات ، والأولاد ، والكبار. .. الكل في شوق شديد لهذا النبي الكريم سمعوا عن طفولته ، عن غار حراء ، عن دار الارقام ، سمعوا عن رحلة الإسراء والمعراج ، عرفوا أنه أحب الخلق إلى الله . . . تصوروا هو الآن قادم إلينا نحن !!كيف سيكون حالنا في الطرقات والشوارع ؟ !!!! تخيلوا شوق أطفالكم عندما يسمعون أن رسول الله قادم اليوم ، ونريد أن نخرج لاستقباله؟؟!! كان في المدينة ما يزيد على 13 منطقة ( حي ) كلهم خرجوا ، وضجت طرقات المدينة كلها بالناس ، وكانت المدينة قد تهيأت لهذا اللقاء قبل قدومه - صل الله عليه وسلم - .
. . . كان يركب ناقته القصواء ، وقد أحاط به أخواله من بني النجار، ورجال آخرون من المهاجرين والأنصار ، وبأيديهم سيوفهم تحميه من كل من تسول له نفسه أن يصيبه بأذى ، وأبو بكر خلفه على الناقة ، فلما أطل عليهم ورأوا من بعيد *{{ النور المحمدي }}* صاح الغلمان ، والأطفال و الفتيات ؛ صاح الجميع ، صاحوا بأعلى صوتهم : الله أكبر .. الله أكبر ، جاء رسول الله ، الله أكبر ، هذا محمد رسول الله قد أطل علينا ، حتى أن العوائق فوق البيوت ينظرن و يقلن : أين هو ؟ أين هو ؟ [[ الختيارات قاعدات على سطح الدار ، ينتظرن رسول الله ، ويسألن أين هو ؟؟ ]] .
فلما أقبل - صل الله عليه وسلم - وأطلّ عليهم ؛ يقول أنس - رضي الله عنه - عن المدينة : *{{ أضاء منها كل شيء }}* من نور وجهه -صل الله عليه وسلم - يقول البراء،{{ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء كفرحهم برسول الله}} . وضاجت المدينة كلها ، وأخذ الصبيان يضربون على الدفوف ، وينشدون مع البنات الصغيرات أبيات شعر جميلة جدا في معانيها *( قيل إن هذه الأبيات ضعيفة في سندها )* :
*طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع*
*وجب الشكر علينا .. ما دعا لله داع*
*أيها المبعوث فينا .. جئت بالأمر المطاع*
*جئت شرفت المدينة .. مرحبا يا خير داع*
وبدأ السرور في وجهه –صل الله عليه وسلم - وهو يرى هذه القلوب المؤمنة والوجوه المشرقة المستبشرة تستقبله حتى كأن وجهه القمر ، فكان هذا اليوم التاريخي العظيم من أعظم الأيام على الإسلام والمسلمين .
. . .
( اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )
_____
من واجبك نشر سيرة نبيك - صلى الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
**************
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《123》*

*(( نزوله - صل الله عليه وسلم – في المدينة المنورة ))*
_______
أخذ النبي صل الله عليه وسلم ، يمشي بين الجموع ، وكانت عشائر *{{ الأوس والخزرج }}* تقف على أبواب البيوت على جانبي الطريق تنتظر رسول الله - صل الله عليه وسلم - وتستقبله فرحة مستبشرة ، وكان رئيس كل عشيرة، ورب كل بيت يطمع أن يقبل ضيافته ، فجاء رجال العشائر إليه يأخذون زمام الناقة ويقولون :
يا رسول الله انزل فينا نحن أهل الحلقة ، نحن أهل العز ، وكلهم يريدون أن يكون النبي ضيفهم ، والرسول - صل الله عليه وسلم - يقول لهم : دعوها فإنها مرسلة ، خلّو سبيلها فإنها مأمورة ، ويرخي زمام الناقة لا يمسكه ، دعوها إنها مأمورة [[ أي إن الله يأمرها أين تبرك ،لا أنا الذي أختار ]] لماذا ؟؟؟؟
لأن النبي - صل الله عليه وسلم - يعلم الحساسية التي بين *{{ الأوس والخزرج }}* ، فمن مكارم أخلاقه - صل الله عليه وسلم - ومن أجل تأليف قلوبهم ، [[ فلو اختار عائلة أو قبيلة على قبيلة وبينهم حروب ودماء ، لقالوا اختار الرسول هذه القبيلة علينا ويبقى في نفوسهم شيء]] ، ترك زمامها ولم يأخذ به أبداً ، فما زال على ظهرها - صل الله عليه وسلم - وقد أردف معه على الناقة أبو بكر من قباء إلى المدينة ؛ ليعلم الناس كلهم مكانة أبي بكر- رضي الله عنه - عند رسول الله . . . فما زالت الناقة تمشي حتى أتت إلى موقع مسجده المعروف الآن .
*كيف كان موضع الأرض قبل بناء المسجد ؟؟* كان مربدا تمر لغلامين يتيمين من بني النجار *[[ مربد التمر هي الأرض السهلة ، عندما يُقطف التمر عن الشجر يوضع بهذه الأرض لغرض التجفيف حتى لا يكون التمر مرطبا ، يسمى عند العرب مربد ؛يربد التمر فيه أي يجفف]]* وإلى جانبه أرض فيها مقبرة قديمة
وحول الأرض قليل من البيوت ، وإذا بالناقة تمشي إلى هذا الموقع ، ثم بركت في موقع منبره الموجود في مسجده الآن – صل الله عليه و سلم - .
فعلم النبي أن المنزل ها هنا ، فقال : ها هنا المنزل إن شاء الله [[ وتعجب الصحابة !!ها هنا المنزل !! أرض صحراء جانبها مقبرة أين سينزل الرسول ؟]] ثم وقف وقال : أيّة دور أهلنا أقرب إلى هذا المكان؟؟! قال {{ أبو أيوب الأنصاري }} أنا يا رسول الله ، فهذا الباب الذي أمامك هو باب داري . فقال له - صل الله عليه وسلم - : احمل متاعنا إليه ، فنزل - صل الله عليه وسلم - في *دار أبي أيوب* . فجاء أسعد بن زرارة أحد النقباء الاثني عشر وسيد الأنصار في ذلك الوقت ، قال : يا رسول الله ؛ فاز بها أبو أيوب ، فهل تأذن لي أن تكون ناقتك في ضيافتي ؟؟ [[ سبحان الله ما أجمل أخلاقهم ومعرفتهم بقدر رسول الله صل الله عليه وسلم !!! أنت ستنزل في دار أبو أيوب أنا أستأذنك أستضيف الناقة عندي أقوم برعايتها وخدمتها ]] فتبسم النبي - صل الله عليه وسلم -
وقال له : لك ذلك . فأخذ ناقته القصواء ، وجعلها في داره يخدمها ، وإذا احتاج النبي إليها يحضرها له .
دار أبو أيوب تتكون من غرفتين عبارة عن طابقين ، وكانوا يسمون الطابق الثاني في تلك الأيام *{{ العلّيّة }}* ،فأراد أبو أيوب أن ينزل النبي في الطابق الثاني ، فرفض النبي - صل الله عليه وسلم - إلا أن ينزل في الطابق الأسفل وقال له : لك بيتك ، فهذا أسهل وأرفق علينا ، وعلى من يأتينا ضيف من الناس
وكان أبو أيوب كل يوم يلح على الرسول يقول : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، نخاف من مشينا أن يتساقط عليك شيء من تراب !فيقول له النبي :
لا، لك بيتك يا أبا أيوب .
حتى جاءت ليلة باردة ، فانكسرت جرة الماء من يد زوجته ،فأسرع أبو أيوب وزوجته يجففان الماء في غطاء نومهما [[ لأن السقف عبارة عن قصب وعليه طين ، فلو شرب السقف الماء لنزل على الرسول - صل الله عليه وسلم ]] وناموا تلك الليلة بلا غطاء يرجفان من البرد ، وسبحان من أخبر نبيه عن حال أبي أيوب تلك الليلة ، فلما كان الصباح قال : كيف كانت ليلتكم يا أبا أيوب ؟؟ فقال له : وقع من أمرنا كذا وكذا . فقال له - صل الله عليه وسلم -: نصعد نحن إلى الأعلى وتنزلون أنتم إلى الأسفل ، لأنه وجد بها مشقة عليهم ، وهو- صل الله عليه وسلم - الذي وصفه الله *{{ بالمؤمنين رؤوف رحيم }}* .

يقول أبو أيوب: كنا نرسل للنبي - صل الله عليه وسلم - كل ليلة عشاءه ، فإذا رد علينا القصعة [[ يعني الصحن اللي أكل منه ؛ لما يرجعه ]] ، تلمسنا مواضع أصابعه ، فنأكل من مكانها تبركاً . قال أبو أيوب : وفي يوم من الأيام رد علينا القصعة ، فإذا ليس لأصابعه فيها أثر [[ أي لم يأكل من الصحن ولا لقمة ]] ، يقول أبو أيوب : ففزعت وقلت للنبي : بأبي وأمي ؛ رددت إلينا قصعتك وليس ليدك أثر؟؟!! فقال له - صل الله عليه وسلم - : أحسب أن فيها من هذه الشجرة [[ كانوا قد وضعوا له الثوم في الطعام ]] ، وأنا رجل أناجي [[ أي أناجي الله عزوجل ]] ، أما أنتم فكلوا منها . يقول أبو أيوب : فلم نعد نضع له الثوم في طعامه صل الله عليه وسلم .
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《124》*

*(( بناء المسجد النبوي ))*
_______

كل أهل المدينة من مؤمنين صادقين ، أو منافقين بالخفاء ، أو يهود *( قينقاع وقريظة والنضير)* ، كلهم ينتظرون ما هو برنامج عمل النبي بعد وصوله إليهم وقد اختار المدينة وخلع أهل مكة ؟؟ فالبعض يتوقع أن يجهز جيشا لغزو مكة ؟؟ والبعض يتوقع أن يخرج ويعلن خطاب العرش ويعلن سياسة الدولة ؟؟ والبعض يتوقع أن يصدر تعيين نائب له !!! الجميع يتساءل ما هو أول عمل سيقوم به رسول الله ؟؟ وقد خرج - صل الله عليه وسلم - من مكة وترك زوجتيه *سودة وعائشة* ، وترك بناته الأربعة *زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة* ، وأبو بكر ترك بناته وزوجته في مكة ؟؟
استطاع النبي في فترة قياسية أن يجعل المجتمع الإسلامي مجتمعا شديد التماسك ، وتغلب على كل مشاكل المدينة التي أخبرتكم عنها في الجزء 119 ، تُرى ماذا فعل صل الله عليه وسلم ؟؟ لقد قام بثلاثة أمور :
*- بناء المسجد - المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار -* *وضع وثيقة المدينة* واليوم سنتحدث عن كيفية بناء المسجد النبوي
خرج صل الله عليه وسلم على الصحابة ، وأخذ رمحا من يد واحد منهم ، واقترب إلى موقع الناقة ، ثم غرس الرمح في المكان الذي بركت فيه الناقة ، ثم قال {{ هنا نبني المسجد إن شاء الله }} ،أول عمل كان هو بناء المسجد ثم قال : لمن هذا المكان ؟؟ قالوا: لغلامين يتيمين هم في كفالة فلان . فقال : أين الغلامين وأين الكفيل ؟ فلما حضروا ؛ وكان الغلامان أحدهما في ١٢ من العمر و الآخر في سن ١٣ ، فتحدث النبي لهم قائلا : إننا نريد أن نبني مسجدا في هذا المكان حيث بركت الناقة ، فكم تريدون ثمن هذه الأرض ؟؟ فقالوا : هي لك يا رسول الله من غير ثمن، بيت لله ، ومنزل لك . قال : لا يكون إلا بثمن ، ولا يكون الثمن إلا ما تريدون وتطلبون ، فطلبوا الثمن ، فدفع النبي - صل الله عليه وسلم - ثمن تلك الأرض وأذن ببناء المسجد . وقد عمل الرسول مع الصحابة جميعا في بناء المسجد ، [[ لم يأمر أصحابه بالبناء وجلس في بيته ولما انتهى البناء شرّف الافتتاح وأعطوه مقصا وقص شريط الافتتاح !!!! ]] حيث خلع رداءه - صل الله عليه وسلم - وأخذ المعول وشرع بالعمل بكل اجتهاد وفرح؛ وكان يقول *:اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجره . . .* بدأ المسلمون بتسوية الأرض و إزالة ما فيها من عوائق و تجهيزها للبناء، ثم بناء الجدران من الطوب الترابي المعروف بالبناء قديما ، وكانت أعمدته من جذوع النخل، وسقفه من ورق النخيل ، وكان بناء متواضعا بسيطا ، وارتفاع المسجد على طول الرجل أو يزيد عنه قليلا .
كانت الخطوة الأولى هي بناء المسجد، وببناء المسجد استطاع – صل الله عليه وسلم - تذويب الخلافات بين الأوس والخزرج، و بين طبقات المجتمع . وكان للمسجد دور كبير غير تأدية الصلوات الخمسة ، فكان مقر الحكم و الشورى ، والمعاهدات و القضاء ، واستقبال الوفود ، ومكان لتربية الأطفال ، ومداواة المرضى ، ومأوى الفقراء وعابري السبيل . وفيه تعلم الصحابة أمور دينهم، فكان المسجد أشرف وأرقى جامعة عرفها الإنسان على هذه الأرض ، وخرج منه رجال أصبحوا أساتذة بأخلاقهم و سلوكهم ، وأطاحوا بأعظم دولتين في زمانهم *{{ الفرس و الروم }}* . فمن هذا المسجد تخرجت السرايا والكتائب ، وفيه تعلم الصحابة الجهاد ، فكانوا خير فئة من أمم البشرية كلها ، وكانت شهادتهم عند التخرج من الله - عزوجل - وهذا نص الشهادة من القرآن : *{{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }}* . ما أجملها من شهادة !! وعند بناء المسجد تتجلى النبوءات على نبينا - صل الله عليه وسلم - ونأخذ منها مثالا : تروي بعض كتب السيرة أنّ عمار بن ياسر : [[ والذي كان رقيقا في مكة، ذكرنا قصته حيث قُتل أبوه ياسر وأمه سميّة على يد أبي جهل تحت التعذيب ]] كان عمار - رضي الله عنه - يعمل بجد و اجتهاد مع الصحابة ، ويحمل لبنتين وليس لبنة واحدة ، وكان هناك رجل من الصحابة يحب الأناقة ، ثوبه نظيف ، فكان إذا لمس ثوبه التراب أزاحه بيده ،وكان إذا حمل شيئا يبعده عن ثوبه كي لا يتسخ ، وكان أحد الصحابة ينشد شعرا ( ولا يقصد به أحدا ) ويقول : لا يستوي من يعمر المساجدا .. .يدأب فيها قائما وقاعدا . . . ومن يرى عن التراب حائدا .. ، فكان عمار بن ياسر يُعيد هذه الأبيات و هو يعمل ؛ فغضب الرجل الذي يحب الأناقة ، وظنّ أنه يقصده ؛ فقال ل عمار :
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《125》*

*(( المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ))*
________
عند بناء المسجد قام - صل الله عليه وسلم - فوضع *{{ نظام المؤاخاة }}* بين المهاجرين والانصار ، وكانت هذه الأخوة هي أخوة حقيقية وأخوة كاملة بحيث أن الأخوين يرث كل منهما الآخر، فقال النبي- صل الله عليه وسلم - :إليّ يا معشر المهاجرين ،إليّ يا معشر الأنصار، حتى اقتربوا كلهم واجتمعوا إليه ، فقال : فلتتآخوا في دين الله أخوين أخوين [[ نفهم أن قواعد دولة الإسلام هي مسجد وأخوة في الله ، مش شمالي وجنوبي ، وشرقي وغربي !!! ]] فكان النَّبيُّ - صلَّ اللهُ عليه وسلَّم - يُؤاخِي بَيْنَ المهاجرينَ والأنصارِ، وكان الرَّجلُ مِنَ الأنصارِ يُشاركُ المهاجِرَ مالَه ودارَه وغيرَ ذلك، وكان إذا ماتَ يرِثُه هذه المهاجِرُ ، فكان الرَّجلُ يُعاقِدُ الرَّجلَ فيقولُ: دمِي دمُك، وثَأْري ثأرُك، وحَرْبي حرْبُك، وسِلْمي سِلْمُك، وترثُني وأرثُك *( و الذين عقدت أيمانكم )* ، وقد استمرّ العمل بقضيّة التوارث زمناً ، حتى استطاع المهاجرون أن يألفوا المدينة ويندمجوا في المجتمع ، وفتح الله لهم أبواب الخير من غنائم الحرب وغيرها ما أغناهم عن الآخرين ، فنسخ الله تعالى العمل بهذا الحكم بقولُه تعالى: *{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}* وقوله أيضا : *{ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله }* أي: وَارِثِينَ يَرِثونَه، فصارَ الإرثُ لِمُستحقِّه مِن أهلِ الميِّتِ، ونُسِخَ الميراثُ بَيْنَ المتعاقِدِينَ ، وبقِيَت النُّصرةُ والرِّفادةُ وجوازُ الوصيَّةِ لهم، وغيرها من معاني الأخوة ، أمَّا الميراثُ فيأخذُه مُستحِقُّه كما في كتابِ الله تعالى .
إن تلك المؤاخاة لم تُقم وزناً للاعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية ، حيث جمعت بين القوي والضعيف ، والغني والفقير ، والأبيض والأسود ، والحرّ والعبد ، وبذلك استطاعت هذه الأخوّة أن تنتصر على العصبيّة للقبيلة أو الجنس أو الأرض لتحلّ محلّها الرابطة الإيمانيّة ، والأخوّة الدينيّة ، وتعلم كل منهم على يد الآخر تعاليم الإسلام ، وتلاشت الحالة النفسية الصعبة للمهاجرين نتيجة الغربة ، و انحلت مشاكلهم الاقتصادية ، فكان هذا نجاحا كبيرا للقائد محمد – صل الله عليه وسلم .
وقد سجّل التاريخ العديد من المواقف المشرقة التي نشأت في ظلّ هذه الأخوة ، ومن ذلك ما حصل بين عبدالرحمن بن عوف و سعد بن الربيع - رضي الله عنهما - حيث عرض سعد على أخيه نصف ماله ليأخذه ، بل خيّره بين إحدى زوجتيه كي يطلّقها لأجله ، فشكر له عبد الرحمن صنيعه وأثنى على كرمه ، ثم طلب منه أن يدلّه على أسواق المدينة ، ولم يمرّ وقتٌ قصير حتى استطاع
عبدالرحمن بن عوف أن يكون من أصحاب المال والثراء .
ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ ، بل إن كثيراً من الأنصار عرضوا على النبي - صل الله عليه وسلم - أن يقسم الأراضي الزراعيّة بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين ، ولكنّ النبي - صل الله عليه وسلم - أراد أن تقوم هذه المواساة دونما إضرارٍ بأملاكهم ، فأشار عليهم بأن يحتفظوا بأراضيهم مع إشراك إخوانهم المهاجرين في الحصاد ، وقد أورث صنيعهم هذا مشاعر الإعجاب في نفوس المهاجرين ، حتى إنهم قالوا للنبي - صل الله عليه وسلم - : يا رسول الله ما رأينا قوما قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ، ولا أحسن بذلا في كثير منهم ، لقد حسبنا أن يذهبوا بالأجر كلّه " ، فكانت هذه التضحيات سبباً في مدح الله لهم بقوله : *{ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }* . وقد حفظ النبي - صل الله عليه وسلم - هذا الفضل للأنصار ، فمدحهم بقوله : *( لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً ، لسلكت في وادي الأنصار )* . وبيّن حبه لهم بقوله : *( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ؛ فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله )* .
وبهذا نستطيع أن نلمس عظمة هذا الجيل الذي تربّى على يد النبي - صل الله عليه وسلم - ، عندما كانت الأخوة الإيمانيّة هي الأساس لعلاقاتهم ، فما أحوجنا إلى أن نتّخذ هذا المجتمع الفريد قدوة لنا في تعاملنا وعلاقاتنا .
وأثناء بناء المسجد النبوي ، خرج - صل الله عليه وسلم - يتفقد المدينة ، فقد أصبحت مدينته ، فوجد أن السوق الرئيسي فيها يملكه يهود [[ واليهود دائماً يضعوا أيديهم على شرايين الاقتصاد ، متخصصون بصياغة الذهب ، وتصنيع السلاح ]] فإذا ملكوا النقد وملكوا السلاح ماذا بقي لغيرهم ؟؟!! فلما رأى ذلك - صل الله عليه وسلم - جاء إلى موقع قريب من المسجد ، وأخذ عودا وخط به بالرمال ثم قال : يا معشر المؤمنين، هذا سوق المسلمين لا يملكه أحد ، السوق لمن سبق ، ولا يبيع فيه أحد على بيع أخيه ، فنقل تجارة المسلمين إلى سوق كان يشرف عليه هو- صل الله عليه وسلم – ويمنع الغش
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《126》*

*((حجرات زوجات النبي- صل الله عليه وسلم -))*
_______
المسجد النبوي كان يضم بيت النبي - صل الله عليه وسلم - لكل زوجة من زوجاته حجرة [[ يعني غرفة صغيرة ]] بنى حجرتين ، وكانت الحجرة تُبنى مثل المسجد من لبن التراب، سقفها ورق النخيل ،على أبوابها *المسوح* [[ يعني جلد الأنعام الذي عليه الشعر]] ولم تُبن حجرة أخرى إلا إذا تزوج من زوجة جديدة ، فكلما جاءت زوجة اتخذ لها حجرة إلى جوار ما قبلها ، حتى اكتملت حجرات أزواج النبي - صل الله عليه وسلم - إلى *{{ ٩ حجرات }}* ، وبعد أن ارتحل النبي - صل الله عليه وسلم - بقيت حجرات أزواج النبي، فكلما توفيت زوجة من أمهات المؤمنين أغلقت حجرتها وبقيت حتى فرغت الحجرات كلها إلى أيام حكم الأمويين .
وكان أمير المدينة *{{ عمر بن عبد العزيز }}* ، فبعث إليه الخليفة الأموي أن يضم حجرات أزواج النبي إلى المسجد من أجل التوسعة ، وكان في ذلك الوقت إمام المسجد النبوي *{{ سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين }}*، فلما عزم عمر على ذلك خشي ردة الفعل عند أهل المدينة ؛ فلما شاورهم بالأمر، قال له ابن المسيب : لا والله ، لا نراه فعل حسن .
لماذا اعترض سعيد بن المسيب ؟؟ لأن هذه الحجرات شاهدة على زهد وتقشّف النبي – صل الله عليه وسلم – في الوقت الذي يعيش فيه بعض الأمويين في ترف ، فعندما يزورون المدينة المنورة يتفاجؤون بتواضع بيت النبي عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم .
يقول الحسن البصري ( كانت أمّه تخدم عند أم سلمة زوجة النبي– صل الله عليه وسلم – فنشأ في طفولته في بيت النبي ) :
قبل أن أناهز الحلم وأنا صبي ، كنت أدخل حجرات أزواج النبي فأنال أعلاها بيدي [[ صبي يرفع يده في غرف أزواج النبي تصل يده للسقف ، تخيلوا كيف كان بيته - صل الله عليه وسلم - ؟؟؟!! ]] يقول : وكان بعضها من لبن الطين وبعضها من الحجارة يعني حجر فوق حجر وبينها فراغات .
ويُروى أن النبي - صل الله عليه وسلم – كان يقوم الليل في حجرة عائشة ، ومن ضيق الحجرة تقول عائشة : " فإذا سجد قبضت رجلي ، و إذا قام بسطتهما " . و مرّة دخل يوما على عائشة - رضي الله عنها - فوجدها تضع الطين على الشقوق ؛ كأي زوجة تهتم في منزلها وتزينه
قال : " ما هذا يا عائشة ؟!! قالت : أضع الطين بين الشقوق . قال : يا عائشة ، مالي وللدنيا ؟؟ إنما مثلي ومثلُ الدُّنيا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ ثم راحَ وتركها " .
حبيبي يا رسول الله ، هذه حقيقة الدنيا ، ليتنا ندرك ذلك !! ليتنا نفهم أنه كان بيده مفاتيح كنوز الأرض – صل الله عليه وسلم - ولكنه اختار حياة التقشف .إذن هُدمت حجرات أزواج النبي - صل الله عليه وسلم - وضمت إلى المسجد في عصر بني أمية .
[[ حجرات زوجات النبي درس للذين لا يقتنعون ولا يرضيهم شيء ، هذا بيت نبيكم - صل الله عليه وسلم - فلو كنت تعيش بالإيجار ولا تملك منزلا فلا تتحسر، الأرزاق بيد الله ، ولك في رسول الله أسوة حسنة ]] .
______
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
*********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《127》*

*((هجرة بنات النبي وزوجاته، ومشروعية الأذان ))*
_______
قلنا إنّ النبي - صل الله عليه وسلم - هاجر مفرداً بصحبة أبي بكر- رضي الله عنه - ولم يصطحب أهله ، [[ لأنه هاجر من أجل الدين وابتغاء وجه الله وكذلك الصديق ]] ، فلما استقر في المدينة اختار – صل الله عليه وسلم - مولاه *أبي رافع وزيد بن حارثة* وأرسل معهم الدليل *{{ ابن أريقط }}* ليأتوا بعائلة بيت النبوة من مكة ،فانطلقوا وأتوا بأهل بيت النبي - صل الله عليه وسلم -.
وخرج بصحبتهم آل الصديق {{ زوجة أبي بكر ويقال لها أم رومان، والسيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي زوجة " الزبير بن العوام " وكانت تحمل بابنها "عبدالله بن الزبير" في الشهر التاسع ، فما إن وضعت قدمها في المدينة المنورة حتى وضعت مولودها ، فكان أول مولود من المهاجرين في أرض المدينة المنورة ، وكان معهم أيضا السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق ، زوجة النبي التي لم يبن بها بعد [[ لأنه كما قلنا خطبها في مكة والخطبة في الإسلام تعني الزواج ، والبناء " الدخول " لم يتم إلا بالمدينة ]] . قدم هذا الركب المبارك من أهل بيت النبوة ، وآل الصديق ولم يتخذ - صل الله عليه وسلم - لأهله إلا حجرة واحدة لزوجه سودة وحجرة أخرى تضم ابنتيه }}.
مشروعية الأذان
الأذان معناه في اللغة : *الإعلام* . وفي الشرع : *الإعلام بوقت الصلاة* . فبعد بناء المسجد النبوي كانت الصلاة تعقد جماعة ولم يكن هنالك أذان ، فكانوا يحضرون إلى الصلاة عند وقت الصلاة ، فجمعهم النبي - صل الله عليه وسلم - يوماً وقال : لنتّخذ وسيلة تعلن وقت الصلاة ؛ فقال رجل منهم : نرفع راية يا رسول الله ، يحملها رجل على ظهر المسجد ، فإذا حان وقت الصلاة ، فيراها الناس فيتجمعون . فقال عليه الصلاة و السلام : إنها لا تصلح للنائم في الفجر ، ولا تنبه الغافل في الأسواق . فلم يعتمد هذا الرأي . فقالوا : نشعل ناراً فيراها الناس .فرفضها النبي - صل الله عليه وسلم - لأنها شعار المجوس . قالوا : ننفخ في البوق كما يفعل اليهود . فقال : إنا لا نريد تقليدهم . فقالوا : نضرب الناقوس [[ أي الجرس كما تصنع النصارى]] قال : إنه فعل النصارى .فقال قائل : نبعث من ينادي في الطرقات {{ الصلاة جامعة }} ، فاستحسن النبي - صل الله عليه وسلم - هذا الرأي ، وأمر أربعة من الرجال ينادون في وقت الصلاة من جهات المسجد الأربعة {{الصلاة جامعة ، الصلاة جامعة }} ، فيجتمع الناس للصلاة .
ومضت هذه الطريقة أياما ، والنبي - صل الله عليه وسلم - يفكر في موضوع النداء إلى الصلاة ، وكان هناك شاب اسمه *{{ عبد الله بن زيد الأنصاري}}* كان يتردد إلى النبي - صل الله عليه وسلم - ويتحدث معه في أمر الأذان ، يقول هذا الصحابي : فذهبت ليلتها وأنا أفكّر في ذلك الحديث، فطاف بي من الليل طائف وأنا نائم ، رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على خيرٍ من ذلك فقلت : بلى . قال تقول : {{ الله أكبر الله أكبر .. الله أكبر الله أكبر .. أشهد أن لا إله إلا الله .. أشهد أن لا إله إلا الله .. أشهد أن محمدا رسول الله .. أشهد أن محمدا رسول الله .. حي على الصلاة .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح .. حي على الفلاح .. الله أكبر الله أكبر ..لا إله إلا الله }} ثم استأخر غير بعيد [[ أي ابتعد عنه ]] ثم قال: تقول إذا أقيمت الصلاة : {{ الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن ّمحمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله }} .
قال : فلما أصبحت ، أتيت رسول الله - صل الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت . فقال : إنها لرؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك. قال : فقمت مع بلال ، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به . قال : فسمع ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول : والذي بعثك بالحق؛ لقد رأيت مثل الذي أري . فقال رسول الله - صل الله عليه وسلم - : لله الحمد .
فتم الأذان على هذه الصورة التي تسمعونها ، ليس فيها {{ الصلاة خير من النوم }} في الفجر ، حتى كان بلال في يوم يؤذن للفجر ، فلما قال : حي على الصلاة ، وحي على الفلاح وهو رافع بها صوته ، تذكر أن الناس نيام ، فاجتهد من عنده وقال: {{ الصلاة خيرٌ من النوم }} ، لأن الناس نائمون ، فسمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له بعد أن أتم الأذان : نِعم ما قلت يا بلال ، اجعلها في الفجر دائماً .
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《128》*

*(( إسلام حبر من أحبار يهود ))*
_____
عندما استقر النبي في بيت أبي أيوب الأنصاري، جاء رجل من أحبار يهود كان يُردّ إليه علم اليهودية ، والحبر هو كبيرعلماء يهود، ولا يتصرفون إلا برأيه واسمه *{{ عبدالله بن سلام }}* . يقول عبد الله بن سلام - رضي الله عنه وأرضاه - لأنه أسلم وأصبح صحابي {{ كما جاء في البخاري }} :
جئت لأنظر إلى النبي وأنا أعرف وصفه كما أعرف أبنائي ، وأعرف أنّ به تُختم رسالات السماء ، وقفت بالباب دون أن أعرّف بنفسي ، ونظرت إليه وهو يكلم أصحابه، فسمعته يقول : {{ أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام }} . قال: فنظرت في وجهه فقلت : وربِ موسى وعيسى ما هذا بوجه رجل كذاب !!! إنه هو!! وأخذت أتفرسه حسب ما أعرف من صفاته فأيقنت أنه هو . فدخلت وسلمت، ثم قلت : يا محمد ، أنا عبد الله بن سلام ، وإني لأجد نعتك وصفاتك في كتبنا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؛ ولكن يا رسول الله ، لا تعلن إسلامي على الملأ ، وادع إليك كبار يهود ، فإن اليهود [[ ركزوا ما يقول .. هو منهم ]] فإن اليهود ، أهل بهت وكذب وفجور ، [[ هو حبرهم ، وهو أعرف الناس ، بهم وهذه شهادته بهم ]] . فادعهم يا رسول الله ، واسألهم عني ، واسمع ما يقولون بي .. ثم أعلمهم بإسلامي ، ثم اسمع ماذا يقولون ؟!!!
فقبل النبي مشورته ،وأمر أبا أيوب أن يُدخل عبد الله بن سلام في حجرة داخل البيت ، وأرسل - صل الله عليه وسلم - يدعو أحبار يهود أن يحضروا إليه ، من بني قريظة وقينقاع والنضير . فلما أقبلوا وجلسوا ؛ قال لهم - صل الله عليه وسلم - يا معشر يهود [[ ولم يخاطبهم يوماً بأل التعريف ، لأنهم لا يستحقونها ، فهم نكرة وأنكر خلق الله]] قال : يا معشر يهود ، تعلمون أنه بقي نبي من أنبياء الله تختم به شرائع الله ؟؟ وإني رسول الله إلى الناس كافة ، فاتقوا الله وآمنوا ، ولا تأخذكم العزة بالإثم . فقالوا : لا ، لست أنت المنتظر، نحن أعرف به منك .
فقال لهم :أيكم عبد الله بن سلام ؟؟ [[ انظروا إلى الحكمة؛ كأنه لا يعرف عبد الله بن سلام ]] أيكم عبد الله بن سلام الذي يرجع إليه القوم ؟؟ قالوا : ذاك ليس فينا [[ يعني مش معانا الآن ]] ، قال : فما هو فيكم ؟؟ [[ يعني ماهي منزلته عندكم ؟؟؟ ]] قالوا : هو سيدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا وابن أعلمنا ، وأشرفنا وابن أشرفنا ، وإليه ترجع علومنا .
فقال لهم - صل الله عليه وسلم - : فإن أسلم عبد الله بن سلام ، وصدّق أنني النبي المبعوث؛ فماذا تقولون ؟ قالوا : حاشاه أن يسلم ويؤمن بك!! إنه ينتظر النبي المبعوث . قال لهم : فإن أسلم ؟ قالوا : لن يسلم . قال : فإن آمن بي ؟ قالوا :حاشاه الله أن يؤمن بك فأنت لست نبيا .
فقال النبي - صل الله عليه وسلم - : يااا ابن سلام ؛؛ فخرج من الحجرة وقال : لبيك يا رسول الله . ثم نظر ابن سلام إلى يهود وقال :{{ يا معشر يهود : كنت أحدثكم زمنا عن نبي بقي لم يبعث .. به يختم الله شرائعه ، وقد عرفتكم وصفه ، وكلكم يعرفه ، وإني أشهد أنه هو هذا محمد رسول الله }}
فقالوا له : أنت أكذبنا وابن أكذبنا !! وأنت أسقطنا وابن أسقطنا !! وأنت لا علم لك ولا شرف ولا نسب فينا !! فلماذا نسمع قولك ؟ فقال عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - للنبي وهو ينظر إليه ، قال :أسمعت يا رسول الله ؟!!!! أسمعت ماذا قالوا لك عني قبل قليل ؟؟ واسمع ماذا يقولون الآن ؟؟
[[ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم ، فلم يسمعوا كلمة الحق ، وأسلم عبد الله بن سلام وحده في هذا اليوم ، وكفرت أحبار يهود المغضوب عليهم ]] .
أسلم عبدالله بن سلام ، وأسلم أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين .
______
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《129》*

*(( موقف اليهود من النبي صل الله عليه وسلم))*
_____
أصبح - صل الله عليه وسلم - {{صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في المدينة المنورة }} هو قائدها والمشرع عن الله فيها ، وإن كان الله قد أراحه من سفهاء مكة وقريش وأصنامها ، فقد ابتلاه الله في المدينة بأخس خلق الله وأحقرهم وأسفههم {{ اليهود المغضوب عليهم من رب العالمين }} فانتقل من سفاهة قريش ، إلى سفاهة اليهود ، لأن الله سماهم هكذا ولا نشتمهم تعصبا ولا مزاجية ، قال تعالى في حقهم : *{{ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها }}* عندما حُولت القبلة ، فالله سمى اليهود السفهاء ، فهم أسفهه خلق الله ولا أسفه منهم إلا من وثق بهم وتعامل معهم . كيف لا وقد قالوا لنبيهم موسى - عليه السلام - قالوا له : {{ سمعنا وعصينا }} ، فإذا كانوا يقولون هذا لأعظم أنبيائهم ، فماذا تتوقعون منهم ؟!!! ابتلى الله نبيّنا - صل الله عليه وسلم – بهم ، ولحسن خلقه وسعة صدره صبر عليهم وبدأ مشواره معهم في المدينة ، وليحقق قوله تعالى : *{{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }}* واليهود من العالمين فوسعهم بحلمه .
استقر بالمدينة - صل الله عليه وسلم - وأخذ يوجه الدعوة إلى الله لليهود ، وأخذ اليهود يتقربون منه يريدون أن يستوثقوا أهو النبي الذي ينتظرون أم غيره ؟ ولأول مرة وقعت أبصارهم عليه عرفوه ؛ فساء صباحهم أنه من ولد إسماعيل ، غضبوا على الله لماذا اختاره من العرب ؟؟؟ !![[ كي نعلم أن عداوة اليهود متأصلة منذ أن بُعث محمد من العرب ]] فقد كانوا ينتظرون نبي آخر الزمان أن يكون من ولد إسحاق ويعقوب من بني إسرائيل ، لذلك اختاروا المدينة دار إقامة لهم ، وجاؤوا بقبائل ثلاث *{{ قريظة وقينقاع والنضير }}* وسكنوا في المدينة ؛ لماذا ؟ لأنهم عرفوا في كتبهم موضع ولادته ودار هجرته ، وعند ولادته بشروا به، وأخبروا قومهم أنه طلع نجم أحمد صبح هذه الليلة .. ولما هاجر إلى المدينة قلت لكم في الجزء 128 إنّ أحبار اليهود نظروا إليه وكلموه وعلموا أنه هو .
*حُيي بن أخطب* زعيم يهود : ماذا قال حُيي بن أخطب عن النبي عندما وصل إلى المدينة المنورة ؟ حتى نُجيب على هذا السؤال دعوني انتقل بكم بالسيرة لغزوة خيبر قليلا ، لنربط الحدث مع بعضه البعض :
فتح النبي - صل الله عليه وسلم - *{{ خيبر }}* وهزم اليهود من بني النضير، وتزوّج النبي - صل الله عليه وسلم - *{{ صفية بنت حيي بن أخطب }}* ، فقد أسلمت و اطمأن قلبها بالإسلام - رضي الله عنها – تقول صفية : يا رسول الله ، لقد كان أبي {{ حيي بن أخطب }} سيد بني النضير، وإليه مرجعهم ، وكان عمي {{ أبا ياسر }} حبرا من أحبارهم ، فلما سمعا بمبعثك هما و قبيلتنا اعتراهم جميعا همّ كبير، فما زالوا يترقبون أخبارك ، حتى قدمت إلى قباء ، فلما سمعا بقدومك ، خرجا إليك مغلسين [[ أي من الصباح ]] وكنت أحبّ الأبناء إليهما [[هي تقول عن نفسها كانوا يحبوني أكثر من كل أولادهم ، إذا خرجا وعادا ولقياني هششت لهما ، فأخذاني من دون أبنائهما ]] ،فما عادا إلا مع سقوط القرص ( غياب الشمس ) فاترين كسلانين ، ساقطين يمشيان الهوينى [[ يعني مهدود حيلهم مع أنهم ما حاربوا !! راحوا شافوا أوصاف النبي أول ما وصل لقباء ورجعوا ]] قالت : فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما نظر إلي واحد منهما [[ مش فاضيينلك معمي على قلبهم ]] قالت : فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي حيي بن أخطب يسأله : أهو هو ؟ هل تيقنت منه كما نجده في كتبنا ؟؟ قال له حيي :أجل والله هو .. هو ، وربِ عيسى وموسى هو الذي كنا ننتظره . فقال عمي أبا ياسر: فماذا في نفسك منه ؟ [[ يعني شو موقفك الآن ]] ؟؟ قال أبي : عداوته ما حييت . قالت صفية : فأمسك عمي أبا ياسر بيديّ أبي وقال : يا أخي، أطعني في هذه واعصني بما شئت .. لا تناصب الرجل العداء ما دام نبياً ورسولا فيهلكنا الله !!! فصاح وقال : لا ، لا ، سأعاديه ما حييت .
إذن ، اليهود يعرفون النبي - صل الله عليه وسلم - أكثر ما يعرفون أبناءهم ولما جاءهم ما عرفوا كفروا به ، ومع ذلك كله ، رغب النبي - صل الله عليه وسلم - بإسلامهم ، ولكن لم يؤمن منهم إلا أقل من عدد الأصابع ، وكفروا ولا إكراه في الدين ، ولم يلزمهم ويجبرهم على الإسلام .. ولكن جعل بينه وبينهم معاهدة [[ قوم يجاوروننا في المدينة ، ويدينون بغير ديننا ، إذا يجب أن يكون بيننا وبينهم عهود ومواثيق ]] فكتب – صل الله عليه وسلم - معاهدة تجمع الأوس والخزرج المؤمنين جانباً ، و قبائل اليهود الذين يجاورونهم جانبا آخر : وملخص المعاهدة لهم الحق أن يعيشوا في المدينة كأهل المدينة لا قيود عليهم أبداً ،يبيعون ويشترون ، ولهم حرية العبادة ، ولهم حقوق وعليهم واجبات .. حقوقهم أن تعيشوا معنا بأمان ، وواجبكم إذا هاجمنا أن تدافعوا عن المدينة كما ندافع نحن ، وإذا وقعت بينكم وبين أحد منا دماء الحكم فيها لله . . .
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《130》*

*(( المنافقون في المدينة المنورة ))*
_______
تكلمنا عن موقف اليهود ، من النبي - صل الله عليه وسلم – و الآن نأخذ نظرة أيضاً عن المنافقين فيها ؛ فقد أصبحت المدينة تحت رعاية النبي - صل الله عليه وسلم – وفيها المهاجرون و الأنصار من خيرة خلق الله ، تربوا في مدرسة محمد – صل الله عليه وسلم – أحسن تربية ، حيث كان القرآن يتنزل في الليل والنهار، يبيّن لهم أمور دينهم ،فما أجملها من بيئة ! و ما أروعها من تربية !
ولكن جمال هذه البيئة لم يمنع أن يكون بين صفوف المسلمين منافقون؛ فلم تمنع هذه البيئة الإيمانية *{{ عبد الله بن سلول أن يكون رئيسا للمنافقين }}* ، فقد كان يصلي في الصف الأول في مسجد الرسول ، فإذا ما انتهى الرسول من خطبته ، وقف ابن سلول قائلا : يا معشر من آمن بالله ورسوله .. اسمعوا ، وأطيعوا ، وانصروا تُرحموا يرحمكم الله [[ أريتم النفاق وأهله ؟ كيف يرفع برقية ولاء وتأييد بين يدي النبي في كل خطبة ؟!ّ وفي نفس الوقت يكيد للنبي والمؤمنين في كل ساعة ]] . وقد نزلت فيه آيات تفضح صفاته وذلك عندما قال عبارة لنصرة رجل من الأنصار في إحدى الغزوات : ( عندما نرجع إلى المدينة سيُخرج الأنصار الأعزاء ، المهاجرين الأذلّاء ) فنزل القرآن يفضحه ، ويذكر كلماته ، كلمة ، كلمة : قال تعالى :
*{{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }}* ، سماه الله منافقا في القرآن الكريم ، ومع هذا ؛ ولأن المنافق لا يستحي ، والنبي - صل الله عليه وسلم - يقول : *{{ إن لم تستحي فاصنع ما شئت }}* ، ومع ذلك قام أيضاً ابن سلول في الجمعة التي تلي نزول هذه الآية ليكمل نفاقه ، وقف وقال : يا معشر ... وقبل أن يتم كلامه كان رجل من الأنصار من قومه - أنصاري خزرجي ، ويعتبر ابن سلول سيده وأميره – قام و جذبه من ثوبه ، حتى أنزل ركبتيه إلى الأرض وقال له : اجلس قبحك الله ألا تستحي ؟!!!!! ماذا تقول بعد أن نزل فيك قرآن يتلى أترى أحد يثق بك أو يصدقك ؟؟ !! فغضب ابن سلول ، ونفذ صبره لأنّ المنافق لا يصبر ، فالمؤمن هو الصبور، فقام ابن سلول ، وتخطى الصفوف ، وهو يشتم ويلعن وخرج من المسجد والنبي على المنبر!! حتى لقيه رجل من قومه على باب المسجد فقال له :ويحك !! أين تخرج ورسول الله يخطب ؟ قال :قمت أؤيده ، وأشد أزره ، كما أفعل كل جمعة فقام أصحابه يتجاذبونني من ها هنا !! [[ شايفين النفاق ؟! كلمة تقال في مجلس على بعد ١٠ أمتار بتصير قصة ، أليس هذا واقعنا ؟؟ ]] .فقال له الرجل : ويحك ارجع يستغفر لك رسول الله . قال ابن سلول : لست بحاجة إلى استغفاره ، وأدار وجهه إلى الجهة الأخرى .فقال له الرجل الأنصاري : إني لأرجو الله أن ينزل في لوية عنقك هذه ، قرآنا يتلى إلى قيام الساعة [[ أنظروا إلى صدق الصحابة وقلوبهم كيف كانت معلقة بالله ]] وما هي إلا أن انتهى النبي - صل الله عليه وسلم - من صلاة الجمعة ، وإذ بجبريل يهبط عليه بالقرآن :
*{{ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون * سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين }}* .
أريتم هذا المجتمع الذي إذا تمنى فيه أحد من المسلمين الصادقين على الله أن ينزل آية .. أنزلها الله كما يريد .. أي مجتمع هذا ؟ ولكنه لم ينفع إنسانا فُطر على النفاق ، فلا نعلق فشلنا وبُعدنا عن دين الله على شماعة شيء يقال له {{ المجتمع }} والسيرة للتأسي برسول الله وصحابته الكرام .. هذا هو المجتمع المدني وحال الصحابة ، وهكذا كان المنافقون بينهم .
ننتقل الآن بإذن الله ، إلى باب الغزوات والسرايا لنتعلم الكثير من رجال تهتز الجبال لقوة إيمانهم و شجاعتهم ، وكل الأجزاء القادمة تمهيد لغزوة بدر ؛ أعظم غزوة وقعت في مواجهة الكفر ، و يجب متابعة كل الأجزاء لنفهم أكثر عن هذه الغزوة ، ونأخذ منها الدروس و العبر .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《131》*

*(( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ))*
______

ذكرنا سابقا أنّ مجتمع المدينة فيه مهاجرون و أنصار ، وفيه منافقون ، وفيه اليهود أيضا الذين عقد معهم النبي – صل الله عليه وسلم - معاهدة ، وبيّنا كيف استطاع النبي حل المشاكل المعقدة مع كل هذه الفئات في المجتمع ، و لا يفوتنا أن نذكر أن حول المدينة قبائل متعددة و أناس كثيرون ، منهم من يوالي في باطنه قريش وفي ظاهره لا يعادي المسلمين ، ومنهم من يوالي المسلمين في باطنه ، ولكنهم يخشون قريشا فلا يظهرون تضامنهم مع المسلمين .
في ظلّ هذه الأوضاع كانت تصل الأخبار إلى المسلمين في المدينة أن قريشا وضعت يدها على كل أملاكهم في مكة ، حتى بيت النبي - صل الله عليه وسلم - استولى عليه *عقيل بن أبي طالب* [[ ابن عم النبي ،وأخو علي رضي الله عنه ]] وباعه لغيره ، لئلّا يكون ملزما في رده في يوم من الأيام ، وبلغت الأخبار النبي - صل الله عليه وسلم وأصحابه – أنّ قريشا أيضا تؤذي المسلمين في مكة أذى شديدا ، فقد كان هناك في مكة بعض المستضعفين الذين حبسوا ومُنعوا من الهجرة ، وقامت قريش أيضا بأخذ أموال المسلمين في مكة ، فاستأذن رجال من أصحاب النبي - صل الله عليه وسلم -{{ كحمزة ، وعلي وغيرهم }} أن يقاتلوا قريشا ، و ينتصرون للمسلمين ، و يستعيدون أموالهم ، فكان جوابه - صل الله عليه وسلم - *{{ إن الله لم يأذن لي }}* ، واستمرت هذه الحال *سبعة أشهر تقريبا* ، وبعد مرور {{ قُرابة سبعة أشهر}} من وجود المسلمين في المدينة ، أذن الله لهم بالقتال . قال تعالى :
*{{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }}* ومعنى قوله تعالى ((بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)) يعنى أذن للمسلمين القتال حتى يرفعوا عن أنفسهم الظلم الذي وقع عليهم ، سواء بمصادرة أموالهم وديارهم ، أو حبس المستضعفين من المسلمين بمكة وتعذيبهم وفتنتهم عن دينهم . فكان هذا إذن من الله -عزوجل -للنبي - صل الله عليه وسلم - وصحابته الكرام بأن يتمرنوا على القتال ويدافعوا عن أنفسهم ؛ على خلاف {{ المنهج المكي}} ففي مكة كان الله - عزوجل - يُصبّر نبيه - صل الله عليه وسلم -
*{{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ }}*
وكان النبي - صل الله عليه وسلم يُصبّر- أصحابه ، و يقول لهم اصبروا ، وصابروا والله ، ليتمنّ الله هذا الأمر .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
*******
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《132》*

*(( سرية سيف البحر .. أول سرية في الإسلام ))*
_______

. . . فلما أنزل الله – عزوجل – آيات الإذن بالقتال ؛ في *{{ شهر رجب }}* من السنة *الأولى* بعد استقرار النبي - صل الله عليه وسلم - في المدينة المنورة : " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا " ، كان الصحابة لم يقاتلوا بعد ، وقريش لم تخرج لهم بجيش ، فشرع - صل الله عليه وسلم - *" السّرايا "* ، وهي التي تُعرف بلغة عصرنا *{{ المناورات }}* ، والسرية مصطلح يُطلق على الحملات التي كان النبي – صل الله عليه وسلم – يبعث بها الصحابة لاستطلاع أخبار الأعداء ، و أحيانا لقتالهم ، وقد تصل إلى 300 رجل .
وليكن معلوما لدى القاصي و الدّاني إنّ ما قام به المسلمون من سرايا و غزوات ومعارك ضد المشركين لم تكن بسبب حبهم لسفك الدماء، أو لأن دين الإسلام دين قتل ودمار- كما يقول أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى والملحدين - إنما كانت لهذه المواجهات أسبابها المعلومة لدى الجميع ، بما فيهم هؤلاء المفترين، ولكنهم جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوا ، ومن هذه الأسباب أنّ المشركين منعوا المسلمين من مهمتهم الأساسية على الأرض ، وهي نشر دين الله الحق ، فأراد المسلمون إظهار هيبة الإسلام و المسلمين ، كذلك الظلم الذي وقع على المسلمين من المشركين من هدم بيوتهم ، وأخذ أموالهم وإخراجهم من ديارهم ، كذلك فإنّ المسلمين لا يأمنون مكر قريش ، و الهجوم هو خير وسيلة للدفاع ، وغير ذلك من الأسباب .
أرسل الرسول – صل الله عليه وسلم - أول سرية في الإسلام في *شهر رمضان* ، ولم يفرض الصيام عليهم بعد [[ كان الشهر اسمه رمضان ولكن لا يعرف بشريعة الصيام ]] فاختار- صل الله عليه وسلم -عمه *{{ حمزة بن عبد المطلب }}* ، وعقد له لواء ، وبعث معه *{{ ٣٠ رجلا كلهم من المهاجرين }}* ، وأرسلهم ليعترضوا عيرا لقريش [[ قافلة التجارة لقريش ]] جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل . فأنتم أيها المهاجرون أصحاب الحقوق ، أنتم الذين قُتلتُم ، أنتم الذين أخرجتُم ، فجعل هذه السرية {{ ميدانا تدريبيا لهم }} ، وصل حمزة - رضي الله عنه - إلى منطقة *سيف البحر*
*[[ ساحله ]]* ، ليعترض تجارة قريش . طبعا قريش قد أخذت أموال المهاجرين وأملاكهم ، وأموال الصحابة ، موجودة بهذه التجارة فما هي تجارة قريش ؟
وصفها الله في القرآن رحلتين : رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، ولا يعني ذلك رحلتين بالعدد ، و إنما يعني جهتين . وكانت تجارة قريش آمنة لا يعترضها أحد من العرب ذلك لأنهم أهل الحرم ، والعرب كلها ستأتي في موسم الحج للحرم فلا بد للعرب جميعا أن تكون علاقتهم مع قريش طيبة .
قرر - صل الله عليه وسلم - أن يقطع على رجال قريش طريق تجارتهم جزاءً بما كسبوا ، ولا بد لطريق تجارتهم أن يمروا بالمدينة أو أطرافها ، فعقد لواء لعمه حمزة و {{ ٣٠رجل }} من المهاجرين ليعترضوا تجارة قريش ، فلما وصلوا كان على رأس القافلة فرعونهم {{ أبو جهل }} وعدد قريش في حماية القافلة 300 رجلا ، يعني كل صحابي يجب أن يقابل ١٠ من قريش ، فلما استعد الفريقان للقتال ، خرج رجل اسمه *{{ مجدي بن عمرو }}* وكان قد التقى الفريقان في أرضه ، فوقف وحجز بين الفريقين وأقسم عليهم أن لا يتقاتلوا ، وكانت قريش أصلا قد شعرت بالخوف ، وظنّ رجالها أن هذه السرية مقدمة لجيش المسلمين ، فقبلوا قريش هذا الرجاء ، وانصرف الفريقان دون قتال . فلما رجع رجال السّريّة إلى المدينة ، ذكروا ذلك للنبي - صل الله عليه وسلم - فشكر لمجدي هذا الصنيع ؛ وذلك لقلة عدد الصحابة ، وكثرة المشركين ، وبعدهم عن ديار المسلمين فلا يصلهم المدد .
وكانت السرية الثانية سرية *[[عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، يعني ابن عم النبي ]]* ، حيث عقد له لواء آخر يقدّر ب80 رجلا أيضاً كلهم من المهاجرين ،وأرسلهم إلى *رابغ* لاعتراض قافلة قريش، فما إن وصلوا حتى تراشقوا بالنبل، وكان أول سهم رمي في سبيل الله ، رماه الصحابي الجليل *{{سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه}}* ،وقد أصابوا من بعضهم وظنت قريش أيضاً أن عدد المسلمين إنما هو طليعة لجيش ، فهربت قريش وكان على رأس هذه التجارة أبو سفيان وكان عدد المشركين {{ ٢٠٠ رجل }} ، فهذه السرية أعطت معنويات إيجابية للمسلمين ، ومعنويات سليبة في نفوس قريش ، وشاعت هذه الأخبار على لسان الشعراء من العرب ، فأصبح الناس يتحدثون {{ أن محمدا وأصحابه قد قطعوا تجارة قريش ، وأنهم هزموهم يوماً من الأيام }} .
وكانت السنة الأولى كلها سنة هجوم على قوافل قريش، فلقد جهز رسول الله - صل الله عليه وسلم – عدة سرايا لاعتراض عير قريش واستمرت هذه السرايا من رمضان السنة الأولى للهجرة إلى رمضان في السنة الثانية من الهجرة، بعضها وقع فيها التناوش ، وبعضها تفلت العير، وكان قادة هذه السرايا جميعًا من المهاجرين، وكان لهذا معنى
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《133》*

*(( سريّة عبد الله بن جحش ؛مقدمة غزوة بدر الكبرى ))*
_______

كانت سرية *{{ عبدالله بن جحش ابن عمة النبي }}* - رضي الله عنه – هي مقدمة لغزوة بدر [[ هذه هي قوة و عزّة المسلمين : ضاع حقنا ، وظلمتنا قريش ، نحن نعرف كيف نستعيد حقنا ، لأن قريش أخرجتهم بالقوة ، و ملّة الكفر لا ترجع عن ظلمها إلا بالقوة ]] .
ففي *رجب* قبل *{{ رمضان من السنة الثانية }}* ، عقد - صل الله عليه وسلم - لواء لثمانية رجال من المهاجرين ، كان أميرهم *{{ عبدالله بن جحش }}* ، ولم يّبيّن لهم - صل الله عليه وسلم - الجهة ، فقد بدأت طوالع الجد الآن ، فقال لعبدالله بن جحش : امض في هذه السرية وهذا كتابي [[ أمر كاتب أن يكتب له وأغلق الكتاب والصحابة مؤتمنون ]] وقال له : تسير من المدينة يومين ، لا تفتح الكتاب ، حتى إذا قطعت السير يومين عن المدينة ، افتح الكتاب وانظر أمري فيه . [[ هل رأيتم كيف يعلمهم السر والكتمان في القتال ؟؟ حتى لا تعلم قريش ، فعدد السرية قليل ، وقد شاع نفاق المنافقين وأصبح اليهود يتعاطفون مع قريش ]] . فأخذ - صل الله عليه وسلم - يعلمهم السياسة و الحنكة في التعامل مع الأعداء ، وقد قلنا من قبل : السيرة منهاج حياة ، من أراد الفقه و التربية و الاقتصاد و كافة العلوم " فعليه بالسيرة " .
مضى عبدالله بن جحش مع أصحابه ، حتى إذا خرج من المدينة باتجاه مكة ، ومضى يومين فتح كتاب رسول الله - صل الله عليه وسلم - وإذا مكتوب به :
*[[ إذا قرأت كتابي ونظرت ما فيه ، فانزل نخلة ( نخلة على أطراف مكة ) وارقب لي قريشا ، واعلم لي أخبارها ( والسبب أنّ قريشا كانت قد خرجت في تجارة عظيمة ، ما من قرشي رجل أو امرأة يملك درهما وما فوق إلا ساهم في هذه التجارة ) ، ولا ترغم أحدا من أصحابك على ذلك ، وخيّرهم بين المضي معك أو الرجوع إلى المدينة ]]* . فلما قرأ عبدالله كتاب النبي - صل الله عليه وسلم -
قال : سمعاً وطاعة يا رسول الله ، ثم قرأ الكتاب على أصحابه فقالوا جميعهم : نمضي لأمر رسول الله - صل الله عليه وسلم - . ومضوا وكان معهم أربعة جمال ، كل اثنين لهم بعير ، وكان سعد بن أبي وقاص ورجل آخر ، يركبون بعيرا واحد ، وفي ذات ليلة أضاعوا البعير ، فلما ذهبا يبحثان عنه أضاعوا الركب، فضاعت البعير وضلوا طريقهم عن عبدالله بن جحش ومن معه . . .
فمضى عبدالله بن جحش ومن بقي معه {{٦ رجال }} ونزلوا في نخلة ، فكانت قافلة لقريش قادمة من اليمن وطريقها من نخلة ، فجاءت القافلة فيها الخير الكثير ، ورجالها قليل ، وكان أمير هذه التجارة رجل من قريش اسمه *{{ عمرو بن الحضرمي }}* . فلما وصلت التجارة نظر الصحابة وتحيروا !! قالوا : هذه تجارة لقريش ورسول الله أمرنا أن نرقب ، ولم يأمرنا بقتال ، ماذا نفعل ؟!! هل نهاجمها ونأخذ أموالنا منها ؟ أم نرقب أخبار قريش فقط ؟؟ ثم قالوا :أين نحن من رجب ؟؟؟ [[ فكانت الليلة الأخيرة من رجب ، ورجب من الأشهر الحرام والعرب تخاف القتال في الأشهر الحرم ]] فتساءلوا : هل غداً شعبان أم تتمة رجب ؟ فراقبوا الهلال ، فغم عليهم [[ لأن الطقس كان غائماً وماطراً فكان الموسم شتاء ]] ، فاجتهدوا ، وقالوا إنه آخر رجب ، و لا بأس أن نغزو القافلة
وكان عدد رجال قريش في القافلة {{ ٦ رجال فقط }} ، وعدد الصحابة أيضا {{ ٦ رجال }} ، فاجتهدوا وأغاروا على القافلة ، وأسرع رجل من الصحابة ، وأخذ سهما وزرعه في كبد عمرو الحضرمي فقتله ، وهرب اثنان من رجل قريش وأسروا منهم اثنين ، وأخذوا القافلة بما فيها {{ فكانت أول غنيمة للمسلمين }} من قريش ، واستطلعوا الأخبار ؛ فعرفوا أن هناك قافلة لقريش ستأتي من الشام ، وهي في طريقها لمكة ، قد تصل في رمضان أو نهاية شعبان ، هكذا الناس يتحدثون .
رجع الصحابة الستة إلى المدينة ، و ظنّوا ان سعد بن أبي وقاص وصاحبه ، قد أسرتهما قريش ، وأخبروا النبي- صل الله عليه وسلم – بما حدث معهم فبيّن لهم أنّ اليوم الذي قاتلوا فيه كان آخر يوم في رجب [[ يعني حصل القتال في يوم رجب من الأشهر الحرم ، وهذا جريمة عند العرب ]] ، فغضب النبي - صل الله عليه وسلم - وأوقف العير بما فيها ، لا يأخذ منها درهما واحدا ، و احتفظ بالأسيرين .
أرسلت قريش تشيع في العرب : محمد الذي يدعو إلى التوحيد ، ومكارم الأخلاق ينتهك الشهر الحرام ويحاربنا في الشهر الحرام !!! يا لهذه الجريمة وهذا العيب !! [[ أما مش جريمة كم واحد عذبوهم في البيت الحرام والأشهر الحرم وزهقت أرواحهم ، مش جريمة طردوهم من مكة ، مش جريمة منعوهم الصلاة ، أليس هذا واقعنا اليوم مع ملة الكفر ؟؟ ]] .
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《134》*

*(( غزوة بدر و شهر رمضان ))*
______

بداية نؤكّد دائما لكل العالم إنّ ما قام به المسلمون من سرايا و غزوات ومعارك ضد المشركين لم تكن بسبب حبهم لسفك الدماء، أو من أجل أن يسترد - صل الله عليه وسلم - بعض الأموال ، أو لأن دين الإسلام دين قتل ودمار- كما يقول أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى والملحدين - بالطبع لا .... ، إنما كانت لهذه المواجهات أسبابها معلومة لدى الجميع ، بما فيهم هؤلاء المفترين، ولكنهم جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوا .
ومن هذه الأسباب أنّ المشركين منعوا المسلمين من مهمتهم الأساسية على الأرض ، وهي نشر دين الله الحق ، فأراد المسلمون إظهار هيبة الإسلام و المسلمين ، كذلك الظلم الذي وقع على المسلمين من المشركين من هدم بيوتهم ، وأخذ أموالهم وإخراجهم من ديارهم ، كذلك فإنّ المسلمين لا يأمنون مكر قريش ، و الهجوم هو خير وسيلة للدفاع ، فأراد – صل الله عليه وسلم - أن يفرض ما نسميه اليوم {{ حصارا اقتصاديا على مكة }} ، فقريش تحتل مكة ، بلد الله الحرام ، وتضع الأصنام حول الكعبة وفوقها ، وهناك من يطوف بالبيت عريانا، وكل هذه أوضاع، غير مقبولة، ولا يمكن أن يسمح الرسول - صل الله عليه وسلم – باستمرارها ، و أيضا الكعبة وبيت الله الحرام ملك للمسلمين، ويجب أن تكون تحت حكم المسلمين ، و قريش تمنع المسلمين من زيارة بيت الله الحرام أو العمرة أو الحج .
وأيضا قريش لها مكانتها في الجزيرة، وهي تستغل هذه المكانة في الدعاية ضد المسلمين ، وتشويه صورتهم ، كما تستغلها في تخويف العرب من الانضمام لمعسكر المسلمين، أو الدخول في الاسلام، وهي أيضا تحبس عددا من المسلمين المستضعفين في مكة، وتعذبهم وتفتنهم عن دينهم، كلّ ذلك جعل من قريش هي العائق الأول للرسول - صل الله عليه وسلم - في نشر الرسالة في الجزيرة ثم في العالم بعد ذلك ، لأن رسالته {{ للناس كافة }} .هذا هو رسول الله - صل الله عليه وسلم - {{ النبي القائد }} الذي يفكّر دائما في رفع هيبة المسلمين .

*بدر و شهر الصّيام*
شهر رمضان كان معروفا عند العرب بهذا الاسم ، الذي كان مجيئه وقت أن كان بدء الحر وشدته وهو ما يسمى *"الرمضاء"*، أمّا عند المسلمين فقد ارتبط الاسم " بالصيام " لما فيه من صبر و تحمل للجوع والعطش ، ومعركة بدر كانت في *{{ ١٧رمضان }}* من السنة *الثانية للهجرة* ، وكانت فريضة الصيام قد شرعت على المسلمين في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، أي قبل الغزوة بشهر تقريبا .
وكان الرسول - صل الله عليه وسلم - والصحابة قبل أن يُفرض الصيام يصومون بعض الأيام ، لأن الصيام جاء بالتدريج في أول الأمر، مثل ما جاءت كثير من التشريعات بالتدريج مثل الصلاة و الجهاد و تحريم الخمر . . . وأول صيام كان لما دخل النبي- صل الله عليه وسلم - للمدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله - صل الله عليه وسلم - : ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه [[ يوم انشق البحر لسيدنا موسى عليه السلام ]] فصامه موسى شكرا ، فنحن نصومه . فقال رسول الله - صل الله عليه وسلم - : نحن أحق وأولى بموسى منكم ، فصامه - صل الله عليه وسلم - و أمر أصحابه بصيامه . ثم فرض الرسول - صل الله عليه وسلم - بعد ذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر {{ ما نسميه الأيام البيض }} ثم فرض الله صيام شهر رمضان وكان تخييرا أيضا في البداية ، إلى أن نزل قوله تعالى :
*{{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }}* .

اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
**********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《135》*

*(( خروج المسلمين لبدر ))*
_________

غزوة بدر تسمى *{{ بدر الكبرى }}* ، وتسمى *{{ يوم الفرقان }}* كما سماها الله في القرآن الكريم ، وبدر هي التي أحقت الحق وأبطلت الباطل ، وهي يوم نُصرت فيه القلة على الكثرة ، فقلبت موازين الكون ، لأن القاعدة الشعبية تقول {{ الكثرة تغلب الشجاعة }} ، ولكن صدق الإيمان غلب الكثرة ، وجعلت الكفار يولون الأدبار، و{{ بدر }} أعظم درس للمسلمين على مرّ الزمان ، خاصة في ظل الظروف التي يعيشونها الآن .
قرر- صل الله عليه وسلم - أن يترقب قافلة قريش عند عودتها من الشام الى مكة ، وكل المعلومات تقول إنها قافلة ضخمة، واستيلاء المسلمين عليها تعتبر ضربة اقتصادية قوية جدا لقريش ، كما علم أن الحراسة التي على تلك القافلة ضعيفة لا تتناسب مع ضخامتها ، وأنها لا تزيد على سبعين رجلا ، وأنها *{{ بقيادة سيد قريش أبو سفيان }}* .
وقف - صل الله عليه وسلم - بين أصحابه وقال لهم : هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها، لعل الله يجعلها غنيمة لكم ، وكلمة العير تعني [[ الإبل التي تحمل التجارة ]] ، وقال : من كان ظهره حاضرا فليركب معنا ،[[ ومعنى الظهر في اللغة يعني الدابة، أي الناقة أو الحصان، فمن كانت ناقته أو حصانه جاهزا فليأت معنا ]] ، فجعل بعض الصحابة ، يسأذنون النبي - صل الله عليه وسلم - في أن يأتوا بدوابهم من خارج المدينة، فلم يأذن لهم النبي وقال : لا ، إلا من كان ظهره حاضرا ، [[ لأن النبي - صل الله عليه وسلم - كان متعجلا ، ويخشى أن تفوته هذه القافلة عند رجوعها من الشام ، فعرف الناس أن الرسول لا يريد قتالا، لأنها عير لقريش فيها سبعين رجلا يعني مش مستاهلة ]] ، وكان ممن لم يخرج مع النبي - صل الله عليه وسلم - *{{عثمان بن عفان}}* ، لأن {{ زوجته السيدة رقية }} بنت النبي - صل الله عليه وسلم - كانت مريضة مرضا شديدا، فظل معها عثمان بن عفان حتى يرعاها في مرضها .
خرج الرسول - صل الله عليه وسلم - من المدينة يوم السبت *{{ ١٢ رمضان }}* في السنة الثانية من الهجرة ، فخرج معه من المهاجرين والأنصار *{{ ٣١٣ رجلا }}* ولم يكن معهم من الخيل إلا اثنين ؛أحدهما *للزبير بن العوام* ، ابن عمة النبي- صل الله عليه وسلم - ، والثاني *للمقداد بن الأسود* ، ولم يكن معهم إلا {{ ٧٠ جملا }} ، فكان كل ثلاثة أو أربعة مشتركين على جمل ، حتى النبي - صل الله عليه وسلم - كان معه علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة [[ يعني رسول الله ركب ثلث الطريق ومشى ثلثيها فوق رمال الصحراء الملتهبة ]] . . . كان إذا جاء دوره بالمشي يقول له أصحابه : اركب يا رسول الله ونحن نمشي بدلاً عنك ؛ فيقول - صل الله عليه وسلم : ما أنتما بأقوى مني على المشي ، وما أنا أغنى منكما عن الأجر ، أركب إذا جاءت نوبتي وأمشي إذا جاءت نوبتي ، فكان - صل الله عليه وسلم - مثله مثل أصحابه ، وهكذا كان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ، يشتركان في بعير واحد ، والمسافة لبدر تقريبا *{{ ١٥٠ كم }}* .
فلما خرج - صل الله عليه وسلم - والهدف عنده وعند أصحابه عير قريش ليس إلا ... [[ يعني لم يفكروا بالقتال على الإطلاق ]] ، حتى وصلوا الى مكان على طرف المدينة اسمه *{{ بيوت السقيا : وهي آبار عذبة على بعد حوالي كيلو ونصف من المدينة }}*،فوقف هناك - صل الله عليه وسلم - يستعرض أصحابه [[ يعني يشوف من هم الصحابة الذين خرجوا معه ، كم عددهم ، ينظمهم ]] فوجد فيهم غلمانا [[ شباب صغار بالعمر يعني ١٤ _ ١٥ سنة ]] *كعبدالله بن عمر، وزيد بن ثابت و{{ عمير بن أبي وقاص* عمره ١٦ سنة أخو سعد بن أبي وقاص ، الذي كان يتوارى حتى لا يراه رسول الله و يستصغره و يرده عن الخروج }} ، يقول سعد : فرآه النبي - صل الله عليه وسلم - فقال له : ارجع يا عمير ،فأخذ يبكي بكاء شديدا ، وارتفع صوته بالبكاء، فلما رأه النبي - صل الله عليه وسلم - بهذا الوضع سمح له بالخروج ،لأنه وجد فيه جدية ورجولة مبكرة
( وهذا درس في قوة الإيمان و الشجاعة يجب أن يتعلمه أبناؤنا و شبابنا الصغار ) ، و كان قد استخلف على المدينة في الصلاة على الناس *{{ عبدالله بن أم مكتوم* : أتذكرون هذا الاسم ؟ عبس وتولى أن جاءه الأعمى }} ، [[ بصراحة بستغرب من البعض الذين يقولون : لا تجوز إمامة الأعمى !! أهم أدرى أم النبي الذي استخلف أعمى للإمامة بالناس ؟؟ ]].
وقف النبي - صل الله عليه وسلم - يستعرض أصحابه ، ثم قسمهم فرقتين
ميمنة وعلى رأسها *{{الزبير بن العوام }}* ، وميسرة وجعل على رأسها *{{المقداد بن عمرو }}* وهما فقط يمتلكان الخيل ، ثم جعل لهم لوائين ؛ واحد للمهاجرين حمله *{{ علي بن ابي طالب }}* ، والآخر للأنصار حمله *{{ سعد بن معاذ }}* ، وكان لونهما أسود ،
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《136》*

*(( خروج قريش لبدر ))*
_________

عندما وصل خبر خروج النبي - صل الله عليه وسلم - لأبي سفيان أرسل رجلاً يستغيث بقريش ، ويستنفرهم لحماية القافلة ، وكان اسم هذا الرجل {{ ضمضم بن عمرو }} وهذا الرجل [[ مثل ما بنحكي شغل دعايات ، كيف لما واحد يدخل انتخابات بيعمل واحد للدعاية الانتخابية ، ضمضم نفس الشي أرسله أبو سفيان لهذه المهمة ]] فماذا فعل هذا الداهية ؟ ما إن وصل إلى مكة حتى شق قميصه ، وجدع أنف بعيره، و وقف تحت رأس البعير ، حتى سالت الدماء على رأسه وملابسه ، ودخل مكة على هذه الهيئة ، ثم أخذ يصرخ : يااااا معشر قريش ! *اللطيمة ، اللطيمةَ* [[ اللطيمة يعني القافلة ، ولم يكن أحد في قريش الا وهو مشارك بماله في هذه القافلة ]]، إنّ أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها !! الغوث الغوث ؛ فلما رأت قريش ذلك ، اشتعلت وهاجت وماجت وثارت وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟؟ كلا، والله ليعلمن غير ذلك .
وبدأ الناس يتجهزون للخروج سريعا ، فتجمع لقريش *{{ ١٣٠٠ مقاتل }}* فيها *{{ ٢٠٠ }}* فارس ، ومعهم عدد كبير من الجمال، وخرجوا سريعا ، والمغنيات يضربن الدفوف لتحميس الرجال ، ويغنين بهجاء المسلمين ، وأخرج أبو جهل - قاتله الله - بعيرا خاصا {{ يحمل إناء الخمر }} يسقي الرجال، ويشجعهم على القتال .
وبالرغم من أن قريشا كانت تعلم بقلة عدد المسلمين ، إلا أن كثيرا من شرفاء قريش ترددوا في الخروج ، ومن هؤلاء {{ أبو لهب زوج حمالة الحطب عم النبي - صل الله عليه وسلم – فقد خاف من المواجهة، وخاف من الموت لأنه كان متأكداً من صدق ابن أخيه ، فلم يخرج ؛ لكنه استأجر رجلا بـ ٤ آلاف درهم على أن يكون مكانه ، محتجا بأن صحته لا تعينه على الخروج }} .
ومن الذين ترددوا في الخروج أيضا *{{ أمية بن خلف }}* " لكنه خرج أخيرا " اسمعوا قصته :
عندما انطلق *{{سعد بن معاذ }}* سيد الأوس بعد الهجرة إلى مكة معتمرا نزل على {{ أمية بن خلف }} وكان صديقا له ، حيث كان أمية إذا ذهب إلى الشام ومر بالمدينة ينزل على سعد والعكس ، فقال له أمية : ننتظر حتى إذا انتصف النهار ، وغفل الناس ؛ طفت بالبيت ، فلما جاء منتصف النهار وبينما سعد بن معاذ يطوف رآه أبا جهل فعرفه ، فقال أبو جهل: تطوف بالكعبة آمناً ، وقد آويتم محمدا وأصحابه ؟ فصرخ في وجهه سعد وقال : والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت ، لأقطعن متجرك بالشام ،وكان أمية واقفاً معهما،فقال أمية لسعد : يا سعد لا ترفع صوتك على أبي الحكم ، فإنه سيد هذا الوادي ، فأمسك أبو جهل بسعد ، وأمسك سعد بأبي جهل ، فأخذ أمية يبعدهما عن بعضهما ، ويصرخ في وجه سعد : لا ترفع صوتك على أبي الحكم ، و كأنه يدافع عن أبي جهل .
فغضب سعد لأن أمية لم يقف معه ، وكان يجب أن ينصره وهو ضيف عنده وقال لأمية : دعنا عنك [[ يعني أنت ما في منك فائدة ، فوالله لقد سمعت رسول الله أنه قاتلك !!! ]] فخاف أمية واصفر وجهه من الخوف ، وقال : والله إن محمدا لا يكذب إذا حدّث ، ورجع أمية إلى زوجته مذعورا . فلما جاء النفير إلى بدر، تذكر أمية هذا الموقف ، فأراد أن يتخلف أمية بن خلف ، لأنه يعلم صدق النبي - صل الله عليه وسلم - وأراد أن يرسل مكانه رجلا مثلما فعل أبو لهب ، فسمع أبو جهل بذلك ؛ فجاءه وهو جالس في نادي قومه ومعه عقبة بن أبي معيط ، فكان واحد منهم يحمل مجمرة ، والآخر يحمل مكحلة ، فوضعاها بين يدي أمية بن خلف ، وقال له أبو جهل ساخرا : اكتحل يا سيد قومه واستجمر [[ اي تطيب بالبخور كالنساء ]] ، فغضب أمية وقال : قبحكم الله وقبح ما جئتم به ، لتعلمان أني أول من يقاتل ، واضطر للخروج معهم لبدر ، وقد قًتل في بدر كما أخبر نبينا وحبيب قلوبنا - صل الله عليه وسلم - .
وكان ممن خرج مكرها *{{ العباس }}* عم النبي - صل الله عليه وسلم - وصديق طفولته ، وقد كان في مكة ، ويكتم إسلامه ، خرج و وقع في الأسر ، وسيأتي ذكره بالتفصيل ، وكان ممن خرج مكرها أيضا *{{ أبو العاص بن ربيع }}* زوج السيدة زينب بنت النبي - صل الله عليه وسلم - ، وقد كانت - رضي الله عنها - لا تزال في مكة مع زوجها ، قبل أن يفرق الإسلام بين الزوجين المؤمن والكافر ، فكان أبو العاص بن ربيع يكره محاربة حماه الرسول - صل الله عليه وسلم - ولكنه خرج مكرها حتى لا يُتهم بالجبن ، أوأن يُتهم من قريش بأنه يخاف من زوجته ، خرج و وقع بالأسر أيضاً ، وسيأتي ذكره بالتفصيل .
وكان ممن خرج كذلك مكرها بعض المسلمين في مكة الذين لم يستجيبوا لأمر الرسول - صل الله عليه وسلم - بترك مكة والهجرة إلى المدينة ، لأنهم خافوا على أموالهم وديارهم ، واختاروا الدنيا على الآخرة، وهؤلاء حكم الله تعالى على من قًتل منهم في المعركة بأنه مات على الكفر ، قال الله تعالى عنهم :
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《137》*

*(( أبو سفيان يهرب بالقافلة عن طريق الساحل ))*
_________

لماذا اختار النبي - صل الله عليه وسلم – بدرا ؟؟ لأن أبا سفيان وقافلة قريش الآتية من بلاد الشام لا بد لها أن تمر إلى بدر، لأن بدرا فيها الماء وهي طريق الشراب للعير ، فكانت خطة النبي - صل الله عليه وسلم - هي أن يعترض العير عند بدر ، وبدر هو واد يبعد عن المدينة {{ ١٥٠ كم }} ، فيه مجموعة من الآبار ، كانت القوافل التجارية التي تمر بهذا الطريق تتوقف عند بدر، فتشرب الإبل ، ويملؤون أسقيتهم ، ويرتاحون ، وترتاح الإبل ، [[ يعني مثل ما نسميها الآن على طريق السفر استراحة ]] واسمها بدر؛ لأن في البداية كانت البئر *{{ لرجل اسمه بدر }}* لذلك سميت آبار بدر . وقبل أن يصل النبي - صل الله عليه وسلم - إلى بدر أرسل اثنين من الصحابة إليها ليستطلعا الأمر، [[ يكتشفان الطريق ، ويعرفان أخبار القافلة متى تصل ]] ، فلما وصلا إلى ماء بدر، سمعا جاريتين إحداهما تطالب الأخرى بدرهم لها عندها ، وترد عليها الأخرى : بأنها سترد لها الدرهم عند وصول قافلة قريش غدا أو بعد غد ، [[ يعني بس توصل قافلة قريش ونسترزق منهم ، بردلك الدرهم ، فموعد وصولهم اقترب غدا أو بالكثير بعد غد ]] فعرف الصحابيّان أن قافلة قريش تبعد عن بدر مسيرة يوم أو يومين ، فرجعا و أخبرا النبي - صل الله عليه وسلم - .
الآن ننتقل مباشرة إلى أبي سفيان وقافلة قريش ، أبو سفيان عنده خبر بخروج رسول الله - صل الله عليه وسلم - لبدر ، وقد أرسل {{ ضمضم }} ليستنجد بقريش ، وفي نفس الوقت كان أبو سفيان يتقدم بقافلته تجاه بدر بحذر شديد، وقد شك أن يتربص به المسلمون عند بدر، ولذلك عندما اقترب من بدر أوقف القافلة بعيدا عن بدر، وتقدم إلى بدر بنفسه ، فلما جاء أبو سفيان إلى بدرسأل القبائل التي تقيم عند بدر : هل رأيتم جيشاً ؟؟ هل رأيتم محمدا ؟؟ قالوا له : ما رأينا شيئا ، إلا إننا قد رأينا راكبين أتيا إلى هذا المكان [[ وأشاروا إلى المكان الذي كان به الصحابيان فأناخا به ، ثم استقيا وانصرفا ]] ، فجاء أبو سفيان إلى مكان وقوف خيل الفارسين ، فأخذ من روثها [[ أي براز الخيل ]] ، وفركه في يده ، وفتته فوجد فيه نوى التمر ، فقال : هذه علف يثرب [[ أرايتم ذكاء العرب ؟؟ ]]، هذه والله عيون محمد وأصحابه، ما أرى القوم إلا قريبا منا .
فرجع أبو سفيان إلى القافلة مسرعا ، وأوقف بالطبع التقدم ناحية بدر ، ثم اتجه بالقافلة على ساحل البحر الأحمر ، وسار بمحاذاة الساحل ، وهو طريق لا تسلكه القوافل لأن فيه صعوبة في السير، وبذلك استطاع أن ينجو بالقافلة و أرسل إلى جيش مكة أنه قد نجا بالقافلة ، وطلب منهم الرجوع إلى مكة ، ولا حاجة لنا بالقتال بصفته {{ زعيم قريش }} في ذلك الوقت .
وصلت رسالة أبي سفيان ونجاة القافلة لجيش قريش وهو *بالجحفة* ، التي تبعد عن مكة حوالي *{{ ١٨٠ كم }}* ، واستعد الناس للرجوع وأعجبهم الرأي، [[ لأنهم خرجوا يحمون تجارتهم ]] ، فقام (( أبو جهل )) وأصر على استكمال السير وقال في كبريائه وغطرسته : والله لا نرجع حتى نرد بدرا ، فنقيم عليها ثلاثا ؛ ننحر الجزور، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا .
وصارت مناقشات بين سادة قريش ، فقام *حكيم بن حزام* [[ تذكرون هذا الاسم ؟ تكون خديجة رضي الله عنها عمته ، لما أهداها زيد بن حارثة ]]، حكيم كان من عقلاء قريش ، لم يعجبه كلام أبي جهل ، فذهب إلى عتبة وطلب منه الحديث ، [[ وكان عتبة أكبر رجل في قريش بالعمر وكان سيدا في قومه ]] فخاطب عتبة قريشا قائلا :
أيها الناس قد سمعتم أن تجارتكم في أمان ، وإن الذي أرسل يستنصركم ، أي أبو سفيان هو الذي أرسل إليكم عدم الخروج للحرب ، فإني أرى أن نرجع ولا نرد ماء بدر، فإنها حرب لا أراها إلا قرون ، ينظر الرجل في وجه الرجل يكرهه ، يقول هذا قتل أخي ، وهذا قتل أبي ، وهذا قتل عمي ؛ فإنما هم أهلكم ، واتركوا محمدا ومن معه للعرب ، فإن أصابوه فقد كفيتم منه ، وإن ظهر محمد فعزه عزكم .
فقام أبو جهل وقال كلمات استفز فيها عتبة بن أبي ربيعة ، وأبطل حكمته ، فغضب عتبة ونفخ الشيطان في أنفه ، فأقسم عتبة أنه أول من يخوض الحرب ، فحمي وطيس الحرب ، ووافق أبو جهل غالبية أهل مكة، بينما لم يوافقه {{ بنو زهرة }} و انسحبوا عائدين الى مكة ، فقل عدد جيش قريش ، و أصبحوا قرابة الألف . . . .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
*******
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《138》*

*(( النبي - صل الله عليه وسلم - يستطلع خبر قريش ))*
_______

تقدم جيش قريش إلى بدر لمواجهة المسلمين ، رغم أن قافلة أبي سفيان قد نجت ؛ فوصلت أخبار للنبي - صل الله عليه وسلم - بأن أبا سفيان قد هرب بالقافلة من جهة الساحل ، وأنه استنجد بقريش ، وأن قريشا في طريقها إلى بدر . قال تعالى :
*{{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ }}* ، *[[ العدوة يعني حافة الوادي ؛ بدر منطقة وادي لها حافتان : العدوة القصوى يعني حافتها القصوى أي البعيدة جهة مكة ، والعدوة الدنيا أي حافتها القريبة جهة المدينة المنورة التي وصل إليها النبي - صل الله عليه وسلم – الآن ]]* .
وصل - صل الله عليه وسلم - إلى العدوة الدنيا ، وأيضا وصلت قريش للعدوة القصوى وأناخوا بها واستراحوا ، وكان بينهما تلال لا يرى من خلالها أي فريق الآخر . فلما وصل النبي - صل الله عليه وسلم - هناك خرج بنفسه ، واصطحب أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ليستطلع الأخبار بنفسه ، فجاءا على شيخ من شيوخ العرب كبير يقال له *{{ الضمري }}* ، وسأله النبي : ماذا عندك من خبر قريش وعيرها ؟ ومحمد وصحبه ؟؟ فقال الشيخ : ممن أنتما ؟ {{ يعني إنتوا من أي فريق مشان يعرف كيف يحكي معهم }} ، فقال النبي - صل الله عليه وسلم -: إن أخبرتنا أخبرناك [[ أول شيء أخبرنا وسوف نخبرك ]] فقال الشيخ : فإني سمعت أن محمدا وأصحابه [[ وهو لا يعرف النبي ]] خرجوا بغية عير قريش ، في يوم كذا وكذا ، فإن كان قد صدق من أخبرني فإن محمدا وأصحابه اليوم في مكان كذا وكذا [[ بالمكان اللي معسكر فيه النبي بالضبط ]] وسمعت أيضا أن أبا سفيان أرسل يستنصر قريشا ، وخرجت كلها لتحمي عيرها في يوم كذا وكذا ، فإن كان الذي حدثني صدقني ، فإن قريشا اليوم ستكون في مكان كذا وكذا [[ أخبره بالمكان اللي فيه قريش بالتمام وهو العدوة القصوى ]] .
وأما أبو سفيان ، فقد علم الخبر وسلك طريق ساحل البحر ، فلا أعرف أين اليوم كان [[ يعني ما بعرف مكان هروبه ]] ، قال : ها أنا قد أخبرتكم . فأخبراني ممن أنتما ؟؟ فقال له النبي - صل الله عليه وسلم : نحن من ماء .. ومضى . . . يقول أبو بكر : فنظرت إلى الرجل يقلب كفيه !! وضحك النبي - صل الله عليه وسلم - وقال : يا أبا بكر، قد أجبناه وصدقناه : *{{ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ }}* .هذه حكمة نبينا - صل الله عليه وسلم - .
هكذا علم النبي - صل الله عليه وسلم - أن قريشا تقترب من ماء بدر، فلما كان المساء أرسل الى بدر {{ كتيبة استطلاعية }} ، فوجدت عند ماء بدر غلامين لقريش يملآن أسقية ، فقامت الكتيبة بأسرهما ،وذهبت بهما إلى معسكر المسلمين ، واعترف الغلامان أنهما يملآن أسقية لقريش التي هي وراء هذا الكثيب [[ أي عند العدوة القصوى ]]، ثم سألهما النبي - صل الله عليه وسلم - عن عدد القوم فقالوا : لا نعلم ؛ ولكنهم ينحرون يوما تسعا ويوما عشرا [[ اي جمال ]] ، فقال النبي - صل الله عليه وسلم -: القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف . ثم قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: *عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود* ، وغيرهم من سادة قريش ، فأقبل النبي - صل الله عليه وسلم -على الناس وقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها ، هنا تأكد للرسول - صل الله عليه وسلم - أن العير قد فلتت ، وأن جيش مكة قد خرج للقتال، وأن جيش مكة جيش كبير مدجج بالسلاح ، وأن قوامه تقريبا {{ ثلاثة أضعاف }} جيش المسلمين !!.
إنّ الرسول - صل الله عليه وسلم – يعلم تماما أنّ الصحابة لم يخرجوا لقتال ، وإنما خرجوا لمهاجمة قافلة تجارية حراستها أربعون رجلا ، [[ تخيلوا مش مجهزين نفسهم لاي معركة ولا قتال وعدد قريش كبير ]] وهذا درس لتتعلم الأمة جميعها أن نصر الله لا يأتي بالعدة والعتاد ، صحيح هي أسباب يجب الأخذ بها ، ولكن الحقيقة المطلقة أن النصر من {{ الله }} ، فلا يرعبنا العدو بطائراته و صواريخه ومفاعلاته النووية ، فكلها تسقط أمام عظمة الله وقدرته ، هذه هي قوة الإيمان المطلوبة في مواجهة العدو بعد أن نأخذ بالأسباب . [[ إنه الله ، الله ، الله يا أمة محمد ]] ، ثمّ جمع الرسول - صل الله عليه وسلم - الصحابة ليستشيرهم ، ويعرف مدى استعدادهم لهذه المواجهة .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《139》*

*(( النبي - صل الله عليه وسلم – يستشير أصحابه ))*
______

عندما أيقن النبي - صل الله عليه وسلم - استعداد قريش للقتال ،جمع أصحابه ليستشيرهم في الأمر، جمعهم وصارحهم بالخبر وقال : أشيروا علي أيها الناس! [[ لماذا ؟ لأنهم خرجوا للقافلة وليس للقتال الذي لم يكن بالحسبان على الإطلاق ]] .قال : أيها الناس ، ما ترون في قتال القوم ؟؟ فقال بعض الصحابة : لا والله مالنا طاقة بقتال العدو ، ولكن أردنا العير . وقال البعض : لم تعلمنا أنا نلقى العدو فنستعد لقتالهم . فظهرت الكراهة في وجه النبي- صل الله عليه وسلم - وقال : ما ترون في قتال القوم ؟ أشيروا علي أيها الناس . فقام أبو بكر فقال خيراً، فأثنى عليه النبي - صل الله عليه وسلم – بخير . ثم قام عمر فقال خيراً ، فأثنى عليه النبي بخير. ثم قال : أشيروا علي أيها الناس . ثم قام *المقداد بن الأسود* وهو أيضا من المهاجرين ، وقال :
يا رسول الله امضِ لما أُمرتَ به فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : *{{ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }}* ولكن نقول : اذهب أَنت وربك فقاتلا إِنا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق نبيا ، لنقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك ومن خلفك حتى لو وصلت بنا إلى *برك الغماد* ، [[ برك الغماد موقع يقال في أقصى اليمن وقيل إنه عند البحرين تضرب العرب في مكة المثل به في البعد]] ، يعني نقاتل ونقطع المسافات الطويلة ونحن بين يديك ، فأثنى عليه النبي ودعا له بخير . ثم قال - صل الله عليه وسلم -: أشيروا علي أيها الناس . ( يكررها - صل الله عليه وسلم - لأنه يريد أن يعرف رأي الأنصار ، والذين تكلموا الآن كلهم من المهاجرين ) . تذكرون في بيعة العقبة الثانية ، عندما بايع الأنصار النبي - صل الله عليه وسلم - أن يحموه إذا دخل ديارهم وليس فيها أن يُقاتلوا معه خارج المدينة ، فأراد - صل الله عليه وسلم - أن يعرف رأيهم ، كذلك الأنصار أكثر عددا فهم فوق ال ٢٠٠ رجل والمهاجرون بضع وسبعون !!
ففطن لذلك *{{ الصحابي الجليل سيد الأنصار سعد بن معاذ }}* ، ذلك البطل الذي اهتز له عرش الرحمن ، سعد بن معاذ كما قلنا أسلم وعمره ٣٠سنة ، ومات وعمره ٣٦ سنة ! فماذا فعلت يا ابن معاذ في {{ ٦ سنوات }} كي يهتز عرش الرحمن لموتك ؟؟! لنتأمّل له هذا الموقف :
*وثب قائماً وقال سعد : والله لكأنّك تريدنا يا رسول الله! قال له : أجل . فقال سعد بعد أن حمد الله : يا رسول الله لقد آمنا بك ، وصدقناك ، وشهدنا أنما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، وإنك خرجت تريد أمراً ، ولعل الله أراد غيره أمض يا رسول الله لما أراك الله ، فوالله ما نكره بأن تلاقي بنا عدونا غداً ، ولو استعرضت بنا هذا البحر وخضته لخضناه معك ، وما تخلف منا رجل واحد* . يقول الصحابة : فتهلل وجهُ النبي - صل الله عليه وسلم - وقال : أبشروا وسددوا وقاربوا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم .
هل لاحظتم معي كيف ظهر معدن العرب الأصيل ووفائهم بالعهود ، و حبّهم لله و لرسوله ، وشجاعتهم ؟؟ هل رأيتم موقف المقداد و موقف سعد وموقف باقي الصحابة ؟؟ أين هذا من موقف اليهود الذين قالوا لنبيهم موسى :
{{ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }} ، لذلك سنرى لاحقا كيف تآمروا مع المنافقين على المسلمين ، وكيف نقضوا عهودهم مع النبي – صل الله عليه و سلم .
مضى الحبيب المصطفى - صل الله عليه وسلم - وصحابته الكرام - رضي الله عنهم - إلى مواجهة قريش وقتالهم ، وهذا ما أرادته حنكة النبي السياسية ، ففي قتال قريش تثبيت لهيبة المسلمين ، بينما في انسحاب المسلمين إظهار لهيبة قريش ؛والتي من الممكن أيضا أن تتجرأ على المسلمين و تهاجمهم في المدينة فيضعف المسلمون ، وتضعف دعوتهم ، و يصبح موقفهم ضعيف جدا أمام باقي القبائل . . . . وصل - صل الله عليه وسلم - إلى بدر، و أمامه الآبار ، وهو في انتظار جيش قريش للمواجهة .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
**********
يتبع بإذن الله
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《140》*

*(( المسلمون في بدر ))*
______

مضى النبي - صل الله عليه وسلم - وقد علم أن قريشا وراء التل في بدر بالجهة المقابلة ، فأمر أصحابه أن يأتوا أقرب ماء من بدر ويعسكروا فيه ، فجاء إلى النبي - صل الله عليه وسلم - شاب من الأنصار عمره {{ ٣٣ }} سنة وكان شجاعا وجريئا ومتكلما اسمه *{{ الحباب بن المنذر بن الجموح }}* - رضي الله عنه - وهو جندي من الجنود ، جاء وقال: يا رسول الله ،أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ [[ هل المكان اللي أمرتنا نعسكر فيه وحي من الله ؟ إذا وحي من الله مالنا حكي ، إذا مجرد رأي منك يمكن يكون لنا فيه رأي ]] فقال له - صل الله عليه وسلم -: بل هو الرأي والحرب والمكيدة .[[ النبي المؤيد بالوحي ، سيد خلق الله أجمعين ، وسيد القوم وحاكمهم ، لا يخدع رعيته ، ولا يجد حرجا إذا سمع رأيا من أي شخص من أصحابه ، ما في رتب ولا نجوم على الكتف أيامها ، جندي يا أمة الإسلام ، جندي ]] قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، فماذا ترى ؟ قال : ما أراه لك منزلا يا رسول الله ، فإن الماء يلعب دورا في الحرب . أرى أن تمشي بالناس ، حتى نكون أقرب ماء من الجيش [[ يعني من جهة قريش ]] وإني يا رسول الله أعلم هذه البئر وغزارته ، نبني عليه حياضا ثم نغور غيرها من الآبار[[ أي نردم ]] فنشرب ولا يشربون . قال له - صل الله عليه وسلم - : لقد أشرت بالرأي ، فانهضوا على رأي أخيكم . فقام الجيش كله ونزلوا على رأي الحباب بن المنذر.
أريتم حبيب قلوبنا - صل الله عليه وسلم - طبق ما يريده الله منه قبل أن تنزل عليه الآيات والوحي ؟ بدر أول معركة ، وأنزل الله بعد معركة أحد هذه الآية : *{{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }}*. تقدم النبي - صل الله عليه وسلم - بجيشه، وفعل كما أشار عليه {{ الحباب بن المنذر}} فجاء النبي - صل الله عليه وسلم - على أغزر بئر فيه ماء في بدر، وجعل كل الآبار خلف ظهره ، وردم كل هذه الآبار
[[ دفنوها بالتراب والحجارة ]] ، ولم يترك إلا بئرا واحد ، وبنى حوضاً على هذه البئر وملأها بالماء [[ حتى يسهل الشرب على المسلمين، وعلى دوابهم ، عشان وقت المعركة يشربوا بسرعة ما يصيروا يسحبوا الماء من البئر أثناء الحرب ]] ووضعوا حولها المغارف [[ مثل الكاسات عشان الجندي مباشرة يشرب ويرجع يقاتل ]] وهكذا تحكم المسلمون في مصدر المياه ، واستخدم النبي- صل الله عليه وسلم -هذا السلاح الهام جدا وهو سلاح المياه ، وخصوصا في تلك البيئة الصحراوية، لتحقيق ميزة نسبية كبيرة للمسلمين في مواجهة جيش مكة .
تقدم جيش قريش حتى نزل في الجهة الأخرى من الوادي، وقد صور لنا القرآن العظيم جغرافية ميدان المعركة بصورة رائعة، فقال تعالى : *{{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}* [[ كما أخبرتكم من قبل : العدوة ، أي جانب الوادي فبدر لها حافتين ، وفي هذا الوادي منطقة فاضية مثل ساحة الملعب أطرافه مرتفعة ، نسمي طرف الوادي المرتفع عدوة ، العدوة الدنيا يعني جهة المدينة المنورة ، والعدوة القصوى البعيدة من جهة القادم من مكة ، بين العدوتين بعض التلال ]] ، ثم يقول تعالى : *{{ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}* أي العير أو الجمال التي تحمل تجارة قريش التي مع أبي سفيان والتي اتجه بها أبو سفيان ناحية مكة بمحاذاة ساحل البحر، وقد قال تعالى :
{{ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }} يعني ناحية الجنوب ، وأيضا للتعبير عن ساحل البحر [[ لأن ساحل البحر يكون دائما أسفل من أي أرض يابسة، حتى أنهم اتخذوا سطح البحر الآن مقياسا للارتفاعات والانخفاضات، فيقال هذا ارتفاعه كذا متر أعلى سطح البحر ]] ، فالآية {{ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }} قالت لنا بأسلوب معجز وجميل إن العير اتجهت جنوبا بمحاذاة سطح البحر، هكذا رسم لنا القرآن العظيم جغرافية أرض المعركة بدقة شديدة ، وفي كلمات قليلة وبأسلوب معجز رائع
سبحانك ربي ما أعظمك .
اللهم اجمعنا به - صل الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___
من واجبك نشر سيرة نبيك - صل الله عليه وسلم - لعلك تلقاهُ وهو راضٍ عنك عند الحوض ، وجزى الله خيرا كاتبها و قارئها وناشرها .
**********
يتبع بإذن الله