افتتاح مدرس ومقبرة أستاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله السيد حسين الحسيني الكوهكمري (قده) برعاية المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (ده)
Forwarded from | بالنجاة مرحوما
[ ١ - ٢ ] #رفوف_الخزانة
• الكافي - النسخ الخطية
نسخ الكافي الخطية بلغت من الكثرة مبلغًا عظيمًا إلا أنها تشتَّت بين المكتبات وفقدنا الكثير منها بعدما كانت بأيدينا لحوادث الزمان، ومن أبرز النسخ الواصلة المفهرسة:
(١) نسخة من أوائل القرن السابع، مجهولة الناسخ، إلا أن عليها إنهاء قراءةٍ وتصحيح ليحيى بن سعيد الحلي (صاحب الجامع)، وهو مؤرخ بشهر ربيع الآخر من عام ٦٥٢هـ، وقد اشتملت على بعض علامات التصحيح والمقابلة، والنسخة غير كاملة، اشتملت على ثلاثة كتبٍ من الكتاب، وهي محفوظةٌ في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في إيران برقم (١٤٤١٩).
(٢) نسخة علي بن أبي الميامين، وقد تراوحت تواريخ بعض كتبها بين ٦٧٤هـ و٦٧٥هـ، وقد اشتملت على علامات التصحيح والمقابلة، والنسخة غير كاملة، اشتملت على خمسة كتب، وهي محفوظةٌ الآن في مكتبة العتبة الرضوية برقم (١٣٨٠٠)، وقد انتقلت إليها من مدرسة نواب في مشهد.
(٣) نسخة ابن الغرابيلي، ولها قصةٌ عجيبةٌ نقل طرفًا منها سبط الشهيد الثاني في «الدر المنثور» عن رسالة «بغية المريد» لابن العودي، وقد نُسِخَت شهر جمادى الآخرة من عام ٩٣٧هـ، وقُرِأت على الشهيد الثاني في مجالسٍ آخرها الثامن من شهر شعبان من عام ٩٥٩هـ، وهي غير كاملة، وقد كانت النسخة مفقودة الأثر، إلا أن الله وفَّق الأستاذ العزيز أبا جعفر أحمد الحلي للوقوف عليها قبل عامَين، وهي الآن محفوظةٌ في الخزانة العلوية.
وللكتاب نسخٌ وافرةٌ مكتوبةٌ بأيدي العلماء، ومقروءةٌ على المحدِّثين، ومقابلةٌ على نسخهم، تتفاوت في أهميتها وقيمتها العلمية، وفيها ما يعود للقرن الثامن وما بعدَه، إلا أنني اكتفيتُ بهذه النسخ الثلاث كنماذج بارزة لنكاتٍ تتعلَّق بها.
وللاطلاع أكثر حول نسخ الكافي والحديث حولها، بالإمكان ملاحظة: الذريعة للآغا بزرگ، فهرس (فنخا)، معجم المخطوطات العراقية، دراية الحديث للسيد محمد الحسين الجلالي، وللدكتور محمد كاظم رحمتي حديثٌ حول الشهيد الثاني ونسخ الكافي في كتابه «شهيد ثانى ونقش وى در تحولات دينى عصر نخست صفويه»، وقد وُفِّقت لترجمته وتلخيصه عبر مقالٍ بعنوان: «دور الشهيد الثاني (ره) في رواية الكافي»، ونشرته مجلة «أطراف الأقلام».
• الكافي - النسخ الخطية
نسخ الكافي الخطية بلغت من الكثرة مبلغًا عظيمًا إلا أنها تشتَّت بين المكتبات وفقدنا الكثير منها بعدما كانت بأيدينا لحوادث الزمان، ومن أبرز النسخ الواصلة المفهرسة:
(١) نسخة من أوائل القرن السابع، مجهولة الناسخ، إلا أن عليها إنهاء قراءةٍ وتصحيح ليحيى بن سعيد الحلي (صاحب الجامع)، وهو مؤرخ بشهر ربيع الآخر من عام ٦٥٢هـ، وقد اشتملت على بعض علامات التصحيح والمقابلة، والنسخة غير كاملة، اشتملت على ثلاثة كتبٍ من الكتاب، وهي محفوظةٌ في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في إيران برقم (١٤٤١٩).
(٢) نسخة علي بن أبي الميامين، وقد تراوحت تواريخ بعض كتبها بين ٦٧٤هـ و٦٧٥هـ، وقد اشتملت على علامات التصحيح والمقابلة، والنسخة غير كاملة، اشتملت على خمسة كتب، وهي محفوظةٌ الآن في مكتبة العتبة الرضوية برقم (١٣٨٠٠)، وقد انتقلت إليها من مدرسة نواب في مشهد.
(٣) نسخة ابن الغرابيلي، ولها قصةٌ عجيبةٌ نقل طرفًا منها سبط الشهيد الثاني في «الدر المنثور» عن رسالة «بغية المريد» لابن العودي، وقد نُسِخَت شهر جمادى الآخرة من عام ٩٣٧هـ، وقُرِأت على الشهيد الثاني في مجالسٍ آخرها الثامن من شهر شعبان من عام ٩٥٩هـ، وهي غير كاملة، وقد كانت النسخة مفقودة الأثر، إلا أن الله وفَّق الأستاذ العزيز أبا جعفر أحمد الحلي للوقوف عليها قبل عامَين، وهي الآن محفوظةٌ في الخزانة العلوية.
وللكتاب نسخٌ وافرةٌ مكتوبةٌ بأيدي العلماء، ومقروءةٌ على المحدِّثين، ومقابلةٌ على نسخهم، تتفاوت في أهميتها وقيمتها العلمية، وفيها ما يعود للقرن الثامن وما بعدَه، إلا أنني اكتفيتُ بهذه النسخ الثلاث كنماذج بارزة لنكاتٍ تتعلَّق بها.
وللاطلاع أكثر حول نسخ الكافي والحديث حولها، بالإمكان ملاحظة: الذريعة للآغا بزرگ، فهرس (فنخا)، معجم المخطوطات العراقية، دراية الحديث للسيد محمد الحسين الجلالي، وللدكتور محمد كاظم رحمتي حديثٌ حول الشهيد الثاني ونسخ الكافي في كتابه «شهيد ثانى ونقش وى در تحولات دينى عصر نخست صفويه»، وقد وُفِّقت لترجمته وتلخيصه عبر مقالٍ بعنوان: «دور الشهيد الثاني (ره) في رواية الكافي»، ونشرته مجلة «أطراف الأقلام».
Forwarded from مركز الفقيه العاملي لاحياء التراث
Forwarded from مركز الفقيه العاملي لاحياء التراث
نجاة التراث في الحرب
في العام الماضي وقبل بداية حرب الإسناد بأيّام اتصل بي أحد أعزّ الأصدقاء لدي (العلامة الشيخ زين العابدين شمس الدين) ابن بلدة البازورية وطلب مني القدوم إليه ليطلعني على ما لديه من مخطوطات .
وبالفعل فقد زرته في اليوم التالي في بيته في البازورية، فوجدته قد أحضر عدداً من الأكياس فيها الكثير من المخطوطات التي كان معضمها من محفوظات والده المرحوم خادم الإمام الحسين الشيخ نجيب شمس الدين العاملي قدس سرّه .
فأردت أن أفتح الأكياس لأتصفحها فقال لي خذها فهي هدية مني لمركزكم (مركز الفقيه العاملي) .
طبعاً تعجبت أشد العجب!! فالتنازل عن هكذا إرث عظيم ليس بالأمر السهل، سيّما اذا كان الأمر متعلقاً بذكرى الوالد .
استغربت كثيراً وعرضت عليه المال مقابل المخطوطات فأبى وقال هذه هدية ولن أجد أفضل من مركزكم للحفاظ على هذه المخطوطات - وكان عددها 31 مخطوطة - .
لم استوعب الأمر فعلاً وأخذت الأكياس وتوجّهت إلى بيت والدي في بلدة المجادل وبدأت استعرض الهدية فوجدت فيها نسخاً مهمّة جدّاً .
وسأعرض صفحات منها اليوم وفي قادم الأيام إن شاء الله تعالى .
بيت القصيد ليس هنا !!!
تبيّن لي أن وراء هديّته المفاجئة حكمة بالغة اتّضحت بعد سنة تقريباً حيث التقيت بسماحته في قم المقدّسة فسألني :
هل جرى على بيتكم أو المركز أيّ مكروه - طبعاً كانت الحرب دائرة على أشدّها، وكان أهلي مستضافون كغيرهم من اللبنانيين في النجف الأشرف -
فقلت له : الحمد لله لا .
فقال لي : سبحان الله فقد دُمّر بيتي بالكامل وسوّي في الأرض في البازورية ولو لم اعطك هذه المخطوطات لكانت الآن في خبر كان (في عداد الكتب المندثرة).
*
*
مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث - حاريص - جبل عامل
**
**
صفحات من بعض النسخ المهداة
بخط العلامة المقدس الشيخ محمد علي عز الدين العاملي الحنويهي
أيضاً خط أحد العلماء المغمورين المعروف بنجدة هزيمة (غير مذكور في كتب التراجم) .
في العام الماضي وقبل بداية حرب الإسناد بأيّام اتصل بي أحد أعزّ الأصدقاء لدي (العلامة الشيخ زين العابدين شمس الدين) ابن بلدة البازورية وطلب مني القدوم إليه ليطلعني على ما لديه من مخطوطات .
وبالفعل فقد زرته في اليوم التالي في بيته في البازورية، فوجدته قد أحضر عدداً من الأكياس فيها الكثير من المخطوطات التي كان معضمها من محفوظات والده المرحوم خادم الإمام الحسين الشيخ نجيب شمس الدين العاملي قدس سرّه .
فأردت أن أفتح الأكياس لأتصفحها فقال لي خذها فهي هدية مني لمركزكم (مركز الفقيه العاملي) .
طبعاً تعجبت أشد العجب!! فالتنازل عن هكذا إرث عظيم ليس بالأمر السهل، سيّما اذا كان الأمر متعلقاً بذكرى الوالد .
استغربت كثيراً وعرضت عليه المال مقابل المخطوطات فأبى وقال هذه هدية ولن أجد أفضل من مركزكم للحفاظ على هذه المخطوطات - وكان عددها 31 مخطوطة - .
لم استوعب الأمر فعلاً وأخذت الأكياس وتوجّهت إلى بيت والدي في بلدة المجادل وبدأت استعرض الهدية فوجدت فيها نسخاً مهمّة جدّاً .
وسأعرض صفحات منها اليوم وفي قادم الأيام إن شاء الله تعالى .
بيت القصيد ليس هنا !!!
تبيّن لي أن وراء هديّته المفاجئة حكمة بالغة اتّضحت بعد سنة تقريباً حيث التقيت بسماحته في قم المقدّسة فسألني :
هل جرى على بيتكم أو المركز أيّ مكروه - طبعاً كانت الحرب دائرة على أشدّها، وكان أهلي مستضافون كغيرهم من اللبنانيين في النجف الأشرف -
فقلت له : الحمد لله لا .
فقال لي : سبحان الله فقد دُمّر بيتي بالكامل وسوّي في الأرض في البازورية ولو لم اعطك هذه المخطوطات لكانت الآن في خبر كان (في عداد الكتب المندثرة).
*
*
مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث - حاريص - جبل عامل
**
**
صفحات من بعض النسخ المهداة
بخط العلامة المقدس الشيخ محمد علي عز الدين العاملي الحنويهي
أيضاً خط أحد العلماء المغمورين المعروف بنجدة هزيمة (غير مذكور في كتب التراجم) .
الكلمة التوجيهية لسماحة السيد الأستاذ محمد رضا السيستاني(دامت بركاته) في نهاية درسه الشريف من العام الحالي ١٤٤٦
بسم الله الرحمن الرحيم
لِنختم الكلام في هذه السنة الدراسية بالإشارة الى جانب من سيرة الشيخ الأعظم الأنصاريّ (رضوان الله عليه) بمناسبة قرب حلول الذكرى السنويّة لولادته المباركة في يوم عيد الغدير الأغرّ عام 1214 هـ، لنستلهمَ منها بعض المعاني الجليلة على أمل أن نُوفَّق للاقتداء به ولو بعض الشيء في سلوكنا ومسيرتنا.
حُكِي عن تلميذه الأجلّ المحقق الرشتي (قدس سره) أنه كان يقول: (مات الشيخ وترك علمه لي، وعقله للميرزا محمد حسن الشيرازيّ، وأخذ تقواه وزهده الى قبره).
والحقيقة أن الشيخ (قدّس الله نفسه الزكية) نموذج فريد في الأعصار الأخيرة لمن يكاد أن يبلغ القمّة في الجوانب الثلاثة جميعاً:
1 ـ أما علمه في حقلَي الفقه وأصوله فناهيك دليلاً عليه كتبه ولا سيما الرسائل والمكاسب حيث عكف عليهما معظم المحقّقين في العصور اللاحقة وأُدْرِجا في منهج الدراسة الحوزويّة في مرحلة السطح العالي منذ ما يقرب من مائةٍ وخمسين عاماً، وكانت هناك محاولات ولا تزال لاستبدالهما بغيرهما، ولكن الحقّ أن من أراد تحصيل التخصّص العالي في علمَي الأصول والفقه فلا غنى له عن هذين الكتابين درساً وتدريساً تحقيقاً وتدقيقاً.
ولم يصل (أعلى الله مقامه) الى هذه المرتبة العليا في العلم إلا بما بذله من جهد متواصل طيلة حياته المباركة التي لم تبلغ السبعين اشتغالاً وتحصيلاً، بحيث لم يكن يصرف وقته فيما عدا العلم والعبادة الا فيما تقتضيه ضرورات الحياة، حتى أنه إذا أراد التشرّف بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدّسة صحب معه جمعاً من الفضلاء لِيذاكر معهم العلم في سفره ولا يتعطّل عن ذلك حتى لأيام قليلة.
2 ـ وأما عقله - والمقصود به حكمته وبُعْد نظره في الأمور الاجتماعيةّ وحُسْن تدبيره لها - فهو يثير غاية الإعجاب، فإنه بعد أن أرجع اليه في التقليد الشيخ صاحب الجواهر (قدس سره) في خطوة عظيمة قلّ نظيرها أهميةً في تاريخ المرجعيّة الدينيّة تمكَّن من توحيد الحوزة العلميّة التي كانت تعاني من انقسامات أسريّة حادّة، وتعامل (قدس سره) في دور مرجعيته العامّة مع مختلف الفتن والقضايا التي أثيرت في عصره ومنها فتنة البابيّة وذيولها بحكمة بالغة، كما إنه تعامل مع البلاط الإيرانيّ والحكم العثمانيّ في بغداد بعزّة نفس عالية خلافاً لما كان سائداً قبله في الأوساط العلمائيّة فلم يكن يقبل منهم أيّ هدايا أو أموال كما لم يكن يقبل استقبال المسؤولين الحكوميّين الا لبضع دقائق بعد تمنّع شديد، وبذلك فرض احترامه البالغ على الجميع، وأمّا خيريّة (أودة) الهنديّة التي كانت بيد البريطانيّين فقد رفض قبولها بالمرّة وقبلها غيرُه، ولا يسع المجال لاستعراض الشواهد على رجحان عقله والتفاته الى دقائق المصالح العامّة في زمانه.
3 ـ وأمّا زهده وتقواه فحدثّ عنهما ولا حرج، فإنه كان بالرغم ممّا يأتيه من الحقوق الشرعيّة الكثيرة يعيش عيشة الفقراء، وقد جاء اليه بعض تجّار بغداد في أواخر حياته وعرض عليه مبلغاً من أمواله الشخصيّة ليكون في سعة بعض الشيء فرفض وقال: (لقد قضيتُ معظم عمري مع الفقر والفاقة ويعزّ عليّ أن يُمحى اسمي من قائمة الفقراء ويُسجَّل في قائمة الأغنياء في الأيّام الباقية من حياتي).
وعندما أراد تزويج كريمته من ابن أخيه جاء الحاج محمد صالح كبّة وكان من تجّار بغداد واستأذنه في تكفّل مصاريف الزواج من ماله الخاصّ فرفض ذلك وزفّ كريمته الى بيت زوجها بجهاز يسير جدّاً.
وقد وهب له بعض أثرياء إيران مبلغاً ليشتري به منزلاً لنفسه فبنى به المسجد المعروف باسمه في سوق الحويش، ولمّا سأله ذلك الثريّ عمّا صنع بالمال جاء به الى المسجد وقال له: (هذا هو المنزل الذي اشتريته!)، وقد تُوفِّي ولم يملك منزلاً ولم تبلغ قيمة تركته سوى سبعة عشر توماناً من العملة الإيرانيّة وكان مُقْتَرِضاً بهذا المقدار فتكفّل بعض الوجهاء للصرف على مجلس فاتحته!
ومن جميل ما يُحكى من ورعه أن أحدهم رأى الشيطان في المنام وبيده عدّة حبال بألوان زاهية جميلة فسأله ماذا تصنع بها؟ فأجابه: بها أضلّ الناس وأجرّهم الى نفسي، فقال له: وهل استخدمتَ واحداً منها معي قط؟ فقال: لا، أنت وأمثالك تتبعوني بمجرّد الإشارة وإنما استخدم الحبل مع الكِبار الذين أجرّ عشرات الآلاف من الناس عن طريق اتّباعهم لهم، وقد حاولت في الليلة الماضية أن أجرّ بها الشيخ مرتضى الأنصاريّ ولكنه في أثناء الطريق حرّر نفسه من الحبل.
يقول الرجل: فلمّا استيقظتُ حكيتُ للشيخ رؤياي فقال: قد صدق الخبيث، في تلك الليلة طلبوا في البيت شراء حاجة ضروريّة ولم يكن لديّ مال إلا بعض سهم الإمام (عليه السلام) فأقنعتُ نفسي بالأخذ منه وتأمين تلك الحاجة، فلمّا وصلت إلى منتصف الطريق تنبهّتُ وندمتً على فعلتي ورجعتُ الى البيت وأرجعتُ المال الى محلّه.
بسم الله الرحمن الرحيم
لِنختم الكلام في هذه السنة الدراسية بالإشارة الى جانب من سيرة الشيخ الأعظم الأنصاريّ (رضوان الله عليه) بمناسبة قرب حلول الذكرى السنويّة لولادته المباركة في يوم عيد الغدير الأغرّ عام 1214 هـ، لنستلهمَ منها بعض المعاني الجليلة على أمل أن نُوفَّق للاقتداء به ولو بعض الشيء في سلوكنا ومسيرتنا.
حُكِي عن تلميذه الأجلّ المحقق الرشتي (قدس سره) أنه كان يقول: (مات الشيخ وترك علمه لي، وعقله للميرزا محمد حسن الشيرازيّ، وأخذ تقواه وزهده الى قبره).
والحقيقة أن الشيخ (قدّس الله نفسه الزكية) نموذج فريد في الأعصار الأخيرة لمن يكاد أن يبلغ القمّة في الجوانب الثلاثة جميعاً:
1 ـ أما علمه في حقلَي الفقه وأصوله فناهيك دليلاً عليه كتبه ولا سيما الرسائل والمكاسب حيث عكف عليهما معظم المحقّقين في العصور اللاحقة وأُدْرِجا في منهج الدراسة الحوزويّة في مرحلة السطح العالي منذ ما يقرب من مائةٍ وخمسين عاماً، وكانت هناك محاولات ولا تزال لاستبدالهما بغيرهما، ولكن الحقّ أن من أراد تحصيل التخصّص العالي في علمَي الأصول والفقه فلا غنى له عن هذين الكتابين درساً وتدريساً تحقيقاً وتدقيقاً.
ولم يصل (أعلى الله مقامه) الى هذه المرتبة العليا في العلم إلا بما بذله من جهد متواصل طيلة حياته المباركة التي لم تبلغ السبعين اشتغالاً وتحصيلاً، بحيث لم يكن يصرف وقته فيما عدا العلم والعبادة الا فيما تقتضيه ضرورات الحياة، حتى أنه إذا أراد التشرّف بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدّسة صحب معه جمعاً من الفضلاء لِيذاكر معهم العلم في سفره ولا يتعطّل عن ذلك حتى لأيام قليلة.
2 ـ وأما عقله - والمقصود به حكمته وبُعْد نظره في الأمور الاجتماعيةّ وحُسْن تدبيره لها - فهو يثير غاية الإعجاب، فإنه بعد أن أرجع اليه في التقليد الشيخ صاحب الجواهر (قدس سره) في خطوة عظيمة قلّ نظيرها أهميةً في تاريخ المرجعيّة الدينيّة تمكَّن من توحيد الحوزة العلميّة التي كانت تعاني من انقسامات أسريّة حادّة، وتعامل (قدس سره) في دور مرجعيته العامّة مع مختلف الفتن والقضايا التي أثيرت في عصره ومنها فتنة البابيّة وذيولها بحكمة بالغة، كما إنه تعامل مع البلاط الإيرانيّ والحكم العثمانيّ في بغداد بعزّة نفس عالية خلافاً لما كان سائداً قبله في الأوساط العلمائيّة فلم يكن يقبل منهم أيّ هدايا أو أموال كما لم يكن يقبل استقبال المسؤولين الحكوميّين الا لبضع دقائق بعد تمنّع شديد، وبذلك فرض احترامه البالغ على الجميع، وأمّا خيريّة (أودة) الهنديّة التي كانت بيد البريطانيّين فقد رفض قبولها بالمرّة وقبلها غيرُه، ولا يسع المجال لاستعراض الشواهد على رجحان عقله والتفاته الى دقائق المصالح العامّة في زمانه.
3 ـ وأمّا زهده وتقواه فحدثّ عنهما ولا حرج، فإنه كان بالرغم ممّا يأتيه من الحقوق الشرعيّة الكثيرة يعيش عيشة الفقراء، وقد جاء اليه بعض تجّار بغداد في أواخر حياته وعرض عليه مبلغاً من أمواله الشخصيّة ليكون في سعة بعض الشيء فرفض وقال: (لقد قضيتُ معظم عمري مع الفقر والفاقة ويعزّ عليّ أن يُمحى اسمي من قائمة الفقراء ويُسجَّل في قائمة الأغنياء في الأيّام الباقية من حياتي).
وعندما أراد تزويج كريمته من ابن أخيه جاء الحاج محمد صالح كبّة وكان من تجّار بغداد واستأذنه في تكفّل مصاريف الزواج من ماله الخاصّ فرفض ذلك وزفّ كريمته الى بيت زوجها بجهاز يسير جدّاً.
وقد وهب له بعض أثرياء إيران مبلغاً ليشتري به منزلاً لنفسه فبنى به المسجد المعروف باسمه في سوق الحويش، ولمّا سأله ذلك الثريّ عمّا صنع بالمال جاء به الى المسجد وقال له: (هذا هو المنزل الذي اشتريته!)، وقد تُوفِّي ولم يملك منزلاً ولم تبلغ قيمة تركته سوى سبعة عشر توماناً من العملة الإيرانيّة وكان مُقْتَرِضاً بهذا المقدار فتكفّل بعض الوجهاء للصرف على مجلس فاتحته!
ومن جميل ما يُحكى من ورعه أن أحدهم رأى الشيطان في المنام وبيده عدّة حبال بألوان زاهية جميلة فسأله ماذا تصنع بها؟ فأجابه: بها أضلّ الناس وأجرّهم الى نفسي، فقال له: وهل استخدمتَ واحداً منها معي قط؟ فقال: لا، أنت وأمثالك تتبعوني بمجرّد الإشارة وإنما استخدم الحبل مع الكِبار الذين أجرّ عشرات الآلاف من الناس عن طريق اتّباعهم لهم، وقد حاولت في الليلة الماضية أن أجرّ بها الشيخ مرتضى الأنصاريّ ولكنه في أثناء الطريق حرّر نفسه من الحبل.
يقول الرجل: فلمّا استيقظتُ حكيتُ للشيخ رؤياي فقال: قد صدق الخبيث، في تلك الليلة طلبوا في البيت شراء حاجة ضروريّة ولم يكن لديّ مال إلا بعض سهم الإمام (عليه السلام) فأقنعتُ نفسي بالأخذ منه وتأمين تلك الحاجة، فلمّا وصلت إلى منتصف الطريق تنبهّتُ وندمتً على فعلتي ورجعتُ الى البيت وأرجعتُ المال الى محلّه.
ويُحكى أنّ والدته وكانت من النساء الصالحات قالت له يوماً: مع كل ما يأتيك من الأموال لماذا تُضيِّق على أخيك الشيخ منصور ولا تدفع له بمقدار كفايته؟ فقال لها - وكان يحترمها غاية الاحترام -: هذا مفتاح صندوق الأموال فخذي بالمقدار الذي تريدينه لأخي ولكن عليكِ حسابه في يوم القيامة، فتراجعتْ عن كلامها.
ويقال إنه سمع يوماً طفلته تقول لأمّها: (إن بنات الناس يأتين الى مكتب تعلّم القرآن ومعهنّ أنواع المأكولات وأنت تعطين لنا لفّة خبز مع قليل من الكرّاث!) فخاطب الشيخ أمّ الطفلة بقوله: أعطيها غداً لفّة الخبز خالية من الكرّاث حتى تستذوق الخبز مع الكرّاث ولا تطالب بالأزيد من ذلك.
هذه نماذج ممّا يُحكى عن زهد الشيخ وورعه، ونظيرُه (قدس سره) العديد من علمائنا الأبرار، فأين نحن من هذا كلّه؟! أسأل الله تعالى أن يوفّقنا للاقتداء بهم والاستضاءة بسيرتهم.
منقول
ويقال إنه سمع يوماً طفلته تقول لأمّها: (إن بنات الناس يأتين الى مكتب تعلّم القرآن ومعهنّ أنواع المأكولات وأنت تعطين لنا لفّة خبز مع قليل من الكرّاث!) فخاطب الشيخ أمّ الطفلة بقوله: أعطيها غداً لفّة الخبز خالية من الكرّاث حتى تستذوق الخبز مع الكرّاث ولا تطالب بالأزيد من ذلك.
هذه نماذج ممّا يُحكى عن زهد الشيخ وورعه، ونظيرُه (قدس سره) العديد من علمائنا الأبرار، فأين نحن من هذا كلّه؟! أسأل الله تعالى أن يوفّقنا للاقتداء بهم والاستضاءة بسيرتهم.
منقول
Forwarded from الخزانة العلوية
#أخبار_الخزانة
الخزانة العلوية تعيد الحياة إلى وثيقة تاريخية نفيسة في إطار جهودها للحفاظ على الإرث الثقافي
في خطوة بارزة نحو صيانة التراث الإسلامي والتاريخي، قامت شعبة الخزانة والمتحف العلوي التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العلوية المقدسة بترميم وثيقة نسب تاريخية يعود تاريخ كتابتها لأكثر من مائة عام، وتحمل امضاءات عدد من كبار علماء الطائفة.
وفي هذا السياق، أوضح مسؤول شعبة الخزانة، الأستاذ عمار مسلم ما شاء الله، أن العناية بالمخطوطات والوثائق النادرة تعدّ جزءاً أساسياً من جهود الحفاظ على الإرث الثقافي.
مشيراً إلى أن هذه الوثيقة النفيسة كُتِبت عام 1328هـ، وتضم إمضاءات لشخصيات علمية بارزة، مثل السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي صاحب العروة الوثقى، والشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية، والشيخ علي رفيش، وشيخ الشريعة الغروي الأصفهاني، والسيد جعفر آل بحر العلوم،والشيخ عبدالله المامقاني، والشيخ أغا بزرك الطهراني وغيرهم، ممن ساهموا في إثراء التراث العلمي والفكري (قدّس الله أسرارهم).
#الخزانة_العلوية.
#قسم_الشؤون_الفكرية_والثقافية.
#العتبة_العلوية_المقدسة.
الخزانة العلوية تعيد الحياة إلى وثيقة تاريخية نفيسة في إطار جهودها للحفاظ على الإرث الثقافي
في خطوة بارزة نحو صيانة التراث الإسلامي والتاريخي، قامت شعبة الخزانة والمتحف العلوي التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العلوية المقدسة بترميم وثيقة نسب تاريخية يعود تاريخ كتابتها لأكثر من مائة عام، وتحمل امضاءات عدد من كبار علماء الطائفة.
وفي هذا السياق، أوضح مسؤول شعبة الخزانة، الأستاذ عمار مسلم ما شاء الله، أن العناية بالمخطوطات والوثائق النادرة تعدّ جزءاً أساسياً من جهود الحفاظ على الإرث الثقافي.
مشيراً إلى أن هذه الوثيقة النفيسة كُتِبت عام 1328هـ، وتضم إمضاءات لشخصيات علمية بارزة، مثل السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي صاحب العروة الوثقى، والشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية، والشيخ علي رفيش، وشيخ الشريعة الغروي الأصفهاني، والسيد جعفر آل بحر العلوم،والشيخ عبدالله المامقاني، والشيخ أغا بزرك الطهراني وغيرهم، ممن ساهموا في إثراء التراث العلمي والفكري (قدّس الله أسرارهم).
#الخزانة_العلوية.
#قسم_الشؤون_الفكرية_والثقافية.
#العتبة_العلوية_المقدسة.
Forwarded from متفرقات من التراث (~j_b)
دعاء_يوم_عرفة_للإمام_سید_الشهداء_علیهالسلام_وذيله.pdf
2.5 MB
دعاء يوم عرفة للإمام سيد الشهداء عليه السلام وذيله
رضا مختاري
رضا مختاري
Forwarded from 📖معلمة أصحاب الحديث📖
#خزانة_أصحاب_الحديث [7]
📖 العنوان: كتاب «الدعاء».
📖 المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان الضبي الكوفي (ت195هـ).
📖 المصدر: المكتبة الظاهرية - مجاميع العمرية (34=2).
🏷 تنبيه: النسخة بخط الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر (ت571هـ).
📖 العنوان: كتاب «الدعاء».
📖 المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان الضبي الكوفي (ت195هـ).
📖 المصدر: المكتبة الظاهرية - مجاميع العمرية (34=2).
🏷 تنبيه: النسخة بخط الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر (ت571هـ).
Forwarded from مزيد نوادر الكتب قناة مزيد.
Forwarded from Scatterings مبعثرات
إصدارات مركز تراث الحلة
يضم هذا الموقع الكثير من إصدارات مركز تراث الحلة الذي يستمر في المساهمة بمجموعة قيمة من المطبوعات.
والمرجو استمرار جهود هذا المركز والمحافظة على تحديث واستمرار الموقع الإلكتروني، فالكثير من المواقع أصبحت إما منسية بسبب عدم المتابعة أو فارقت الوجود في العالم الافتراضي لأسباب شتى.
https://mk.iq/hellah/issues
وكتب
علي بن يوسف الحمد
@scatterings
https://tttttt.me/scatterings
يضم هذا الموقع الكثير من إصدارات مركز تراث الحلة الذي يستمر في المساهمة بمجموعة قيمة من المطبوعات.
والمرجو استمرار جهود هذا المركز والمحافظة على تحديث واستمرار الموقع الإلكتروني، فالكثير من المواقع أصبحت إما منسية بسبب عدم المتابعة أو فارقت الوجود في العالم الافتراضي لأسباب شتى.
https://mk.iq/hellah/issues
وكتب
علي بن يوسف الحمد
@scatterings
https://tttttt.me/scatterings