*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《119》*
*(( مشاكل المدينة قبل أن يدخلها صل الله عليه وسلم))*
________
انتهينا في الهجرة ، عند خيمة أم معبد ، وقبل أن نشرع بالحديث عن وصول النبي صل عليه وسلم للمدينة ، ونزوله *بقباء* ، وكيف كان استقبال أهل المدينة له ، لا بد لنا من أن نلقي نظرة على *{{ مشاكل المدينة }}* قبل دخوله عليها - صل الله عليه وسلم - . فلقد انتهت المرحلة الصعبة في تاريخ الدعوة، وهي مرحلة الدعوة المكية، والتي استمرت *{{ ١٣ سنة }}* وكانت مليئة بالاضطهاد الشديد جدا، و التعذيب للمسلمين ، ولكن العهد المدني أيضا كان صعبا وليس بالسهل أبدا ؛ لنر ما الذي واجهه - صل الله عليه وسلم - عندما هاجر إلى المدينة ، وكم تحمل نبينا - صل الله عليه وسلم – وصحابته في سبيل دعوتهم إلى الله .
الحروب بين الأوس والخزرج :
كانت المدينة تموج بالحروب الأهلية بين {{ الأوس والخزرج }}، ولقد حدثتكم سابقا عن الأوس والخزرج ،إنهما أوس وخزرج أخوان من أم واحدة اسمها *{{ قيلة }}*، وبالرغم من أنهما من سلالة رجل واحد وأم واحدة ، ومع ذلك كانت هناك عداوة شديدة جدا ،وتاريخ طويل من الحروب الأهلية بين تلك القبيلتين ، آخرها كان *{{ حرب بعاث }}* التي انتهت قبل الهجرة بخمس سنوات فقط .
*اليهود :*
كان في المدينة ثلاث قبائل يهودية كبيرة ، وهي قبائل *( بني قينقاع ، وبني النضير وبني قريظة )* . وقد قابل اليهود الدعوة الاسلامية بالعداء الشديد ، والسبب أنّ هؤلاء المغضوب عليهم ، كانوا يظنون أن نبي آخر الزمان سيكون منهم لأن أكثر الأنبياء من بني إسرائيل ، ثم كانت المفاجأة القاسية بالنسبة لهم ، أن يكون نبي آخر الزمان من العرب !!! وكانت كتبهم تأمرهم أن يتّبعوا هذا النبي الأمي إن هو ظهر فيهم ، قال تعالى : *( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ )* . وبالرغم من أن عدد اليهود في المدينة كان كبيرا ،إلا أنهم كانوا أقل عددا من {{ الأوس والخزرج }} ، ولذلك كان الأوس والخزرج مستعلين على اليهود في المدينة ، وكان يهود المدينة يشعرون بالقهر في مواجهة الأوس والخزرج ، و لذلك كانوا ينتظرون نبي آخر الزمان لينتقم لهم من قهر الأوس والخزرج ، فلما جاء الرسول - صل الله عليه وسلم - من نسل إسماعيل ، كان الأمر بمثابة الصدمة بالنسبة ليهود المدينة، ولذلك قرروا معاداة الرسول - صل الله عليه وسلم - منذ أول يوم لدخوله المدينة . قال تعالى : *{{ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }}* .
لذلك كان من أكبر المشاكل التي واجهت الرسول- صل الله عليه وسلم - هي وجود اليهود في المدينة، واليهود معروفون بخبثهم ومكرهم ومكائدهم .
*المشركون :*
صحيح أن أغلبية أهل المدينة كانوا مسلمين، ولكن لم يكونوا كلهم مسلمين ، وكان بعضهم لا يزال على شركه، ولم يجبر الرسول - صل الله عليه وسلم - أحدا على الإسلام، وهؤلاء كانوا يكرهون الإسلام ، ويكرهون المسلمين ، ويضمرون لهم البغض والعدواة
*المنافقون:*
بعد الهجرة، ودخول أغلب أهل المدينة في الإسلام، ظهرت طائفة جديدة وهي طائفة {{ المنافقين }} والمنافق هو الذي يظهر ما لا يبطن ، وهذه الطائفة لم تكن موجودة في مكة ، لأن الإسلام كان ضعيفا، ولكن ظهرت بعد الهجرة، وبعد أن أصبح للإسلام دولة، وخصوصا بعد غزوة بدر ، وهذه الطائفة أخطر بكثير من المشركين ، لأن المشرك عداوته معروفة للإسلام ، وتستطيع أن تأخذ منه حذرك ، وأن تواجهه ، بينما المنافق مثل المرض الخفي ، الذي يفتك بالجسم دون أن تشعر به . يقول تعالى : *{{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ }}*
*مشاكل المهاجرين :*
ظهرت في المدينة مشكلة اقتصادية نتيجة هجرة عدد كبير من أهل مكة ، وموارد المدينة محدودة ، ولذلك لم يأمر الرسول - صل الله عليه وسلم -أصحابه المهاجرين إلى الحبشة بأن يأتوا إليه في المدينة .حيث لم يكن للمهاجرين بيوت يسكنونها ، ولا أعمال يعملون بها ، [[ المهاجرون تركوا مكة وأموالهم وأعمالهم ، لنتخيل الوضع ليس بالسهل أبدا ]] و أهل المدينة كلهم مزارعون ، وهي مهنتهم الوحيدة ، وهذه المهنة لا يعرفها أهل مكة ، لأن أهل مكة كان أكثرعملهم بالتجارة فقط ، وأيضا شعر المهاجرون بالغربة والحنين لبلدهم و أهلهم في مكة ؛ فأصيب المهاجرون بحالة من الحزن والاكتئاب ، و أصيب بعضهم بالحمى نتيجة حزنهم وقلّة مناعتهم .
*#هذا_الحبيب 《119》*
*(( مشاكل المدينة قبل أن يدخلها صل الله عليه وسلم))*
________
انتهينا في الهجرة ، عند خيمة أم معبد ، وقبل أن نشرع بالحديث عن وصول النبي صل عليه وسلم للمدينة ، ونزوله *بقباء* ، وكيف كان استقبال أهل المدينة له ، لا بد لنا من أن نلقي نظرة على *{{ مشاكل المدينة }}* قبل دخوله عليها - صل الله عليه وسلم - . فلقد انتهت المرحلة الصعبة في تاريخ الدعوة، وهي مرحلة الدعوة المكية، والتي استمرت *{{ ١٣ سنة }}* وكانت مليئة بالاضطهاد الشديد جدا، و التعذيب للمسلمين ، ولكن العهد المدني أيضا كان صعبا وليس بالسهل أبدا ؛ لنر ما الذي واجهه - صل الله عليه وسلم - عندما هاجر إلى المدينة ، وكم تحمل نبينا - صل الله عليه وسلم – وصحابته في سبيل دعوتهم إلى الله .
الحروب بين الأوس والخزرج :
كانت المدينة تموج بالحروب الأهلية بين {{ الأوس والخزرج }}، ولقد حدثتكم سابقا عن الأوس والخزرج ،إنهما أوس وخزرج أخوان من أم واحدة اسمها *{{ قيلة }}*، وبالرغم من أنهما من سلالة رجل واحد وأم واحدة ، ومع ذلك كانت هناك عداوة شديدة جدا ،وتاريخ طويل من الحروب الأهلية بين تلك القبيلتين ، آخرها كان *{{ حرب بعاث }}* التي انتهت قبل الهجرة بخمس سنوات فقط .
*اليهود :*
كان في المدينة ثلاث قبائل يهودية كبيرة ، وهي قبائل *( بني قينقاع ، وبني النضير وبني قريظة )* . وقد قابل اليهود الدعوة الاسلامية بالعداء الشديد ، والسبب أنّ هؤلاء المغضوب عليهم ، كانوا يظنون أن نبي آخر الزمان سيكون منهم لأن أكثر الأنبياء من بني إسرائيل ، ثم كانت المفاجأة القاسية بالنسبة لهم ، أن يكون نبي آخر الزمان من العرب !!! وكانت كتبهم تأمرهم أن يتّبعوا هذا النبي الأمي إن هو ظهر فيهم ، قال تعالى : *( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ )* . وبالرغم من أن عدد اليهود في المدينة كان كبيرا ،إلا أنهم كانوا أقل عددا من {{ الأوس والخزرج }} ، ولذلك كان الأوس والخزرج مستعلين على اليهود في المدينة ، وكان يهود المدينة يشعرون بالقهر في مواجهة الأوس والخزرج ، و لذلك كانوا ينتظرون نبي آخر الزمان لينتقم لهم من قهر الأوس والخزرج ، فلما جاء الرسول - صل الله عليه وسلم - من نسل إسماعيل ، كان الأمر بمثابة الصدمة بالنسبة ليهود المدينة، ولذلك قرروا معاداة الرسول - صل الله عليه وسلم - منذ أول يوم لدخوله المدينة . قال تعالى : *{{ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }}* .
لذلك كان من أكبر المشاكل التي واجهت الرسول- صل الله عليه وسلم - هي وجود اليهود في المدينة، واليهود معروفون بخبثهم ومكرهم ومكائدهم .
*المشركون :*
صحيح أن أغلبية أهل المدينة كانوا مسلمين، ولكن لم يكونوا كلهم مسلمين ، وكان بعضهم لا يزال على شركه، ولم يجبر الرسول - صل الله عليه وسلم - أحدا على الإسلام، وهؤلاء كانوا يكرهون الإسلام ، ويكرهون المسلمين ، ويضمرون لهم البغض والعدواة
*المنافقون:*
بعد الهجرة، ودخول أغلب أهل المدينة في الإسلام، ظهرت طائفة جديدة وهي طائفة {{ المنافقين }} والمنافق هو الذي يظهر ما لا يبطن ، وهذه الطائفة لم تكن موجودة في مكة ، لأن الإسلام كان ضعيفا، ولكن ظهرت بعد الهجرة، وبعد أن أصبح للإسلام دولة، وخصوصا بعد غزوة بدر ، وهذه الطائفة أخطر بكثير من المشركين ، لأن المشرك عداوته معروفة للإسلام ، وتستطيع أن تأخذ منه حذرك ، وأن تواجهه ، بينما المنافق مثل المرض الخفي ، الذي يفتك بالجسم دون أن تشعر به . يقول تعالى : *{{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ }}*
*مشاكل المهاجرين :*
ظهرت في المدينة مشكلة اقتصادية نتيجة هجرة عدد كبير من أهل مكة ، وموارد المدينة محدودة ، ولذلك لم يأمر الرسول - صل الله عليه وسلم -أصحابه المهاجرين إلى الحبشة بأن يأتوا إليه في المدينة .حيث لم يكن للمهاجرين بيوت يسكنونها ، ولا أعمال يعملون بها ، [[ المهاجرون تركوا مكة وأموالهم وأعمالهم ، لنتخيل الوضع ليس بالسهل أبدا ]] و أهل المدينة كلهم مزارعون ، وهي مهنتهم الوحيدة ، وهذه المهنة لا يعرفها أهل مكة ، لأن أهل مكة كان أكثرعملهم بالتجارة فقط ، وأيضا شعر المهاجرون بالغربة والحنين لبلدهم و أهلهم في مكة ؛ فأصيب المهاجرون بحالة من الحزن والاكتئاب ، و أصيب بعضهم بالحمى نتيجة حزنهم وقلّة مناعتهم .
*(السيرة_النبوية_العطرة)*
*#هذا_الحبيب 《120》*
*(( وصول النبي صل الله عليه وسلم إلى أطراف المدينة بئر عذق ))*
_______
وصل - صل الله عليه وسلم - عند قدومه للمدينة إلى بئر اسمه *{{ بئر عذق }}* هذا البئر على أطراف المدينة، يبعد عنها مسافة حوالي *{{ ١٠كم }}*، استراح - صل الله عليه وسلم - في ذلك المكان وشرب من ماء البئر فكان أول ماء يشربه في المدينة من ذلك البئر.
فلما جلس يستريح قدّر الله - عزوجل -أن يمر رجال من تجار قريش – كما تقول الروايات - كانوا قادمين من الشام وهم الآن في طريق عودتهم إلى مكة ، والقادم من الشام يمر أولاً بالمدينة ، ثم يكمل مسيره إلى مكة ، فاستراحوا على أول ماء بعد المدينة ، وكان ذلك مع وصول النبي - صل الله عليه وسلم - {{ لبئر عذق }} ، فالتقوا هناك ، وكان مع هؤلاء الرجال الصحابي الجليل الزبير بن العوّام . {{ الزبير بن العوام رضي الله عنه : وهو ابن عمة الرسول ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين إلى الإسلام، يُلقب *بـ حواري رسول الله؛* لأن النبي قال عنه:" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" أوَّل من سلَّ سيفه في الإسلام، تزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى المدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة }} .
وكان مسلما وخارجا في تجارة لقريش ، فلما التقى بالنبي - صل الله عليه وسلم - أخرج ما في بضاعته من ثياب ، وكسا النبي - صل الله عليه وسلم - وأبا بكر الصديق ثيابا بيضا جديدة حتى يدخل بها المدينة ، واستأذن النبي أن يُتم تجارته إلى مكة ثم يعود مهاجرا إلى المدينة ، فكانت كرامة لرسول الله - صل الله عليه وسلم - أن يستقبله أصحابه وهو بثياب حسنة ، فاغتسل - صل الله عليه وسلم - على ذلك الماء ولبس الثياب الجدد البيض . أهل المدينة قد بلغهم خروج النبي - صل الله عليه وسلم – وإنه في طريقه إليهم ، وقدروا مسافة الطريق سبعة أيام إلى ثمانية ، وكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الفجر إلى طرق المدينة ، يترقبون وصول رسول الله حتى تغلبهم الشمس على الظلال [[ أي تصبح حرارة الشمس عالية ولا يوجد شيء يستظلون به .. يضربهم حر الشمس ، فيدخلون بيوتهم لأنهم لا يعرفون سبب تأخر وصوله ، و أنه مكث في الغار ثلاثا ، و أنه سلك طريقا آخر تمويها لقريش ]] ، وفي اليوم الذي وصل به النبي - صل الله عليه وسلم - خرجوا كعادتهم حتى غلبتهم الشمس ؛ فلما دخلوا بيوتهم ، سمعوا صارخاً يصرخ على سطح حصن – يُقال إنه يهودي - :
يا بني *قيلة* [[ الأوس و الخزرج ]] هذا *جدكم* الذي تنتظرون قد أقبل [[ الجد يعني الحظ و النصيب ، فمحمد نصيب العرب المسلمين ]] ، يقول الصحابة : فأخذنا سلاحنا نستقبل النبي - صل الله عليه وسلم - [[ يعني من باب الاعتزاز وقوة الترحيب بالنبي ]] ، ( هو لم يدخل المدينة بعد ) ، وأخذنا نبصر الطريق وإذا به - صل الله عليه وسلم - مع صحبه الثلاثة يخفيهم السراب مرة ، ويظهرهم مرة أخرى *مبيضين مقبلين* ، [[ ما معنى مبيضين ؟ المسافر بالعادة لا تكون ثيابه نظيفة ؛ إما أن تكون اتسخت بحكم السفر ، أو عليها غبار على الأقل .. قالوا وإذا بهم مبيضين أي بثياب بيضاء نقية ]] .
يقول أصحابه - رضي الله عنهم - : لا يعرف النبي- صل الله عليه وسلم - منا أحد إلا من بايعه في مكة ، ونحن لا نعرف النبي ولم يسبق لنا أن رأيناه ، وكان هو وأبو بكر في سن واحدة متقاربة *[[ النبي - صل الله عليه وسلم - يتقدم أبو بكر بالعمر سنتين على الأقل ]]* ، فلما اقتربوا وقف النبي - صل الله عليه وسلم - وأراد أن يستقبلهم فجلس تحت ظل شجرة . يقول أصحابه فأقبلنا فرأينا رجلين مبيضين قريبين بالعمر من بعضهم البعض ، ومعهم خادم ودليل يدلهم على الطريق ، قالوا فأيقنا أن هذا هو النبي وهذا صاحبه .. ولكن أيهما النبي لا ندري !!
فقام إلينا رجل منهم يستقبلنا ، فظننا أنه رسول الله ، فأخذنا نحييه وما عرفنا أنه أبو بكر إلا عندما رجع إلى النبي ، وهو جالس لا يتكلم - صل الله عليه وسلم - فأخذ أبو بكر يظلل النبي بثوبه حتى لا تضربه الشمس ، قالوا فعرفنا أنه رسول الله ، فسلموا على رسول الله واستقبلوه . ثم مضى بهم - صل الله عليه وسلم - ذات اليمين حتى وصلوا إلى بساتين قباء ، [[ لم يدخل المدينة المنورة ، مباشرة ]] ،وكانت قباء في ذلك الوقت قرية منفصلة عن المدينة المنورة ، تبعد عن المدينة حوالي *{{ ٥ كم }}* .
فلماذا لم يدخل المدينة المنورة مباشرة واتجه نحو قباء ؟؟؟
ربّما النبي - صل الله عليه وسلم – أراد أن يستأذن أهل المدينة في الدخول على مدينتهم، خاصة أن أهل المدينة لم يكن كلهم مسلمين، بل كان هناك مشركون وكان هناك يهود أيضا ، ولأن الرسول - صل الله عليه وسلم - بدخوله المدينة ستكون هناك مرحلة جديدة من تاريخهم ، فكأن الرسول - صل الله عليه وسلم - يترك لهم فرصة لمراجعة أنفسهم ، وحتى يتأكدوا أنهم قادرون على تحمل
*#هذا_الحبيب 《120》*
*(( وصول النبي صل الله عليه وسلم إلى أطراف المدينة بئر عذق ))*
_______
وصل - صل الله عليه وسلم - عند قدومه للمدينة إلى بئر اسمه *{{ بئر عذق }}* هذا البئر على أطراف المدينة، يبعد عنها مسافة حوالي *{{ ١٠كم }}*، استراح - صل الله عليه وسلم - في ذلك المكان وشرب من ماء البئر فكان أول ماء يشربه في المدينة من ذلك البئر.
فلما جلس يستريح قدّر الله - عزوجل -أن يمر رجال من تجار قريش – كما تقول الروايات - كانوا قادمين من الشام وهم الآن في طريق عودتهم إلى مكة ، والقادم من الشام يمر أولاً بالمدينة ، ثم يكمل مسيره إلى مكة ، فاستراحوا على أول ماء بعد المدينة ، وكان ذلك مع وصول النبي - صل الله عليه وسلم - {{ لبئر عذق }} ، فالتقوا هناك ، وكان مع هؤلاء الرجال الصحابي الجليل الزبير بن العوّام . {{ الزبير بن العوام رضي الله عنه : وهو ابن عمة الرسول ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين إلى الإسلام، يُلقب *بـ حواري رسول الله؛* لأن النبي قال عنه:" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" أوَّل من سلَّ سيفه في الإسلام، تزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى المدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة }} .
وكان مسلما وخارجا في تجارة لقريش ، فلما التقى بالنبي - صل الله عليه وسلم - أخرج ما في بضاعته من ثياب ، وكسا النبي - صل الله عليه وسلم - وأبا بكر الصديق ثيابا بيضا جديدة حتى يدخل بها المدينة ، واستأذن النبي أن يُتم تجارته إلى مكة ثم يعود مهاجرا إلى المدينة ، فكانت كرامة لرسول الله - صل الله عليه وسلم - أن يستقبله أصحابه وهو بثياب حسنة ، فاغتسل - صل الله عليه وسلم - على ذلك الماء ولبس الثياب الجدد البيض . أهل المدينة قد بلغهم خروج النبي - صل الله عليه وسلم – وإنه في طريقه إليهم ، وقدروا مسافة الطريق سبعة أيام إلى ثمانية ، وكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الفجر إلى طرق المدينة ، يترقبون وصول رسول الله حتى تغلبهم الشمس على الظلال [[ أي تصبح حرارة الشمس عالية ولا يوجد شيء يستظلون به .. يضربهم حر الشمس ، فيدخلون بيوتهم لأنهم لا يعرفون سبب تأخر وصوله ، و أنه مكث في الغار ثلاثا ، و أنه سلك طريقا آخر تمويها لقريش ]] ، وفي اليوم الذي وصل به النبي - صل الله عليه وسلم - خرجوا كعادتهم حتى غلبتهم الشمس ؛ فلما دخلوا بيوتهم ، سمعوا صارخاً يصرخ على سطح حصن – يُقال إنه يهودي - :
يا بني *قيلة* [[ الأوس و الخزرج ]] هذا *جدكم* الذي تنتظرون قد أقبل [[ الجد يعني الحظ و النصيب ، فمحمد نصيب العرب المسلمين ]] ، يقول الصحابة : فأخذنا سلاحنا نستقبل النبي - صل الله عليه وسلم - [[ يعني من باب الاعتزاز وقوة الترحيب بالنبي ]] ، ( هو لم يدخل المدينة بعد ) ، وأخذنا نبصر الطريق وإذا به - صل الله عليه وسلم - مع صحبه الثلاثة يخفيهم السراب مرة ، ويظهرهم مرة أخرى *مبيضين مقبلين* ، [[ ما معنى مبيضين ؟ المسافر بالعادة لا تكون ثيابه نظيفة ؛ إما أن تكون اتسخت بحكم السفر ، أو عليها غبار على الأقل .. قالوا وإذا بهم مبيضين أي بثياب بيضاء نقية ]] .
يقول أصحابه - رضي الله عنهم - : لا يعرف النبي- صل الله عليه وسلم - منا أحد إلا من بايعه في مكة ، ونحن لا نعرف النبي ولم يسبق لنا أن رأيناه ، وكان هو وأبو بكر في سن واحدة متقاربة *[[ النبي - صل الله عليه وسلم - يتقدم أبو بكر بالعمر سنتين على الأقل ]]* ، فلما اقتربوا وقف النبي - صل الله عليه وسلم - وأراد أن يستقبلهم فجلس تحت ظل شجرة . يقول أصحابه فأقبلنا فرأينا رجلين مبيضين قريبين بالعمر من بعضهم البعض ، ومعهم خادم ودليل يدلهم على الطريق ، قالوا فأيقنا أن هذا هو النبي وهذا صاحبه .. ولكن أيهما النبي لا ندري !!
فقام إلينا رجل منهم يستقبلنا ، فظننا أنه رسول الله ، فأخذنا نحييه وما عرفنا أنه أبو بكر إلا عندما رجع إلى النبي ، وهو جالس لا يتكلم - صل الله عليه وسلم - فأخذ أبو بكر يظلل النبي بثوبه حتى لا تضربه الشمس ، قالوا فعرفنا أنه رسول الله ، فسلموا على رسول الله واستقبلوه . ثم مضى بهم - صل الله عليه وسلم - ذات اليمين حتى وصلوا إلى بساتين قباء ، [[ لم يدخل المدينة المنورة ، مباشرة ]] ،وكانت قباء في ذلك الوقت قرية منفصلة عن المدينة المنورة ، تبعد عن المدينة حوالي *{{ ٥ كم }}* .
فلماذا لم يدخل المدينة المنورة مباشرة واتجه نحو قباء ؟؟؟
ربّما النبي - صل الله عليه وسلم – أراد أن يستأذن أهل المدينة في الدخول على مدينتهم، خاصة أن أهل المدينة لم يكن كلهم مسلمين، بل كان هناك مشركون وكان هناك يهود أيضا ، ولأن الرسول - صل الله عليه وسلم - بدخوله المدينة ستكون هناك مرحلة جديدة من تاريخهم ، فكأن الرسول - صل الله عليه وسلم - يترك لهم فرصة لمراجعة أنفسهم ، وحتى يتأكدوا أنهم قادرون على تحمل