🆓 فري بوست | تباتيڪ .
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
واحد حلف على ابنه بالطلاق لو يدخل البيت ان امه طالق
المهم الولد كل يوم يصيح من باب الشباك لامه اتدي حق القات والا ادخل🙈😆
ذلها الله لا وفقه الملعون😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
حمود اصطاد سمكة
خرجت السمكه من البحر قالت حمود معك عقل او يدي الله
قال كيف
قالت معك غاز قال لا
معك قيمة الزيت قال لا
معك قيمة حطب قال لا
قالت كان مامعك والنباش
مارايك اطلع لك مشوي
زعل حمود بس السمكة الصدق طلعت ذوق وأخذت معه سيلفي ورجعت البحر
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الأب : ها طالع مع ربعك
الولد : لا طالع مع نصك
المهم .. التخصصي - الدور الثاني -
جناح 4 - غرفه 17
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
واحد جاه أبوه وهو ماسك الكتاب
قاله : تذاكر ؟
قال : لا الدخول مجاناً
المهم أذنه اليمين للحين تصفر
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الشي الوحيد اللي اتفقوا عليه العرب . . .
الزمزميه الكبيرة شاي☺
والزمزمية الصغيرة قهوة
😂😂ههههههههه
😂هههههــهههههه😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وحدة متينة تسأل زوجها:
وش ألبس .. أي لون؟
قال لها: الرمادي!
قالت له: ليش؟
قال : لأن هذا اللون الطبيعي للفيل!
يقولون بركت عليه ومات
😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
السعودي إذا سمع أغنية حزينة
1- يعلي الصوت
2- يضرب الدركسون
3- يرد نمرة ويدعس
4- يميل جسمه للباب
يعني جت ع الجرح !
يا رجال كل تبن و سق ما أحد
درى عنك
هههههههههههههههههه 😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كاتبة ع التويتر لن أتزوج حتى أعثر على شاب يشبه أبي بالمال والجمال
وأبوها مطلوب في المحكمة
عليه أقساط ثلاجه💦😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
من طلب العلم سهر الليالي ,وانا سهرت الليالي والانهاري والظهاري وماشفت الا الاصفاري🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›عندي' قدرة رهيبة
`
•إن أغير رأي أهلي من لا
•إلى قلنا لايعني لأ ?🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›اكثر' شعور يوجع مو الغيرة
`
• ولا الحب انك تجوع
• في بيت مو بيتكم?😹🖐
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الى زوجتي المستقبليه .
لو سمحتي افتحي الخاص
جاي انسق امور الخطبه والزواج😂😂😂
ههههههههههههههههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
شيبه من حق ذمار
يوصي عياله : قلهم
لو مُت ياجهالي في هذا البرد أمانه لا غسلتوني .. احرقوني ساع الهنوووود 🌚😂💔
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
🌚💔
#دايم اللي معاه مفتاح البيت تلقاه اخر شخص
#ينزل من السياره ويمشي شوي شوي☹️💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
المفروض لما تزعل من أهلك يكون فيه ممر سري من غرفتك للمطبخ عشان الكرامه بس🌚😅😂
هّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّـهّـهّـأّأّأّأّأّأّأّأّيِّ
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
واحد حلف على ابنه بالطلاق لو يدخل البيت ان امه طالق
المهم الولد كل يوم يصيح من باب الشباك لامه اتدي حق القات والا ادخل🙈😆
ذلها الله لا وفقه الملعون😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
حمود اصطاد سمكة
خرجت السمكه من البحر قالت حمود معك عقل او يدي الله
قال كيف
قالت معك غاز قال لا
معك قيمة الزيت قال لا
معك قيمة حطب قال لا
قالت كان مامعك والنباش
مارايك اطلع لك مشوي
زعل حمود بس السمكة الصدق طلعت ذوق وأخذت معه سيلفي ورجعت البحر
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الأب : ها طالع مع ربعك
الولد : لا طالع مع نصك
المهم .. التخصصي - الدور الثاني -
جناح 4 - غرفه 17
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
واحد جاه أبوه وهو ماسك الكتاب
قاله : تذاكر ؟
قال : لا الدخول مجاناً
المهم أذنه اليمين للحين تصفر
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الشي الوحيد اللي اتفقوا عليه العرب . . .
الزمزميه الكبيرة شاي☺
والزمزمية الصغيرة قهوة
😂😂ههههههههه
😂هههههــهههههه😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وحدة متينة تسأل زوجها:
وش ألبس .. أي لون؟
قال لها: الرمادي!
قالت له: ليش؟
قال : لأن هذا اللون الطبيعي للفيل!
يقولون بركت عليه ومات
😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
السعودي إذا سمع أغنية حزينة
1- يعلي الصوت
2- يضرب الدركسون
3- يرد نمرة ويدعس
4- يميل جسمه للباب
يعني جت ع الجرح !
يا رجال كل تبن و سق ما أحد
درى عنك
هههههههههههههههههه 😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كاتبة ع التويتر لن أتزوج حتى أعثر على شاب يشبه أبي بالمال والجمال
وأبوها مطلوب في المحكمة
عليه أقساط ثلاجه💦😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
من طلب العلم سهر الليالي ,وانا سهرت الليالي والانهاري والظهاري وماشفت الا الاصفاري🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›عندي' قدرة رهيبة
`
•إن أغير رأي أهلي من لا
•إلى قلنا لايعني لأ ?🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›اكثر' شعور يوجع مو الغيرة
`
• ولا الحب انك تجوع
• في بيت مو بيتكم?😹🖐
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الى زوجتي المستقبليه .
لو سمحتي افتحي الخاص
جاي انسق امور الخطبه والزواج😂😂😂
ههههههههههههههههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
شيبه من حق ذمار
يوصي عياله : قلهم
لو مُت ياجهالي في هذا البرد أمانه لا غسلتوني .. احرقوني ساع الهنوووود 🌚😂💔
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
🌚💔
#دايم اللي معاه مفتاح البيت تلقاه اخر شخص
#ينزل من السياره ويمشي شوي شوي☹️💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
المفروض لما تزعل من أهلك يكون فيه ممر سري من غرفتك للمطبخ عشان الكرامه بس🌚😅😂
هّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّهّـهّـهّـأّأّأّأّأّأّأّأّيِّ
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ .
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
اماراتي يكلم يمني
تقول لنا جدتي على زمنهم كانو يغسلون الملابس بيداتهم 😄 تصدق
قال اليمني اي نعم مصدق 😁
قال اﻻماراتي وانتو 😳
قال اليمني والله الذي خلقك ان عاد احنا في زمن جدتك لاذلحين
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
😂 😂 😂 😂 😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
لما تنقطع الكهرباء 💔
وبطارية جوالك %100😍
تحس أنك امنت مستقبلك 😂✌️
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
احتفال الحوثيين بمولد الرسول الأعظم .. مثل احتفال عاصي والديه بعيد الام .
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›قمة الأمل إن صاحب
`
•شركة نوكيا للحين ينزل أجهزة!
•ياخي استسلم?☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
رووووعه جداً ولذييييذه 😋
الطريقة والمقادير :
المواد اللازمة :
ेूवमनह रुबवंनय ुक ोि रुपहोवत रपि रपिुह ीलनर 6 ुरमलर ुक
طريقة التحضير :
ुपर्ेप क्लव कुेोावनत नरुग ुकनव्ु पकवलतक ेिनलवतूगलन ्गलन पपत ्े गू वगु त्ेवन
لا تزيدوون من बिुिबा
وطبعااا أضيفوووا ्पनवहब
حسب الرغبة 😋😜😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
هل_تعلم☹
ان كل شعوب العالم تحلم بالمستقبل إلا الشعب اليمني يحلم بـأيـام الحمدي
😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
رأى حكيم شاب يلاحق فتاة جميلة في الشارع ،فقال له :
ايها الشاب اتعرف من هذه الفتاة ؟؟
فأجاب الشاب :لا
فقال الحكيم : الحمدلله تعال نلحقها انا وانت😁
حسبته انه بيعطيه نصيحة؟؟
لا حبيبي الدنيا خربت حتى الحكيم تغير😂😂😂
ههههههه😂😂😂ههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆› عندما' تتراكم عليك
• الأمور السيئه املأ بطنك بما لذ
•وطاب ثم ضع رأسك على الوسادة
`
• واخلد في نوما عميقا ?😹🖐
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›متى' الشاب بيموت قهر ?
`
•لما يكون في محل واشترى شي •ويشتي يراجل صاحب المحل
•وفي بنات بالمحل فجأه بيتحول
• امير قطر ويفلت الباقي ?☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
إذا تهاوشت مع شخص سريع الكتابة
اشوف الدنيا تمطر رسايل
و انا اكتب : اخترم نفشك احسنلط😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
البنت طالع بعيونها تستحي
اكلها بإيدك تستحي
أمسك ايدها تستحي
بس شوف محادثاتها مع صديقاتها
انت تستحي🌚😂💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
اكثر انسان حزين في كوكب الأرض
هو طالب سنة ثانية فالجامعة !
لا هو جديد و متحمس،
ولا هو خريج و يقول هانت 🌚😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قال لها مبتسما لو طلبتي الدنيا ومافيها لأتيتكي بها، فطلبت منه ايفون 8، فلم ترى ملامحه مجدداً "̯😂😂🏃
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
اماراتي يكلم يمني
تقول لنا جدتي على زمنهم كانو يغسلون الملابس بيداتهم 😄 تصدق
قال اليمني اي نعم مصدق 😁
قال اﻻماراتي وانتو 😳
قال اليمني والله الذي خلقك ان عاد احنا في زمن جدتك لاذلحين
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
😂 😂 😂 😂 😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
لما تنقطع الكهرباء 💔
وبطارية جوالك %100😍
تحس أنك امنت مستقبلك 😂✌️
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
احتفال الحوثيين بمولد الرسول الأعظم .. مثل احتفال عاصي والديه بعيد الام .
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›قمة الأمل إن صاحب
`
•شركة نوكيا للحين ينزل أجهزة!
•ياخي استسلم?☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
رووووعه جداً ولذييييذه 😋
الطريقة والمقادير :
المواد اللازمة :
ेूवमनह रुबवंनय ुक ोि रुपहोवत रपि रपिुह ीलनर 6 ुरमलर ुक
طريقة التحضير :
ुपर्ेप क्लव कुेोावनत नरुग ुकनव्ु पकवलतक ेिनलवतूगलन ्गलन पपत ्े गू वगु त्ेवन
لا تزيدوون من बिुिबा
وطبعااا أضيفوووا ्पनवहब
حسب الرغبة 😋😜😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
هل_تعلم☹
ان كل شعوب العالم تحلم بالمستقبل إلا الشعب اليمني يحلم بـأيـام الحمدي
😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
رأى حكيم شاب يلاحق فتاة جميلة في الشارع ،فقال له :
ايها الشاب اتعرف من هذه الفتاة ؟؟
فأجاب الشاب :لا
فقال الحكيم : الحمدلله تعال نلحقها انا وانت😁
حسبته انه بيعطيه نصيحة؟؟
لا حبيبي الدنيا خربت حتى الحكيم تغير😂😂😂
ههههههه😂😂😂ههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆› عندما' تتراكم عليك
• الأمور السيئه املأ بطنك بما لذ
•وطاب ثم ضع رأسك على الوسادة
`
• واخلد في نوما عميقا ?😹🖐
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
☆›متى' الشاب بيموت قهر ?
`
•لما يكون في محل واشترى شي •ويشتي يراجل صاحب المحل
•وفي بنات بالمحل فجأه بيتحول
• امير قطر ويفلت الباقي ?☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
إذا تهاوشت مع شخص سريع الكتابة
اشوف الدنيا تمطر رسايل
و انا اكتب : اخترم نفشك احسنلط😂
😜
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
البنت طالع بعيونها تستحي
اكلها بإيدك تستحي
أمسك ايدها تستحي
بس شوف محادثاتها مع صديقاتها
انت تستحي🌚😂💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
اكثر انسان حزين في كوكب الأرض
هو طالب سنة ثانية فالجامعة !
لا هو جديد و متحمس،
ولا هو خريج و يقول هانت 🌚😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قال لها مبتسما لو طلبتي الدنيا ومافيها لأتيتكي بها، فطلبت منه ايفون 8، فلم ترى ملامحه مجدداً "̯😂😂🏃
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة ( 9⃣) :
ـ➖➖➖➖➖
💧الـــــدمـــــــو؏💧
كانت الألفاظ تتصاعد مسرعة من أعماق نفسي كأنها شعلات من نار تنمو وتتطاير ثم تتبدد وتضمحل في زوايا تلك الحقيقة، وكانت سلمى مصغية والدموع تنهمر من عينيها كأن أجفانها شفاء تجيبني بالدموع على الكلام.
إن اللذين لم يهبهم الحب أجنحة لا يستطيعون أن يطيروا إلى ما وراء الغيوم ليروا ذلك العالم السحري الذي طافت فيه روحي وروح سلمى في تلك الساعة المحزنة بأفراحها المفرحة بأوجاعها. إن اللذين لم يتخذهم الحب أتباعاً لا يسمعون الحب متكلماً. فهذه الحكاية لم تكتب لهم، فهم وإن فهموا معاني هذه الصفحات الضئيلة لا يمكنهم أن يروا ما يسيل بين سطورها من الأشباح والخيالات التي لا تلبس الحبر ثوباً ولا تتخذ الورق مسكناً. ولكن أي بشري لم يرشف من خمرة الحب في إحدى كاساته؟ أية نفس لم تقف متهيبة في ذلك الهيكل المنير المرصوف بحبات القلوب المسقوف بالأسرار والأحلام والعواطف؟ أي زهرة لم يسكب الصباح قطرة من الندى بين أوراقها، وأي ساقية تضل طريقها ولا تذهب إلى البحر؟
ورفعت سلمى إذا ذاك رأسها نحو السماء المزينة بالكواكب ومدت يديها إلى الأمام وكبرت عيناها وارتجفت شفتاها وظهر على وجهها المصفر كل ما في نفس المرأة المظلومة من الشكوى والقنوط والألم. ثم صرخت قائلة: "ماذا فعلت المرأة يا رب فاستحقت غضبك. ماذا أتت من الذنوب ليتبعها سخطك إلى آخر الدهور. هل اقترفت جرماً لا نهاية لفظاظته ليكون عقابك لها بغير نهاية؟ أنت قوي يا رب وهي ضعيفة فلماذا تبيدها بالأوجاع؟ أنت عظيم وهي تدب حول عرشك فلماذا تسحقها بقدميك؟ أنت عاصفة شديدة وهي كالغبار أمام وجهك فلماذا تذريها على الثلوج؟ أنت جبار وهي بائسة فلماذا تحاربها؟ أنت بصير عليم وهي تائهة عمياء فلماذا تهلكها؟ أنت توجدها بالمحبة فكيف بالمحبة تفنيها؟ بيمينك ترفعها إليك وبشمالك تدفعها إلى الهاوية وهي جاهلة لا تدري أنّى ترفعها وكيف تدفعها. في فمها نسمة الحياة وفي قلبها تزرع بذور الموت. على سبل السعادة تسيرها راجلة ثم تبعث الشقاء فارساً ليصطادها. في حنجرتها تبث نغمة الفرح ثم تغلق شفتيها بالحزن وتربط لسانها بالكآبة. بأصابعك الخفية تمنطق باللذة أوجاعها وبأصابعك الظاهرة ترتسم هالات الأوجاع حول ملذاتها، في مضجعها تخفي الراحة والسلامة وبجانب مضجعها تقيم المخاوف والمتاعب. بإرادتك تحيي أميالها ومن أميالها تتولد عيوبها وذلاتها، بمشيئتك تريها محاسن مخلوقاتك وبمشيئتك تنقلب محبتها للحسن مجاعة مهلكة، بشريعتك تزوج روحها من جسد جميل وبقضائك تجعل جسدها بعلا للضعف والهوان.. أنت تسقيها الحياة بكأس الموت والموت بكأس الحياة. أنت تطهرها بدموعها وبدموعها تذيبها. أنت تملأ جوفها من خبز الرجل ثم تملأ حفنة الرجل من حبات صدرها. أنت أنت يا رب قد فتحت عيني بالمحبة وبالمحبة أعميتني. أنت قبلتني بشفتيك وبيدك القوية صفعتني. أنت زرعت في قلبي وردة بيضاء وحول هذه الوردة أنبت الأشواك والحسك، أنت أوثقت حاضري بروح فتى أحبه وبجسد رجل لا أعرفه قيدت أيامي، فساعدني لأكون قوية في هذا الصراع المميت، وأسعفني لأبقى أمينة وطاهرة حتى الموت.. لتكن مشيئتك يا رب. ليكن اسمك مباركاً إلى النهاية".
وسكتت سلمى وظلت ملامحها تتكلم، ثم أحنت رأسها وأرخت ذراعيها وانخفض هيكلها كأن القوى الحيوية قد تركتها فبانت لناظري كغصن قصفته العاصفة وألقته إلى الحضيض ليجف ويندثر تحت أقدام الدهر. فأخذت يدها المثلجة بيدي الملتهبة وقبلت أصابعها بأجفاني وشفتي، ولما حاولت تعزيتها بالكلام وجدتني أحرى منها بالتعزية والشفقة فبقيت صامتاً حائراً متأملاً شاعراً بتلاعب الدقائق بعواطفي مصغياً لأنة قلبي في داخلي خائفاً من نفسي على نفسي.
ولم ينبس أحدنا ببنت شفة في ما بقي من تلك الليلة لأن اللوعة إذا عظمت تصير خرساء فبقينا ساكتين جامدين كعمودي رخام قبرهما الزلزال في التراب، ولم يعد أحدنا يريد أن يسمع الآخر متكلماً لأن خيوط قلبينا قد وهت حتى صار التنهد دون الكلام يقطعها.
انتصف الليل ونمت رهبة السكوت وطلع القمر ناقصاً من وراء صنين وبان بين النجوم كوجه ميت شاحب غارق في المساند السوداء بين شموع ضئيلة تحيط بنعشه، وظهر لبنان كشيخ لوت ظهره الأعوام وأناخت هيكله الأحزان وهجر أجفانه الرقاد فبات يساهي الدجى ويترقب الفجر كملك مخلوع جالس على رماد عرشه بين خرائب قصره. إن الجبال والأشجار والأنهار تتبدد هيئاتها ومظاهرها بتقلب الحالات والأزمنة مثلما تتغير ملامح وجه الإنسان بتغيير أفكاره وعواطفه، فشجرة الحور التي تتعالى في النهار كعروس جميلة يلاعب النسيم أثوابها تظهر في المساء كعمود دخان يتصاعد نحو اللاشيء، والصخر الكبير الذي يجلس عند الظهيرة كجبار قوي يهزأ بعاديات الزمن يبدوا في الليل كفقير بائس يفترش الثرى ويلتحف الفضاء، والساقية التي نراها عند الصب
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة ( 9⃣) :
ـ➖➖➖➖➖
💧الـــــدمـــــــو؏💧
كانت الألفاظ تتصاعد مسرعة من أعماق نفسي كأنها شعلات من نار تنمو وتتطاير ثم تتبدد وتضمحل في زوايا تلك الحقيقة، وكانت سلمى مصغية والدموع تنهمر من عينيها كأن أجفانها شفاء تجيبني بالدموع على الكلام.
إن اللذين لم يهبهم الحب أجنحة لا يستطيعون أن يطيروا إلى ما وراء الغيوم ليروا ذلك العالم السحري الذي طافت فيه روحي وروح سلمى في تلك الساعة المحزنة بأفراحها المفرحة بأوجاعها. إن اللذين لم يتخذهم الحب أتباعاً لا يسمعون الحب متكلماً. فهذه الحكاية لم تكتب لهم، فهم وإن فهموا معاني هذه الصفحات الضئيلة لا يمكنهم أن يروا ما يسيل بين سطورها من الأشباح والخيالات التي لا تلبس الحبر ثوباً ولا تتخذ الورق مسكناً. ولكن أي بشري لم يرشف من خمرة الحب في إحدى كاساته؟ أية نفس لم تقف متهيبة في ذلك الهيكل المنير المرصوف بحبات القلوب المسقوف بالأسرار والأحلام والعواطف؟ أي زهرة لم يسكب الصباح قطرة من الندى بين أوراقها، وأي ساقية تضل طريقها ولا تذهب إلى البحر؟
ورفعت سلمى إذا ذاك رأسها نحو السماء المزينة بالكواكب ومدت يديها إلى الأمام وكبرت عيناها وارتجفت شفتاها وظهر على وجهها المصفر كل ما في نفس المرأة المظلومة من الشكوى والقنوط والألم. ثم صرخت قائلة: "ماذا فعلت المرأة يا رب فاستحقت غضبك. ماذا أتت من الذنوب ليتبعها سخطك إلى آخر الدهور. هل اقترفت جرماً لا نهاية لفظاظته ليكون عقابك لها بغير نهاية؟ أنت قوي يا رب وهي ضعيفة فلماذا تبيدها بالأوجاع؟ أنت عظيم وهي تدب حول عرشك فلماذا تسحقها بقدميك؟ أنت عاصفة شديدة وهي كالغبار أمام وجهك فلماذا تذريها على الثلوج؟ أنت جبار وهي بائسة فلماذا تحاربها؟ أنت بصير عليم وهي تائهة عمياء فلماذا تهلكها؟ أنت توجدها بالمحبة فكيف بالمحبة تفنيها؟ بيمينك ترفعها إليك وبشمالك تدفعها إلى الهاوية وهي جاهلة لا تدري أنّى ترفعها وكيف تدفعها. في فمها نسمة الحياة وفي قلبها تزرع بذور الموت. على سبل السعادة تسيرها راجلة ثم تبعث الشقاء فارساً ليصطادها. في حنجرتها تبث نغمة الفرح ثم تغلق شفتيها بالحزن وتربط لسانها بالكآبة. بأصابعك الخفية تمنطق باللذة أوجاعها وبأصابعك الظاهرة ترتسم هالات الأوجاع حول ملذاتها، في مضجعها تخفي الراحة والسلامة وبجانب مضجعها تقيم المخاوف والمتاعب. بإرادتك تحيي أميالها ومن أميالها تتولد عيوبها وذلاتها، بمشيئتك تريها محاسن مخلوقاتك وبمشيئتك تنقلب محبتها للحسن مجاعة مهلكة، بشريعتك تزوج روحها من جسد جميل وبقضائك تجعل جسدها بعلا للضعف والهوان.. أنت تسقيها الحياة بكأس الموت والموت بكأس الحياة. أنت تطهرها بدموعها وبدموعها تذيبها. أنت تملأ جوفها من خبز الرجل ثم تملأ حفنة الرجل من حبات صدرها. أنت أنت يا رب قد فتحت عيني بالمحبة وبالمحبة أعميتني. أنت قبلتني بشفتيك وبيدك القوية صفعتني. أنت زرعت في قلبي وردة بيضاء وحول هذه الوردة أنبت الأشواك والحسك، أنت أوثقت حاضري بروح فتى أحبه وبجسد رجل لا أعرفه قيدت أيامي، فساعدني لأكون قوية في هذا الصراع المميت، وأسعفني لأبقى أمينة وطاهرة حتى الموت.. لتكن مشيئتك يا رب. ليكن اسمك مباركاً إلى النهاية".
وسكتت سلمى وظلت ملامحها تتكلم، ثم أحنت رأسها وأرخت ذراعيها وانخفض هيكلها كأن القوى الحيوية قد تركتها فبانت لناظري كغصن قصفته العاصفة وألقته إلى الحضيض ليجف ويندثر تحت أقدام الدهر. فأخذت يدها المثلجة بيدي الملتهبة وقبلت أصابعها بأجفاني وشفتي، ولما حاولت تعزيتها بالكلام وجدتني أحرى منها بالتعزية والشفقة فبقيت صامتاً حائراً متأملاً شاعراً بتلاعب الدقائق بعواطفي مصغياً لأنة قلبي في داخلي خائفاً من نفسي على نفسي.
ولم ينبس أحدنا ببنت شفة في ما بقي من تلك الليلة لأن اللوعة إذا عظمت تصير خرساء فبقينا ساكتين جامدين كعمودي رخام قبرهما الزلزال في التراب، ولم يعد أحدنا يريد أن يسمع الآخر متكلماً لأن خيوط قلبينا قد وهت حتى صار التنهد دون الكلام يقطعها.
انتصف الليل ونمت رهبة السكوت وطلع القمر ناقصاً من وراء صنين وبان بين النجوم كوجه ميت شاحب غارق في المساند السوداء بين شموع ضئيلة تحيط بنعشه، وظهر لبنان كشيخ لوت ظهره الأعوام وأناخت هيكله الأحزان وهجر أجفانه الرقاد فبات يساهي الدجى ويترقب الفجر كملك مخلوع جالس على رماد عرشه بين خرائب قصره. إن الجبال والأشجار والأنهار تتبدد هيئاتها ومظاهرها بتقلب الحالات والأزمنة مثلما تتغير ملامح وجه الإنسان بتغيير أفكاره وعواطفه، فشجرة الحور التي تتعالى في النهار كعروس جميلة يلاعب النسيم أثوابها تظهر في المساء كعمود دخان يتصاعد نحو اللاشيء، والصخر الكبير الذي يجلس عند الظهيرة كجبار قوي يهزأ بعاديات الزمن يبدوا في الليل كفقير بائس يفترش الثرى ويلتحف الفضاء، والساقية التي نراها عند الصب
فري_بوست|تباتيڪ (F.P.T):
اح متلمعة كذوب اللجين ونسمعها مترنمة بأغنية الخلود نخالها في المساء مجرى دموع يتفجر من بين أضلع الوادي ونسمعها تندب وتنوح كالثكلى، ولبنان الذي ظهر منذ أسبوع بكل مظاهر الجلال والرونق عندما كان القمر بدراً والنفس راضية قد بان في تلك الليلة كئيباً منهوكاً مستوحشاً أمام قمر ضئيل ناقص هائم في عرض السماء وقلب خافق معتل داخل صدر.
وقفنا للوداع وقد وقف بيننا الحب واليأس شبحين هائلين هذا باسط جناحية فوق رأسينا وذاك قابض بأظافره على عنقينا هذا يبكي مرتاعاً وذاك يضحك ساخراً؛ ولما أخذت يد سلمى ووضعتها على شفتي متبركاً دنت مني ولثمت مفرق شعري ثم عادت وارتمت على المقعد الخشبي وأطبقت جفنها وهمست ببطء "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة".
انفصلت عن سلمى وخرجت من تلك الحديقة شاعراً بنقاب كثيف يوشي مداركي الحسية مثلما يغمر الضباب وجه البحيرة وسرت وخيالات الأشجار القائمة على جانبي الطريق تتحرك أمامي كأنها أشباح قد انبثقت من شقوق الأرض لتخيفني وأشعة القمر الضعيفة ترتعش بين الغصون كأنها سهام دقيقة تريشها أرواح الجان السابحة في الفضاء نحو صدري، السكينة العميقة تخيم علي كأنها أكف سوداء ثقيلة ألقتها الظلمة على جسدي. كل ما في الوجود وكل ما في الحياة وكل سر في النفس قد صار قبيحاً رهيباً هائلاً، فالنور المعنوي الذي أراني جمال العالم وبهجة الكائنات قد انقلب ناراً تحرق كبدي بلهيبها متستر نفسي بدخانها. والنغمة التي كانت تضم إليها أصوات المخلوقات وتجعلها نشيداً علوياً قد استحالت في تلك الساعة إلى ضجيج أروع من زمجرة الأسد وأعمق من صراخ الهاوية.
بلغت غرفتي وارتميت على فراشي كطائر رماه الصياد فسقط بين السياج والسهم في قلبه. وظلت عاقلتي تترواح بين يقظة مخيفة ونوم مزعج وروحي في داخلي تردد في الحالتين كلمات سلمى "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة". الشيخ إذا ذاك بين اللحف ومد يده النحيلة نحو سلمى وبصوت أودعه كل ما في قلب الأب من الرقة والرأفة وكل ما في صدر العليل من السقم والألم قال: "ضعي يدك في يدي يا سلمى".
فمدت يدها وألقتها بين أصابعه فضمها بلطف ثم زاد قائلاً "لقد شبعت من السنين يا ولدي. قد عشت طويلاً وتلذذت بكل ما تثمره الفصول وتمتعت بكل ما تبرزه الأيام والليالي. قد لاحقت الفراش صبياً وعانقت الحب فتىً وجمعت المال كهلاً وكنت في هذه الأدوار سعيداً مغبوطاً... فقدت أمك يا سلمى قبل أن تبلغي الثالثة ولكنها أبقتك لي كنزاً ثميناً فكنت تنمين بسرعة نمو الهلال، وتنعكس على وجهك ملامح أمك مثلما تنعكس أشعة النجوم في حوض ماء هادئ، وتظهر أخلاقها ومزاياها بأعمالك وأقوالك ظهور الحلي الذهبية من وراء النقاب الرقيق، فتعزيت بك يا ولدي لأنك كنت مثلها جميلة وحكيمة... والآن قد صرت شيخاً طاعناً وراحة الشيوخ بين أجنحة الموت الناعمة، فتعزي يا ولدي لأنني بقيت لأراك امرأة كاملة وافرحي لأني سأبقى بك حياً بعد موتي. إن ذهابي الآن مثل ذهابي غداً أو بعده، لأن أيامنا مثل أوراق الخريف تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس، فإن أسرعت بي إلى الأبدية فلأنها علمت بأن روحي قد اشتاقت إلى لقاء أمك..".
لفظ الكلمات الأخيرة بنغمة مفعمة بحلاوة الحنين والرجاء ولاحت على وجهه المنقبض أشعة شبيهة بذلك النور الذي ينبثق من أجفان الأطفال. ثم مد يده بين المساند المحيطة برأسه وانتشل صورة صغيرة قديمة يمنطقها إطار من الذهب قد نعمت حدوده ملامس الأيدي ومحت نقوشه قبل الشفاه. ثم قال بدون أن يحول عينيه عن الرسم "اقتربي يا سلمى اقتربي مني يا ولدي لأريك خيال أمك، تعالي وانظري ظلها على صفحة من الورق".
فدنت سلمى ماسحة الدموع من مقلتيها كيلا تحول بين ناظرها والرسم الضئيل، وبعد أن أحدقت به طويلاً كأنه مرآة تعكس معانيها وشكل وجهها، قربته من شفتيها وقبلته بلهفة مراراً متوالية ثم صرخت قائلة "يا أماه، يا أماه، يا أماه" ولم تزد على هذه الكلمة بل عادت ووضعت الرسم على شفتيها المرتعشتين كأنها تريد أن تثبت فيه الحياة بأنفاسها الحارة.
إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة (الأم) وأجمل مناداة هي (يا أمي) كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه.
كل شيء يرمز ويتكلم عن الأمومة فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحضنها بنورها ولا تغادرها عند المساء إلا بعد أن تنومها على نغمات أمواج البحر وترنيمة العصافير والسواقي، وهذه الأرض هي أم للأشجار والأزهار تلدها وترضعها ثم تفطمها والأشجار والأزهار تصير بدورها أمهات حنونات للأثمار الشهية والبذور الحية. وأم كل شيء في الكيان هو الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والمحبة.
وسلمى كرامة لم تكن تعرف أمها لأنها ماتت وهي
اح متلمعة كذوب اللجين ونسمعها مترنمة بأغنية الخلود نخالها في المساء مجرى دموع يتفجر من بين أضلع الوادي ونسمعها تندب وتنوح كالثكلى، ولبنان الذي ظهر منذ أسبوع بكل مظاهر الجلال والرونق عندما كان القمر بدراً والنفس راضية قد بان في تلك الليلة كئيباً منهوكاً مستوحشاً أمام قمر ضئيل ناقص هائم في عرض السماء وقلب خافق معتل داخل صدر.
وقفنا للوداع وقد وقف بيننا الحب واليأس شبحين هائلين هذا باسط جناحية فوق رأسينا وذاك قابض بأظافره على عنقينا هذا يبكي مرتاعاً وذاك يضحك ساخراً؛ ولما أخذت يد سلمى ووضعتها على شفتي متبركاً دنت مني ولثمت مفرق شعري ثم عادت وارتمت على المقعد الخشبي وأطبقت جفنها وهمست ببطء "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة".
انفصلت عن سلمى وخرجت من تلك الحديقة شاعراً بنقاب كثيف يوشي مداركي الحسية مثلما يغمر الضباب وجه البحيرة وسرت وخيالات الأشجار القائمة على جانبي الطريق تتحرك أمامي كأنها أشباح قد انبثقت من شقوق الأرض لتخيفني وأشعة القمر الضعيفة ترتعش بين الغصون كأنها سهام دقيقة تريشها أرواح الجان السابحة في الفضاء نحو صدري، السكينة العميقة تخيم علي كأنها أكف سوداء ثقيلة ألقتها الظلمة على جسدي. كل ما في الوجود وكل ما في الحياة وكل سر في النفس قد صار قبيحاً رهيباً هائلاً، فالنور المعنوي الذي أراني جمال العالم وبهجة الكائنات قد انقلب ناراً تحرق كبدي بلهيبها متستر نفسي بدخانها. والنغمة التي كانت تضم إليها أصوات المخلوقات وتجعلها نشيداً علوياً قد استحالت في تلك الساعة إلى ضجيج أروع من زمجرة الأسد وأعمق من صراخ الهاوية.
بلغت غرفتي وارتميت على فراشي كطائر رماه الصياد فسقط بين السياج والسهم في قلبه. وظلت عاقلتي تترواح بين يقظة مخيفة ونوم مزعج وروحي في داخلي تردد في الحالتين كلمات سلمى "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة". الشيخ إذا ذاك بين اللحف ومد يده النحيلة نحو سلمى وبصوت أودعه كل ما في قلب الأب من الرقة والرأفة وكل ما في صدر العليل من السقم والألم قال: "ضعي يدك في يدي يا سلمى".
فمدت يدها وألقتها بين أصابعه فضمها بلطف ثم زاد قائلاً "لقد شبعت من السنين يا ولدي. قد عشت طويلاً وتلذذت بكل ما تثمره الفصول وتمتعت بكل ما تبرزه الأيام والليالي. قد لاحقت الفراش صبياً وعانقت الحب فتىً وجمعت المال كهلاً وكنت في هذه الأدوار سعيداً مغبوطاً... فقدت أمك يا سلمى قبل أن تبلغي الثالثة ولكنها أبقتك لي كنزاً ثميناً فكنت تنمين بسرعة نمو الهلال، وتنعكس على وجهك ملامح أمك مثلما تنعكس أشعة النجوم في حوض ماء هادئ، وتظهر أخلاقها ومزاياها بأعمالك وأقوالك ظهور الحلي الذهبية من وراء النقاب الرقيق، فتعزيت بك يا ولدي لأنك كنت مثلها جميلة وحكيمة... والآن قد صرت شيخاً طاعناً وراحة الشيوخ بين أجنحة الموت الناعمة، فتعزي يا ولدي لأنني بقيت لأراك امرأة كاملة وافرحي لأني سأبقى بك حياً بعد موتي. إن ذهابي الآن مثل ذهابي غداً أو بعده، لأن أيامنا مثل أوراق الخريف تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس، فإن أسرعت بي إلى الأبدية فلأنها علمت بأن روحي قد اشتاقت إلى لقاء أمك..".
لفظ الكلمات الأخيرة بنغمة مفعمة بحلاوة الحنين والرجاء ولاحت على وجهه المنقبض أشعة شبيهة بذلك النور الذي ينبثق من أجفان الأطفال. ثم مد يده بين المساند المحيطة برأسه وانتشل صورة صغيرة قديمة يمنطقها إطار من الذهب قد نعمت حدوده ملامس الأيدي ومحت نقوشه قبل الشفاه. ثم قال بدون أن يحول عينيه عن الرسم "اقتربي يا سلمى اقتربي مني يا ولدي لأريك خيال أمك، تعالي وانظري ظلها على صفحة من الورق".
فدنت سلمى ماسحة الدموع من مقلتيها كيلا تحول بين ناظرها والرسم الضئيل، وبعد أن أحدقت به طويلاً كأنه مرآة تعكس معانيها وشكل وجهها، قربته من شفتيها وقبلته بلهفة مراراً متوالية ثم صرخت قائلة "يا أماه، يا أماه، يا أماه" ولم تزد على هذه الكلمة بل عادت ووضعت الرسم على شفتيها المرتعشتين كأنها تريد أن تثبت فيه الحياة بأنفاسها الحارة.
إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة (الأم) وأجمل مناداة هي (يا أمي) كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه.
كل شيء يرمز ويتكلم عن الأمومة فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحضنها بنورها ولا تغادرها عند المساء إلا بعد أن تنومها على نغمات أمواج البحر وترنيمة العصافير والسواقي، وهذه الأرض هي أم للأشجار والأزهار تلدها وترضعها ثم تفطمها والأشجار والأزهار تصير بدورها أمهات حنونات للأثمار الشهية والبذور الحية. وأم كل شيء في الكيان هو الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والمحبة.
وسلمى كرامة لم تكن تعرف أمها لأنها ماتت وهي
طفلة وقد شهقت متأثرة عند
ما رأت رسمها ونادتها "يا أماه" أسرت إرادتها لأن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي الممطر.
كانت سلمى تحدق برسم أمها ثم تقبله بلهفة ثم تلزه صدرها الخفوق ثم تتأوه متنهدة ومع كل تنهدة تفقد جزءاً من قواها حتى إذا ماوهت الحياة في جسدها النحيل هوت وسقطت بجانب سرير أبيها. فوضع كلتا يديه على رأسها قائلاً "قد أريتك يا ولدي شبح أمك على صفحة من الورق فاصغي إلي لآسمعك أقوالها".
فرفعت سلمى رأسها مثلما تفعل الفراخ في العش عندما تسمع حفيف أجنحة العصفورة بين القضبان، ونظرت إليه مصغية صاغرة كأن ذاتها المعنوية قد استحالت إلى أعين محدقة وآذان واعية.
فقال والدها "كنت طفلة رضيعة عندما فقدت أمك والدها الشيخ فحزنت لفقده وبكت بكاء حكيم متجلد ولكنها لم تعد من جانب قبره حتى جلست بجانبي في هذه الغرفة وأخذت يدي براحتيها وقالت (قد مات والدي يا فارس وأنت باقي لي وهذه هي تعزيتي. إن القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصناً قوياً تتألم ولكنها لا تموت بل تحوّل قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه الغضة مكان الغصن المقطوع). هذا ما قالته والدتك يا سلمى عندما مات أبوها وهذا ما يجب عليك أن تقوليه عندما يأخذ الموت جسدي إلى راحة القبر وروحي إلى ظل الله".
فأجابت سلمى متفجعة "فقدت أمي والدها فبقيت أنت لها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ مات والدها وهي في ظلال زوج محب فاضل أمين ــ مات والدها فبقيت لها طفلة تغمر رأسها الصغير بثدييها وتطوق عنقها بذراعيها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ أنت أبي وأمي ورفيق حداثتي ومهذب شبيبتي فبمن أستعيض إذا ما ذهبت عني؟".
قالت هذا وحولت عينيها الدامعتين
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ما رأت رسمها ونادتها "يا أماه" أسرت إرادتها لأن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي الممطر.
كانت سلمى تحدق برسم أمها ثم تقبله بلهفة ثم تلزه صدرها الخفوق ثم تتأوه متنهدة ومع كل تنهدة تفقد جزءاً من قواها حتى إذا ماوهت الحياة في جسدها النحيل هوت وسقطت بجانب سرير أبيها. فوضع كلتا يديه على رأسها قائلاً "قد أريتك يا ولدي شبح أمك على صفحة من الورق فاصغي إلي لآسمعك أقوالها".
فرفعت سلمى رأسها مثلما تفعل الفراخ في العش عندما تسمع حفيف أجنحة العصفورة بين القضبان، ونظرت إليه مصغية صاغرة كأن ذاتها المعنوية قد استحالت إلى أعين محدقة وآذان واعية.
فقال والدها "كنت طفلة رضيعة عندما فقدت أمك والدها الشيخ فحزنت لفقده وبكت بكاء حكيم متجلد ولكنها لم تعد من جانب قبره حتى جلست بجانبي في هذه الغرفة وأخذت يدي براحتيها وقالت (قد مات والدي يا فارس وأنت باقي لي وهذه هي تعزيتي. إن القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصناً قوياً تتألم ولكنها لا تموت بل تحوّل قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه الغضة مكان الغصن المقطوع). هذا ما قالته والدتك يا سلمى عندما مات أبوها وهذا ما يجب عليك أن تقوليه عندما يأخذ الموت جسدي إلى راحة القبر وروحي إلى ظل الله".
فأجابت سلمى متفجعة "فقدت أمي والدها فبقيت أنت لها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ مات والدها وهي في ظلال زوج محب فاضل أمين ــ مات والدها فبقيت لها طفلة تغمر رأسها الصغير بثدييها وتطوق عنقها بذراعيها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ أنت أبي وأمي ورفيق حداثتي ومهذب شبيبتي فبمن أستعيض إذا ما ذهبت عني؟".
قالت هذا وحولت عينيها الدامعتين
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (🔟 ) :
ـ➖➖➖➖➖
🚂أمـــام عـــرش الـــمـــوت🚂
إنما الزيجة في أيامنا هذه تجارة مضحكة مبكية يتولى أمورها الفتيان وآباء الصبايا، الفتيان يربحون في أكثر المواطن والآباء يخسرون دائماً، أما الصبايا المتنقلات كالسلع من منزل إلى آخر فتزول بهجتهن ونظير الأمتعة العتيقة يصير نصيبهن زاويا حيث الظلمة والفناء البطيء.
إن المدينة الحاضرة قد أنمت مدارك المرأة قليلاً ولكنها أكثرت أوجاعها بتعميم مطامع الرجل، كانت المرأة بالأمس خادمة سعيدة فصارت اليوم سيدة تعيسة، كانت بالأمس عمياء تسير في نور النهار فأصبحت مبصرة تسير في ظلمة الليل. كانت جميلة بجهلها فاضلة ببساطتها قوية بضعفها فصارت قبيحة بتفننها سطحية بمداركها بعيدة عن القلب بمعارفها، فهل يجيء يوم يجتمع في المرأة الجمال بالمعرفة والتفنن بالفضيلة وضعف الجسد بقوة النفس؟ أنا من القائلين إن الارتقاء الروحي سنّة في البشر والتقرب من الكمال شريعة بطيئة لكنها فعالة، فإذا كانت المرأة قد ارتقت بشيء وتأخرت بشيء آخر فلأن العقبات التي تبلغنا قمة الجبل لا تخلو من مكامن اللصوص وكهوف الذئاب؛ ففي هذا الجبل الشبيه بالغيبوبة التي تتقدم اليقظة ــ في هذا الجبل القابض بكفيه على تراب الأجيال الغابرة وبذور الأجيال الآتية ــ في هذا الجبل الغريب بأمياله وأمانيه لا تخلو مدينة من امرأة ترمز بوجودها عن ابنة المستقبل، وسلمى كرامة كانت في بيروت رمز المرأة الشرقية العتيدة، ولكنها كالكثيرين الذين يعيشون قبل زمانهم قد ذهبت ضحية الزمن الحاضر ونظير زهرة اختطفتها تيار النهر قد سارت قهراً في مركب الحياة نحو الشقاء.
وتزوج منصور بك من سلمى فسكنا معاً في منزل فخم قائم على شاطئ البحر في رأس بيروت حيث يقطن وجهاء القوم والأغنياء، وبقي فارس كرامة وحده في ذلك البيت المنفرد بين الحدائق والبساتين انفراد الراعي بين أغنامه، ومضت أيام العرس وانقضت ليالي الأفراح ومر الشهر الذي يدعوه الناس عسلاً تاركاً وراءه شهور الخل والعلقم مثلما تترك أمجاد الحروب جماجم القتلى في البرية البعيدة، إن بهرجة الأعراس الشرقية تصعد بنفوس الفتيان والصبايا صعود النسر إلى ما وراء الغيوم ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق اليم، بل هي مثل آثار الأقدام على رمال الشاطئ لا تلبث أن تمحوها الأمواج.
وذهب الربيع وتلاه الصيف وجاء الخريف ومحبتي لسلمى تتدرج من شغف فتى في صباح العمر بامرأة حسناء إلى نوع من تلك العبادة الخرساء التي يشعر بها الصبي اليتيم نحو روح أمه الساكنة في الأبدية، فالصبابة التي كانت تمتلك كليتي قد تحولت إلى كآبة عمياء لا ترى غير نفسها. والولع الذي كان يستدر الدموع من عيني قد انقلب ولهاً يستقطر الدم من قلبي. وأنه الحنين التي كانت تملأ ضلوعي أصبحت صلاة عميقة تقدمها روحي في السكينة أمام السماء مستمدة السعادة لسلمى والغبطة لبعلها والطمأنينة لولدها، ولكن باطلاً كنت أشفق وأبتهل وأصلي لأن تعاسة سلمى كانت علة في داخل النفس لا يشفيها سوى الموت، أما بعلها فكان من أولئك الرجال الذين يحصلون بغير تعب على كل ما يجعل الحياة هنيئة ولا يقنعون بل ويطمحون دائماً إلى ما ليس لهم وهكذا يظلون معذبين بمطامعهم إلى نهاية أيامهم؛ وباطلاً كنت أرجو الطمأنينة لفارس كرامة لأن صهره لم يستلم يد ابنته ويحصل على أموالها حتى نسيه وهجره بل صار يطلب حتفه توصيلاً إلى ما بقي من ثروته.
كان منصور بك شبيهاً بعمه المطران بولس غالب وكانت أخلاقه ونفسه صورة مصغرة لنفسه ولم يكن الفرق بينهما إلا بما يفرق الرياء عن الانحطاط، كان المطران يبلغ أمانيه مستتراً بأثوابه البنفسجية وبشبع مطامعه محتمياً بالصليب الذهبي المعلق على صدره، أما ابن أخيه فكان يفعل كل ذلك جهراً وعنوة. كان المطران يذهب إلى الكنيسة في الصباح ويصرف ما بقي من النهار منتزعاً الأموال من الأرامل واليتامى وبسطاء القلب، أما منصور بك فكان يقضي النهار كله متبعاً ملذاته ملاحقاً شهواته في تلك الأزقة المظلمة حيث يختمر الهواء بأنفاس الفساد، كان المطران يقف يوم الأحد أمام المذبح ويعظ المؤمنين بما لا يتعظ به ويصرف أيام الأسبوع مشتغلاً بسياسة البلاد. أما ابن أخيه فكان يصرف جميع أيامه متاجراً بنفوذ عمه بين طالبي الوظائف ومريدي الوجاهة. كان المطران يسير مختبئاً بستائر الليل، أما منصور بك فكان يمشي بشجاعة في نور النهار.
كذا تبيد الشعوب بين اللصوص والمحتالين مثلما تفني القطعان بين أنياب الذئاب وقواطع الجزارين، وهكذا تستسلم الأمم إلى ذوي النفوس المعوجة والأخلاق الفاسدة فتتراجع إلى الوراء ثم تهبط إلى الحضيض فيمر الدهر ويسحقها بأقدامه مثلما تسحق مطارق الحديد آنية الفخار...
وماذا يا ترى يجعلني الآن أن أشغل هذه الصفحات بالكلام عن أمم بائسة يائسة وأنا قد خصصتها
لتدوين حكاية امرأة تاعسة وتصوير خيالات قلب و
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (🔟 ) :
ـ➖➖➖➖➖
🚂أمـــام عـــرش الـــمـــوت🚂
إنما الزيجة في أيامنا هذه تجارة مضحكة مبكية يتولى أمورها الفتيان وآباء الصبايا، الفتيان يربحون في أكثر المواطن والآباء يخسرون دائماً، أما الصبايا المتنقلات كالسلع من منزل إلى آخر فتزول بهجتهن ونظير الأمتعة العتيقة يصير نصيبهن زاويا حيث الظلمة والفناء البطيء.
إن المدينة الحاضرة قد أنمت مدارك المرأة قليلاً ولكنها أكثرت أوجاعها بتعميم مطامع الرجل، كانت المرأة بالأمس خادمة سعيدة فصارت اليوم سيدة تعيسة، كانت بالأمس عمياء تسير في نور النهار فأصبحت مبصرة تسير في ظلمة الليل. كانت جميلة بجهلها فاضلة ببساطتها قوية بضعفها فصارت قبيحة بتفننها سطحية بمداركها بعيدة عن القلب بمعارفها، فهل يجيء يوم يجتمع في المرأة الجمال بالمعرفة والتفنن بالفضيلة وضعف الجسد بقوة النفس؟ أنا من القائلين إن الارتقاء الروحي سنّة في البشر والتقرب من الكمال شريعة بطيئة لكنها فعالة، فإذا كانت المرأة قد ارتقت بشيء وتأخرت بشيء آخر فلأن العقبات التي تبلغنا قمة الجبل لا تخلو من مكامن اللصوص وكهوف الذئاب؛ ففي هذا الجبل الشبيه بالغيبوبة التي تتقدم اليقظة ــ في هذا الجبل القابض بكفيه على تراب الأجيال الغابرة وبذور الأجيال الآتية ــ في هذا الجبل الغريب بأمياله وأمانيه لا تخلو مدينة من امرأة ترمز بوجودها عن ابنة المستقبل، وسلمى كرامة كانت في بيروت رمز المرأة الشرقية العتيدة، ولكنها كالكثيرين الذين يعيشون قبل زمانهم قد ذهبت ضحية الزمن الحاضر ونظير زهرة اختطفتها تيار النهر قد سارت قهراً في مركب الحياة نحو الشقاء.
وتزوج منصور بك من سلمى فسكنا معاً في منزل فخم قائم على شاطئ البحر في رأس بيروت حيث يقطن وجهاء القوم والأغنياء، وبقي فارس كرامة وحده في ذلك البيت المنفرد بين الحدائق والبساتين انفراد الراعي بين أغنامه، ومضت أيام العرس وانقضت ليالي الأفراح ومر الشهر الذي يدعوه الناس عسلاً تاركاً وراءه شهور الخل والعلقم مثلما تترك أمجاد الحروب جماجم القتلى في البرية البعيدة، إن بهرجة الأعراس الشرقية تصعد بنفوس الفتيان والصبايا صعود النسر إلى ما وراء الغيوم ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق اليم، بل هي مثل آثار الأقدام على رمال الشاطئ لا تلبث أن تمحوها الأمواج.
وذهب الربيع وتلاه الصيف وجاء الخريف ومحبتي لسلمى تتدرج من شغف فتى في صباح العمر بامرأة حسناء إلى نوع من تلك العبادة الخرساء التي يشعر بها الصبي اليتيم نحو روح أمه الساكنة في الأبدية، فالصبابة التي كانت تمتلك كليتي قد تحولت إلى كآبة عمياء لا ترى غير نفسها. والولع الذي كان يستدر الدموع من عيني قد انقلب ولهاً يستقطر الدم من قلبي. وأنه الحنين التي كانت تملأ ضلوعي أصبحت صلاة عميقة تقدمها روحي في السكينة أمام السماء مستمدة السعادة لسلمى والغبطة لبعلها والطمأنينة لولدها، ولكن باطلاً كنت أشفق وأبتهل وأصلي لأن تعاسة سلمى كانت علة في داخل النفس لا يشفيها سوى الموت، أما بعلها فكان من أولئك الرجال الذين يحصلون بغير تعب على كل ما يجعل الحياة هنيئة ولا يقنعون بل ويطمحون دائماً إلى ما ليس لهم وهكذا يظلون معذبين بمطامعهم إلى نهاية أيامهم؛ وباطلاً كنت أرجو الطمأنينة لفارس كرامة لأن صهره لم يستلم يد ابنته ويحصل على أموالها حتى نسيه وهجره بل صار يطلب حتفه توصيلاً إلى ما بقي من ثروته.
كان منصور بك شبيهاً بعمه المطران بولس غالب وكانت أخلاقه ونفسه صورة مصغرة لنفسه ولم يكن الفرق بينهما إلا بما يفرق الرياء عن الانحطاط، كان المطران يبلغ أمانيه مستتراً بأثوابه البنفسجية وبشبع مطامعه محتمياً بالصليب الذهبي المعلق على صدره، أما ابن أخيه فكان يفعل كل ذلك جهراً وعنوة. كان المطران يذهب إلى الكنيسة في الصباح ويصرف ما بقي من النهار منتزعاً الأموال من الأرامل واليتامى وبسطاء القلب، أما منصور بك فكان يقضي النهار كله متبعاً ملذاته ملاحقاً شهواته في تلك الأزقة المظلمة حيث يختمر الهواء بأنفاس الفساد، كان المطران يقف يوم الأحد أمام المذبح ويعظ المؤمنين بما لا يتعظ به ويصرف أيام الأسبوع مشتغلاً بسياسة البلاد. أما ابن أخيه فكان يصرف جميع أيامه متاجراً بنفوذ عمه بين طالبي الوظائف ومريدي الوجاهة. كان المطران يسير مختبئاً بستائر الليل، أما منصور بك فكان يمشي بشجاعة في نور النهار.
كذا تبيد الشعوب بين اللصوص والمحتالين مثلما تفني القطعان بين أنياب الذئاب وقواطع الجزارين، وهكذا تستسلم الأمم إلى ذوي النفوس المعوجة والأخلاق الفاسدة فتتراجع إلى الوراء ثم تهبط إلى الحضيض فيمر الدهر ويسحقها بأقدامه مثلما تسحق مطارق الحديد آنية الفخار...
وماذا يا ترى يجعلني الآن أن أشغل هذه الصفحات بالكلام عن أمم بائسة يائسة وأنا قد خصصتها
لتدوين حكاية امرأة تاعسة وتصوير خيالات قلب و
جيع لم يلمسه الحب بأفراحه حتى صفعه بأحزانه؟ لماذا تراود الدموع أجفاني لذكر شعوب خاملة ومظلومة وأنا قد وقفت دموعي على ذكرى أيام امرأة ضعيفة لم تعانق الحياة حتى احتضنها الموت ولكن أليست المرأة الضعيفة هي رمز الأمة المظلومة؟ أليست المرأة المتوجعة بين أميال نفسها وقيود جسدها هي كالأمة المتعذبة بين حكامها وكهانها. أوليست العواطف الخفية التي تذهب بالصبية الجميلة إلى ظلمة القبر هي كالعواطف الشديدة التي تغمر حياة الشعوب بالتراب؟ إن المرأة من الأمة بمنزلة الشعاع من السراج وهل يكون شعاع السراج ضئيلاً إذا لم يكن زيته شحيحاً.
مضت أيام الخريف وعرت الرياح الأشجار متلاعبة بأوراقها الصفراء مثلما تداعب الأنواء زبد البحر، وجاء الشتاء باكياً وأنا في بيروت ولا رفيق لي سوى أحلام تتصاعد بنفسي تارة فتبلغها الكواكب وتنخفض بقلبي طوراً فتلحده بجوف الأرض.
إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد فتهجر الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت...
ففي ذات يوم سمعت باعتلال فارس كرامة، تركت وحدتي وذهبت لعيادته ماشياً على ممر منفرد بين أشجار الزيتون المتلمعة أوراقها الرصاصية بقطرات المطر، متنحياً عن الطريق العمومية حيث تزعج ضجة المركبات سكينة الفضاء.
بلغت منزل الشيخ ودخلت عليه فوجدته ملقى على فراشه مضنى الجسد، شاحب الوجه أصفر اللون، وقد غرقت عيناه تحت حاجبيه فباتتا كهوتين عميقتين مظلمتين تجول فيهما أشباح السقم والألم، فالملامح التي كانت بالأمس عنوان البشاشة والانبساط قد تقلصت واكفهرت وأصبحت كصحيفة رمادية متجعدة تكتب عليها العلة سطوراً غريبة ملتبسة. واليدان اللتان كانتا مغلفتين باللطف واللدانة قد نحلتا حتى بدت عظام أصابعهما من تحت الجلد كقضبان عارية ترتعش أمام العاصفة.
ولما دنوت منه سائلاً عن حاله، حوّل وجهه المهزول نحوي وظهر على شفتيه المرتجفتين خيال ابتسامة محزنة، وبصوت ضعيف خافت خلته آتياً من وراء الجدران قال "اذهب ــ اذهب يا بني إلى تلك الغرفة وامسح دموع سلمى وسكّن روعها ثم عد بها إليّ لتجلس بجانب فراشي".
دخلت الغرفة المحاذية فوجدت سلمى منطرحة على مقعد وقد غمرت رأسها بزنديها وأغرقت وجهها بالمساند وأمسكت أنفاسها كيلا يسمع والدها نحيبها، فاقتربت منها ببطء ولفظت اسمها بصوت أقرب إلى التنهد منه إلى الهمس فاحتركت مضطربة ونظرت إلي بعينين شاخصتين جامدتين كأنها رأت شبحاً في عالم الرؤيا ولا تصدق حقيقة وجودي في ذلك المكان.
وبعد سكوت عميق أرجعنا بتأثراته السحرية إلى تلك الساعات التي سكرنا فيها من خمرة الآلهة مسحت سلمى دموعاً بأطراف بنانها وقالت متحسرة "أرأيت كيف تبدلت الأيام؟ أرأيت كيف أضلنا الدهر فسرنا مسرعين إلى هذه الكهوف المفزعة؟ في هذا المكان جمعنا الربيع في قبضة الحب وفي هذا المكان يجعلنا الآن الشتاء أمام عرش الموت فما أبهى ذلك النهار وما أشد ظلمة هذا الليل".
قالت هذه الكلمات وقد ابتلعت الغصات أواخرها ثم عادت وسترت وجهها بيديها كأن ذكرى الماضي قد تجسدت ووقفت أمامها فلم تشأ أن تراها، فوضعت يدي على شعرها قائلاً "تعالي يا سلمى ــ تعالي ننتصب كالأبراج أمام الزوبعة. هلمي نقف كالجنود أمام الأعداء متلقين شفار السيوف بصدورنا لا بظهورنا. فإن صرعنا نموت كالشهداء وإن تغلبنا نعيش كالأبطال... إن عذاب النفس بثبات أمام المصاعب والمتاعب لهو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمن والطمأنينة فالفراشة التي تظل مرفرفة حول السراج حتى تحترق هي أسمى من الخلد الذي يعيش براحة وسلامة في نفقه المظلم. والنواة التي لا تحتمل برد الشتاء وثورات العناصر لا تقوى على شق الأرض ولن تفرح بجمال نيسان... هلمي نسير يا سلمى بقدم ثابتة على هذه الطريق الوعرة رافعين أعيننا نحو الشمس كيلا نرى الجماجم المطروحة بين الصخور، والأفاعي المنسابة بين الأشواك، فإن أوقفنا الخوف في منتصف الطريق أسمعتنا أشباح الليل صراخ الاستهزاء والسخرية، وإن بلغنا قمة الجبل بشجاعة فترنم معنا أرواح الفضاء بأنشودة النصر والاستظهار. خففي عنك يا سلمى وجففي دموعك واخفي هذه الكآبة الظاهرة على محياك وقومي نجلس بجانب فراش والدك لأن حياته من حياتك وشفاءه بابتسامتك.
فنظرت إليّ نظرة ملؤها الحنان والرأفة والانعطاف ثم قالت "أتطلب مني الصبر والتجلد وفي عينيك معنى اليأس والقنوط؟ أيعطي الفقير الجائع خبزه إلى الجائع الفقير أو يصف العليل دواء لعليل آخر وهو أحرى بالدواء؟".
ثم وقفت وسارت أمامي منحنية الرأس إلى غرفة والدها.
جلسنا أمام مضجع الشيخ العليل وسلمى تتكلف الابتسام وهدوء البال وهو يتكلف الراحة والقوة، وكل منهما شاعر بلوعة الآخر عالم بضعفه سامع غصات قلبه. فكانا مثل قوتين متضارعتين تفنيان بعضهم بعضاً في السكينة، والد دنف يذوب ضنى لتعاسة ابنته وابنة محبة متوجعة بعلة والدها. نفس راحلة ونفس يائسة تتعانقان أمام الحب والموت وأنا بينهما أتحمل ما بي وأقاسي ما بهما؛ ثلاثة جمعتهم يد القضاء ثم قبضت عليهم بشدة حتى سحقتهم؛ شيخ ي
مضت أيام الخريف وعرت الرياح الأشجار متلاعبة بأوراقها الصفراء مثلما تداعب الأنواء زبد البحر، وجاء الشتاء باكياً وأنا في بيروت ولا رفيق لي سوى أحلام تتصاعد بنفسي تارة فتبلغها الكواكب وتنخفض بقلبي طوراً فتلحده بجوف الأرض.
إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد فتهجر الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت...
ففي ذات يوم سمعت باعتلال فارس كرامة، تركت وحدتي وذهبت لعيادته ماشياً على ممر منفرد بين أشجار الزيتون المتلمعة أوراقها الرصاصية بقطرات المطر، متنحياً عن الطريق العمومية حيث تزعج ضجة المركبات سكينة الفضاء.
بلغت منزل الشيخ ودخلت عليه فوجدته ملقى على فراشه مضنى الجسد، شاحب الوجه أصفر اللون، وقد غرقت عيناه تحت حاجبيه فباتتا كهوتين عميقتين مظلمتين تجول فيهما أشباح السقم والألم، فالملامح التي كانت بالأمس عنوان البشاشة والانبساط قد تقلصت واكفهرت وأصبحت كصحيفة رمادية متجعدة تكتب عليها العلة سطوراً غريبة ملتبسة. واليدان اللتان كانتا مغلفتين باللطف واللدانة قد نحلتا حتى بدت عظام أصابعهما من تحت الجلد كقضبان عارية ترتعش أمام العاصفة.
ولما دنوت منه سائلاً عن حاله، حوّل وجهه المهزول نحوي وظهر على شفتيه المرتجفتين خيال ابتسامة محزنة، وبصوت ضعيف خافت خلته آتياً من وراء الجدران قال "اذهب ــ اذهب يا بني إلى تلك الغرفة وامسح دموع سلمى وسكّن روعها ثم عد بها إليّ لتجلس بجانب فراشي".
دخلت الغرفة المحاذية فوجدت سلمى منطرحة على مقعد وقد غمرت رأسها بزنديها وأغرقت وجهها بالمساند وأمسكت أنفاسها كيلا يسمع والدها نحيبها، فاقتربت منها ببطء ولفظت اسمها بصوت أقرب إلى التنهد منه إلى الهمس فاحتركت مضطربة ونظرت إلي بعينين شاخصتين جامدتين كأنها رأت شبحاً في عالم الرؤيا ولا تصدق حقيقة وجودي في ذلك المكان.
وبعد سكوت عميق أرجعنا بتأثراته السحرية إلى تلك الساعات التي سكرنا فيها من خمرة الآلهة مسحت سلمى دموعاً بأطراف بنانها وقالت متحسرة "أرأيت كيف تبدلت الأيام؟ أرأيت كيف أضلنا الدهر فسرنا مسرعين إلى هذه الكهوف المفزعة؟ في هذا المكان جمعنا الربيع في قبضة الحب وفي هذا المكان يجعلنا الآن الشتاء أمام عرش الموت فما أبهى ذلك النهار وما أشد ظلمة هذا الليل".
قالت هذه الكلمات وقد ابتلعت الغصات أواخرها ثم عادت وسترت وجهها بيديها كأن ذكرى الماضي قد تجسدت ووقفت أمامها فلم تشأ أن تراها، فوضعت يدي على شعرها قائلاً "تعالي يا سلمى ــ تعالي ننتصب كالأبراج أمام الزوبعة. هلمي نقف كالجنود أمام الأعداء متلقين شفار السيوف بصدورنا لا بظهورنا. فإن صرعنا نموت كالشهداء وإن تغلبنا نعيش كالأبطال... إن عذاب النفس بثبات أمام المصاعب والمتاعب لهو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمن والطمأنينة فالفراشة التي تظل مرفرفة حول السراج حتى تحترق هي أسمى من الخلد الذي يعيش براحة وسلامة في نفقه المظلم. والنواة التي لا تحتمل برد الشتاء وثورات العناصر لا تقوى على شق الأرض ولن تفرح بجمال نيسان... هلمي نسير يا سلمى بقدم ثابتة على هذه الطريق الوعرة رافعين أعيننا نحو الشمس كيلا نرى الجماجم المطروحة بين الصخور، والأفاعي المنسابة بين الأشواك، فإن أوقفنا الخوف في منتصف الطريق أسمعتنا أشباح الليل صراخ الاستهزاء والسخرية، وإن بلغنا قمة الجبل بشجاعة فترنم معنا أرواح الفضاء بأنشودة النصر والاستظهار. خففي عنك يا سلمى وجففي دموعك واخفي هذه الكآبة الظاهرة على محياك وقومي نجلس بجانب فراش والدك لأن حياته من حياتك وشفاءه بابتسامتك.
فنظرت إليّ نظرة ملؤها الحنان والرأفة والانعطاف ثم قالت "أتطلب مني الصبر والتجلد وفي عينيك معنى اليأس والقنوط؟ أيعطي الفقير الجائع خبزه إلى الجائع الفقير أو يصف العليل دواء لعليل آخر وهو أحرى بالدواء؟".
ثم وقفت وسارت أمامي منحنية الرأس إلى غرفة والدها.
جلسنا أمام مضجع الشيخ العليل وسلمى تتكلف الابتسام وهدوء البال وهو يتكلف الراحة والقوة، وكل منهما شاعر بلوعة الآخر عالم بضعفه سامع غصات قلبه. فكانا مثل قوتين متضارعتين تفنيان بعضهم بعضاً في السكينة، والد دنف يذوب ضنى لتعاسة ابنته وابنة محبة متوجعة بعلة والدها. نفس راحلة ونفس يائسة تتعانقان أمام الحب والموت وأنا بينهما أتحمل ما بي وأقاسي ما بهما؛ ثلاثة جمعتهم يد القضاء ثم قبضت عليهم بشدة حتى سحقتهم؛ شيخ ي
مثل بيتاً قديماً هدمه الطوفان وصبية تحاكي زنبقة قطع عنقها حد المنجل، وفتى يشابه غرسة ضعيفة لوت قامتها الثلوج، وجميعنا مثل ألعوبة بين أصابع الدهر.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة ( 1⃣1⃣) :
ـ➖➖➖➖➖
🏜موت فارس كرامة🏜
وتحرك الشيخ إذا ذاك بين اللحف ومد يده النحيلة نحو سلمى وبصوت أودعه كل ما في قلب الأب من الرقة والرأفة وكل ما في صدر العليل من السقم والألم قال: "ضعي يدك في يدي يا سلمى".
فمدت يدها وألقتها بين أصابعه فضمها بلطف ثم زاد قائلاً "لقد شبعت من السنين يا ولدي. قد عشت طويلاً وتلذذت بكل ما تثمره الفصول وتمتعت بكل ما تبرزه الأيام والليالي. قد لاحقت الفراش صبياً وعانقت الحب فتىً وجمعت المال كهلاً وكنت في هذه الأدوار سعيداً مغبوطاً... فقدت أمك يا سلمى قبل أن تبلغي الثالثة ولكنها أبقتك لي كنزاً ثميناً فكنت تنمين بسرعة نمو الهلال، وتنعكس على وجهك ملامح أمك مثلما تنعكس أشعة النجوم في حوض ماء هادئ، وتظهر أخلاقها ومزاياها بأعمالك وأقوالك ظهور الحلي الذهبية من وراء النقاب الرقيق، فتعزيت بك يا ولدي لأنك كنت مثلها جميلة وحكيمة... والآن قد صرت شيخاً طاعناً وراحة الشيوخ بين أجنحة الموت الناعمة، فتعزي يا ولدي لأنني بقيت لأراك امرأة كاملة وافرحي لأني سأبقى بك حياً بعد موتي. إن ذهابي الآن مثل ذهابي غداً أو بعده، لأن أيامنا مثل أوراق الخريف تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس، فإن أسرعت بي إلى الأبدية فلأنها علمت بأن روحي قد اشتاقت إلى لقاء أمك..".
لفظ الكلمات الأخيرة بنغمة مفعمة بحلاوة الحنين والرجاء ولاحت على وجهه المنقبض أشعة شبيهة بذلك النور الذي ينبثق من أجفان الأطفال. ثم مد يده بين المساند المحيطة برأسه وانتشل صورة صغيرة قديمة يمنطقها إطار من الذهب قد نعمت حدوده ملامس الأيدي ومحت نقوشه قبل الشفاه. ثم قال بدون أن يحول عينيه عن الرسم "اقتربي يا سلمى اقتربي مني يا ولدي لأريك خيال أمك، تعالي وانظري ظلها على صفحة من الورق".
فدنت سلمى ماسحة الدموع من مقلتيها كيلا تحول بين ناظرها والرسم الضئيل، وبعد أن أحدقت به طويلاً كأنه مرآة تعكس معانيها وشكل وجهها، قربته من شفتيها وقبلته بلهفة مراراً متوالية ثم صرخت قائلة "يا أماه، يا أماه، يا أماه" ولم تزد على هذه الكلمة بل عادت ووضعت الرسم على شفتيها المرتعشتين كأنها تريد أن تثبت فيه الحياة بأنفاسها الحارة.
إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة (الأم) وأجمل مناداة هي (يا أمي) كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه.
كل شيء يرمز ويتكلم عن الأمومة فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحضنها بنورها ولا تغادرها عند المساء إلا بعد أن تنومها على نغمات أمواج البحر وترنيمة العصافير والسواقي، وهذه الأرض هي أم للأشجار والأزهار تلدها وترضعها ثم تفطمها والأشجار والأزهار تصير بدورها أمهات حنونات للأثمار الشهية والبذور الحية. وأم كل شيء في الكيان هو الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والمحبة.
وسلمى كرامة لم تكن تعرف أمها لأنها ماتت وهي طفلة وقد شهقت متأثرة عندما رأت رسمها ونادتها "يا أماه" أسرت إرادتها لأن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي الممطر.
كانت سلمى تحدق برسم أمها ثم تقبله بلهفة ثم تلزه صدرها الخفوق ثم تتأوه متنهدة ومع كل تنهدة تفقد جزءاً من قواها حتى إذا ماوهت الحياة في جسدها النحيل هوت وسقطت بجانب سرير أبيها. فوضع كلتا يديه على رأسها قائلاً "قد أريتك يا ولدي شبح أمك على صفحة من الورق فاصغي إلي لآسمعك أقوالها".
فرفعت سلمى رأسها مثلما تفعل الفراخ في العش عندما تسمع حفيف أجنحة العصفورة بين القضبان، ونظرت إليه مصغية صاغرة كأن ذاتها المعنوية قد استحالت إلى أعين محدقة وآذان واعية.
فقال والدها "كنت طفلة رضيعة عندما فقدت أمك والدها الشيخ فحزنت لفقده وبكت بكاء حكيم متجلد ولكنها لم تعد من جانب قبره حتى جلست بجانبي في هذه الغرفة وأخذت يدي براحتيها وقالت (قد مات والدي يا فارس وأنت باقي لي وهذه هي تعزيتي. إن القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصناً قوياً تتألم ولكنها لا تموت بل تحوّل قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه الغضة مكان الغصن المقطوع). هذا ما قالته والدتك يا سلمى عندما مات أبوها وهذا ما يجب عليك أن تقوليه عندما يأخذ الموت جسدي إلى راحة القبر وروحي إلى ظل الله".
فأجابت سلمى متفجعة "فقدت أمي والدها فبقيت أنت لها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ مات والدها وهي في ظلال زوج محب فاضل أمين ــ مات والد
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة ( 1⃣1⃣) :
ـ➖➖➖➖➖
🏜موت فارس كرامة🏜
وتحرك الشيخ إذا ذاك بين اللحف ومد يده النحيلة نحو سلمى وبصوت أودعه كل ما في قلب الأب من الرقة والرأفة وكل ما في صدر العليل من السقم والألم قال: "ضعي يدك في يدي يا سلمى".
فمدت يدها وألقتها بين أصابعه فضمها بلطف ثم زاد قائلاً "لقد شبعت من السنين يا ولدي. قد عشت طويلاً وتلذذت بكل ما تثمره الفصول وتمتعت بكل ما تبرزه الأيام والليالي. قد لاحقت الفراش صبياً وعانقت الحب فتىً وجمعت المال كهلاً وكنت في هذه الأدوار سعيداً مغبوطاً... فقدت أمك يا سلمى قبل أن تبلغي الثالثة ولكنها أبقتك لي كنزاً ثميناً فكنت تنمين بسرعة نمو الهلال، وتنعكس على وجهك ملامح أمك مثلما تنعكس أشعة النجوم في حوض ماء هادئ، وتظهر أخلاقها ومزاياها بأعمالك وأقوالك ظهور الحلي الذهبية من وراء النقاب الرقيق، فتعزيت بك يا ولدي لأنك كنت مثلها جميلة وحكيمة... والآن قد صرت شيخاً طاعناً وراحة الشيوخ بين أجنحة الموت الناعمة، فتعزي يا ولدي لأنني بقيت لأراك امرأة كاملة وافرحي لأني سأبقى بك حياً بعد موتي. إن ذهابي الآن مثل ذهابي غداً أو بعده، لأن أيامنا مثل أوراق الخريف تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس، فإن أسرعت بي إلى الأبدية فلأنها علمت بأن روحي قد اشتاقت إلى لقاء أمك..".
لفظ الكلمات الأخيرة بنغمة مفعمة بحلاوة الحنين والرجاء ولاحت على وجهه المنقبض أشعة شبيهة بذلك النور الذي ينبثق من أجفان الأطفال. ثم مد يده بين المساند المحيطة برأسه وانتشل صورة صغيرة قديمة يمنطقها إطار من الذهب قد نعمت حدوده ملامس الأيدي ومحت نقوشه قبل الشفاه. ثم قال بدون أن يحول عينيه عن الرسم "اقتربي يا سلمى اقتربي مني يا ولدي لأريك خيال أمك، تعالي وانظري ظلها على صفحة من الورق".
فدنت سلمى ماسحة الدموع من مقلتيها كيلا تحول بين ناظرها والرسم الضئيل، وبعد أن أحدقت به طويلاً كأنه مرآة تعكس معانيها وشكل وجهها، قربته من شفتيها وقبلته بلهفة مراراً متوالية ثم صرخت قائلة "يا أماه، يا أماه، يا أماه" ولم تزد على هذه الكلمة بل عادت ووضعت الرسم على شفتيها المرتعشتين كأنها تريد أن تثبت فيه الحياة بأنفاسها الحارة.
إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة (الأم) وأجمل مناداة هي (يا أمي) كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه.
كل شيء يرمز ويتكلم عن الأمومة فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحضنها بنورها ولا تغادرها عند المساء إلا بعد أن تنومها على نغمات أمواج البحر وترنيمة العصافير والسواقي، وهذه الأرض هي أم للأشجار والأزهار تلدها وترضعها ثم تفطمها والأشجار والأزهار تصير بدورها أمهات حنونات للأثمار الشهية والبذور الحية. وأم كل شيء في الكيان هو الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والمحبة.
وسلمى كرامة لم تكن تعرف أمها لأنها ماتت وهي طفلة وقد شهقت متأثرة عندما رأت رسمها ونادتها "يا أماه" أسرت إرادتها لأن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي الممطر.
كانت سلمى تحدق برسم أمها ثم تقبله بلهفة ثم تلزه صدرها الخفوق ثم تتأوه متنهدة ومع كل تنهدة تفقد جزءاً من قواها حتى إذا ماوهت الحياة في جسدها النحيل هوت وسقطت بجانب سرير أبيها. فوضع كلتا يديه على رأسها قائلاً "قد أريتك يا ولدي شبح أمك على صفحة من الورق فاصغي إلي لآسمعك أقوالها".
فرفعت سلمى رأسها مثلما تفعل الفراخ في العش عندما تسمع حفيف أجنحة العصفورة بين القضبان، ونظرت إليه مصغية صاغرة كأن ذاتها المعنوية قد استحالت إلى أعين محدقة وآذان واعية.
فقال والدها "كنت طفلة رضيعة عندما فقدت أمك والدها الشيخ فحزنت لفقده وبكت بكاء حكيم متجلد ولكنها لم تعد من جانب قبره حتى جلست بجانبي في هذه الغرفة وأخذت يدي براحتيها وقالت (قد مات والدي يا فارس وأنت باقي لي وهذه هي تعزيتي. إن القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصناً قوياً تتألم ولكنها لا تموت بل تحوّل قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه الغضة مكان الغصن المقطوع). هذا ما قالته والدتك يا سلمى عندما مات أبوها وهذا ما يجب عليك أن تقوليه عندما يأخذ الموت جسدي إلى راحة القبر وروحي إلى ظل الله".
فأجابت سلمى متفجعة "فقدت أمي والدها فبقيت أنت لها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ مات والدها وهي في ظلال زوج محب فاضل أمين ــ مات والد
ها فبقيت لها طفلة تغمر رأسها الصغير بثدييها وتطوق عنقها بذراعيها فمن يبقى لي إذا فقدتك يا والدي؟ أنت أبي وأمي ورفيق حداثتي ومهذب شبيبتي فبمن أستعيض إذا ما ذهبت عني؟".
قالت هذا وحولت عينيها الدامعتين نحوي وأمسكت بيمينها طرف ثوبي وقالت "ليس لي غير هذا الصديق يا والدي ولن يبقى لي سواه إذا ما تركتني. فهل أتعزى به وهو متعذب مثلي؟ هل يتعزى كسير القلب بالقلب الكسير؟ إن الحزينة لا تتصبر بحزن جارتها كما أن الحمامة لا تطير بأجنحة مكسورة.. هو رفيق لنفسي ولكنني قد أثقلت عاتقه بأشجاني حتى لويت ظهره وسملت عينيه بعبراتي فلم يعد يرى غير الظلمة. هو أخ أحبه ويحبني مثل جميع الأخوة يشترك بالمصيبة ولا يخففها ويساعد بالبكاء فيزيد الدمع مرارة والقلب احتراقاً".
كنت أسمع سلمى متكلمة وعواطفي تنمو وصدري يضيق حتى شعرت بأن أضلعي تكاد تتفجر حناجر وفوهات. أما الشيخ فكان ينظر إليها وجسده المهزول يهبط ببطء بين الوسائد والمساند ونفسه المتعبة ترتجف كشعلة السراج أمام الريح. ثم بسط ذراعيه وقال بهدوء "دعيني أذهب بسلام يا ولدي. لقد لمحت عيناي ما وراء الغيوم فلن أحولهما نحو هذه الكهوف.. دعيني أطير فقد كسرت بأجنحتي قضبان هذا القفص. لقد نادتني أمك يا سلمى فلا توقفيني.. ها قد طاب الريح وتبدد الضباب عن وجه البحر فرفعت السفينة شراعها وتأهبت للمسير فلا توقيفها ولا تنزعي دفتها.. دعي جسدي يرقد مع الذين رقدوا، ودعي روحي تستيقظ لأن الفجر قد لاح والحلم قد انتهى.. قبليني قبلة رجاء وأمل.. ولا تسكبي قطرة من مرارة الحزن على جسدي لئلا تمنع الأعشاب والأزهار عن امتصاص عناصره.. ولا تذرفي دموع اليأس على يدي لأنها تنبت شوكاً على قبري. ولا ترسمي بزفرات الأسى سطراً على جبهتي لأن نسيم البحر يمر ويقرؤه فلا يجمل غبار عظامي إلى المروج الخضراء... قد أحببتك بالحياة يا ولدي وسوف أحبك بالموت فتظل روحي قريبة منك لتحميك وترعاك".
والتفت الشيخ إليّ وقد انطبقت أجفانه قليلاً فلم أعد أرى سوى خطين رماديين مكان عينيه ثم قال وسكينة الفناء تسترق ألفاظه "أما أنت يا بني فكن أخاً لسلمى مثلما كان والدك لي. كن قريباً منها في ساعات الشدة وكن صديقاً لها حتى النهاية. ولا تدعها تحزن لأن الحزن على الأموات غلطة من غلطات الأجيال العابرة. بل أتل على مسمعيها أحاديث الفرح وأنشدها أغاني الحياة فتسلوا وتتناسى.. قل لأبيك أن يذكرني.. سله فيخبرك عن مآتي أيامي عندما كان الشباب يحلق بنا الغيوم.. فقل له إنني أحببته بشخص ابنه في آخر ساعة من حياتي..".
وسكت دقيقة وظلت أشباح ألفاظه تدب على جدران الغرفة ثم عاد فنظر إلي وإلى سلمى بوقت واحد وقال همساً "لا تدعوا طبيباً ليطيل بمساحيقه ساعات سجني لأن أيام العبودية قد مضت فطلبت روحي حرية الفضاء... ولا تدعوا كاهناً إلى جانب فراشي لأن "تعازيمه" لا تكفر عني ذنوبي إن كنت خاطئاً ولا تسرع بي إلى الجنة إن كنت باراً... إن إرادة البشر لا تغير مشيئة الله كما أن المنجمين لا يحولون مسير النجوم ... أما بعد الموت فليفعل الأطباء والكهان ما شاؤوا فاللجة تنادي اللجة أما السفينة فتظل سائرة حتى تبلغ الساحل..".
عندما انتصف الليل المخيف فتح فارس كرامة عينيه الغارقتين في ظلمة النزاع ــ فتحها لآخر مرة ــ وحولهما نحو ابنته الجاثية بجانب مضجعه، ثم حاول الكلام فلم يستطع لأن الموت كان قد تشرب صوته فخرجت هذه الألفاظ لهاثاً عميقاً من بين شفتيه "ها قد ذهب الليل.. وجاء الصباح.. يا سلمى .. يا.. سلمى..".
ثم نكس رأسه وابيضّ وجهه وابتسمت شفتاه واسلم الروح.
ومدت سلمى يدها ولمست يد والدها فوجدتها باردة كالثلج فرفعت رأسها ونظرت إليه فرأت وجهه مبرقعاً بنقاب الموت فجمدت الحياة في جسدها وجفت الدموع في محاجرها فلم تتحرك ولم تصرخ ولم تتأوه بل بقيت محدقة به بعينين جامدتين كعيني التمثال، ثم تراخت أعضاؤها مثلما تتراخى طيات الثوب البليل، وهبطت حتى لمست جبهتها الأرض ثم قالت بهدوء "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة".
مات فارس كرامة وعانقت الأبدية روحه واسترجع التراب جسده واستولى منصور بك على أمواله وظلت ابنته أسيرة تعاستها ترى الحياة مأساة تمثلها المخاوف أمام عينيها.
أما أنا فكنت ضائعاً بين أحلامي وهواجسي، تتناوبني الأيام والليالي مثلما تتناوب النسور والعقبان لحم الفريسة، فكم حاولت أن أفقد ذاتي بين صفحات الكتب لعلني استأنس بخيالات الذين طواهم الدهر، وكم جربت أن أنسى حاضري لأعود بقراءة الأسفار إلى مسارح الأجيال الغابرة فلم يجدني كل ذلك نفعاً بل كنت كمن يحاول إخماد النار بالزيت، لأنني لم أكن أرى من مواكب سوى أشباحها السوداء ولا أسمع من أنغام الأمم غير الندب والنواح، فسفر أيوب كان عندي أجمل من مزامير داود، ومراثي أرميا كان أحب لدي من نشيد سليمان ونكبة البرامكة أشد وقعاً في نفسي من عظمة العباسيين وقصيدة ابن زريق تأثيراً من رباعيات الخيام ورواية هملت أقرب إلى قلبي من كل ما كتبه الإفرنج.
كذا يضعف القنوط بصيرتنا فلا نرى غير أشباحنا ا
قالت هذا وحولت عينيها الدامعتين نحوي وأمسكت بيمينها طرف ثوبي وقالت "ليس لي غير هذا الصديق يا والدي ولن يبقى لي سواه إذا ما تركتني. فهل أتعزى به وهو متعذب مثلي؟ هل يتعزى كسير القلب بالقلب الكسير؟ إن الحزينة لا تتصبر بحزن جارتها كما أن الحمامة لا تطير بأجنحة مكسورة.. هو رفيق لنفسي ولكنني قد أثقلت عاتقه بأشجاني حتى لويت ظهره وسملت عينيه بعبراتي فلم يعد يرى غير الظلمة. هو أخ أحبه ويحبني مثل جميع الأخوة يشترك بالمصيبة ولا يخففها ويساعد بالبكاء فيزيد الدمع مرارة والقلب احتراقاً".
كنت أسمع سلمى متكلمة وعواطفي تنمو وصدري يضيق حتى شعرت بأن أضلعي تكاد تتفجر حناجر وفوهات. أما الشيخ فكان ينظر إليها وجسده المهزول يهبط ببطء بين الوسائد والمساند ونفسه المتعبة ترتجف كشعلة السراج أمام الريح. ثم بسط ذراعيه وقال بهدوء "دعيني أذهب بسلام يا ولدي. لقد لمحت عيناي ما وراء الغيوم فلن أحولهما نحو هذه الكهوف.. دعيني أطير فقد كسرت بأجنحتي قضبان هذا القفص. لقد نادتني أمك يا سلمى فلا توقفيني.. ها قد طاب الريح وتبدد الضباب عن وجه البحر فرفعت السفينة شراعها وتأهبت للمسير فلا توقيفها ولا تنزعي دفتها.. دعي جسدي يرقد مع الذين رقدوا، ودعي روحي تستيقظ لأن الفجر قد لاح والحلم قد انتهى.. قبليني قبلة رجاء وأمل.. ولا تسكبي قطرة من مرارة الحزن على جسدي لئلا تمنع الأعشاب والأزهار عن امتصاص عناصره.. ولا تذرفي دموع اليأس على يدي لأنها تنبت شوكاً على قبري. ولا ترسمي بزفرات الأسى سطراً على جبهتي لأن نسيم البحر يمر ويقرؤه فلا يجمل غبار عظامي إلى المروج الخضراء... قد أحببتك بالحياة يا ولدي وسوف أحبك بالموت فتظل روحي قريبة منك لتحميك وترعاك".
والتفت الشيخ إليّ وقد انطبقت أجفانه قليلاً فلم أعد أرى سوى خطين رماديين مكان عينيه ثم قال وسكينة الفناء تسترق ألفاظه "أما أنت يا بني فكن أخاً لسلمى مثلما كان والدك لي. كن قريباً منها في ساعات الشدة وكن صديقاً لها حتى النهاية. ولا تدعها تحزن لأن الحزن على الأموات غلطة من غلطات الأجيال العابرة. بل أتل على مسمعيها أحاديث الفرح وأنشدها أغاني الحياة فتسلوا وتتناسى.. قل لأبيك أن يذكرني.. سله فيخبرك عن مآتي أيامي عندما كان الشباب يحلق بنا الغيوم.. فقل له إنني أحببته بشخص ابنه في آخر ساعة من حياتي..".
وسكت دقيقة وظلت أشباح ألفاظه تدب على جدران الغرفة ثم عاد فنظر إلي وإلى سلمى بوقت واحد وقال همساً "لا تدعوا طبيباً ليطيل بمساحيقه ساعات سجني لأن أيام العبودية قد مضت فطلبت روحي حرية الفضاء... ولا تدعوا كاهناً إلى جانب فراشي لأن "تعازيمه" لا تكفر عني ذنوبي إن كنت خاطئاً ولا تسرع بي إلى الجنة إن كنت باراً... إن إرادة البشر لا تغير مشيئة الله كما أن المنجمين لا يحولون مسير النجوم ... أما بعد الموت فليفعل الأطباء والكهان ما شاؤوا فاللجة تنادي اللجة أما السفينة فتظل سائرة حتى تبلغ الساحل..".
عندما انتصف الليل المخيف فتح فارس كرامة عينيه الغارقتين في ظلمة النزاع ــ فتحها لآخر مرة ــ وحولهما نحو ابنته الجاثية بجانب مضجعه، ثم حاول الكلام فلم يستطع لأن الموت كان قد تشرب صوته فخرجت هذه الألفاظ لهاثاً عميقاً من بين شفتيه "ها قد ذهب الليل.. وجاء الصباح.. يا سلمى .. يا.. سلمى..".
ثم نكس رأسه وابيضّ وجهه وابتسمت شفتاه واسلم الروح.
ومدت سلمى يدها ولمست يد والدها فوجدتها باردة كالثلج فرفعت رأسها ونظرت إليه فرأت وجهه مبرقعاً بنقاب الموت فجمدت الحياة في جسدها وجفت الدموع في محاجرها فلم تتحرك ولم تصرخ ولم تتأوه بل بقيت محدقة به بعينين جامدتين كعيني التمثال، ثم تراخت أعضاؤها مثلما تتراخى طيات الثوب البليل، وهبطت حتى لمست جبهتها الأرض ثم قالت بهدوء "أشفق يا رب وشدد جميع الأجنحة المتكسرة".
مات فارس كرامة وعانقت الأبدية روحه واسترجع التراب جسده واستولى منصور بك على أمواله وظلت ابنته أسيرة تعاستها ترى الحياة مأساة تمثلها المخاوف أمام عينيها.
أما أنا فكنت ضائعاً بين أحلامي وهواجسي، تتناوبني الأيام والليالي مثلما تتناوب النسور والعقبان لحم الفريسة، فكم حاولت أن أفقد ذاتي بين صفحات الكتب لعلني استأنس بخيالات الذين طواهم الدهر، وكم جربت أن أنسى حاضري لأعود بقراءة الأسفار إلى مسارح الأجيال الغابرة فلم يجدني كل ذلك نفعاً بل كنت كمن يحاول إخماد النار بالزيت، لأنني لم أكن أرى من مواكب سوى أشباحها السوداء ولا أسمع من أنغام الأمم غير الندب والنواح، فسفر أيوب كان عندي أجمل من مزامير داود، ومراثي أرميا كان أحب لدي من نشيد سليمان ونكبة البرامكة أشد وقعاً في نفسي من عظمة العباسيين وقصيدة ابن زريق تأثيراً من رباعيات الخيام ورواية هملت أقرب إلى قلبي من كل ما كتبه الإفرنج.
كذا يضعف القنوط بصيرتنا فلا نرى غير أشباحنا ا
لرهيبة وهكذا يصم اليأس آذاننا فلا نسمع غير طرقات قلوبنا المضطربة.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (2⃣1⃣ ) :
ـ➖➖➖➖➖
🗽بــيــن عـــشـــتــروت والــمــســيــح🗽
تلك البساتين والتلول التي تصل أطراف بيروت بأذيال لبنان يوجد معبد صغير قديم محفور في قلب صخرة بيضاء قائمة بين أشجار ومع أن هذا المعبد يبعد نصف ميل عن طريق المركبات فقد قل من عرفه من محبي الآثار والخرائب القديمة، فكأن الإهمال قد أبقاه محجوباً عن عيون الآثريين ليجعله خلوة لنفوس المتعبين ومزاراً للمحبين.
والداخل إلى هذا المعبد العجيب يرى على الجدار الشرقي منه صورة فينيقية الشواهد والبيئات محفورة في الصخر قد محت أصابع الدهر بعض خطوطها ولونت الفصول معالمها. وهي تمثل عشتروت ربة الحب والجمال جالسة على عرش فخم ومن حولها 7 عذارى عاريات واقفات بهيئات مختلفة، فالواحدة منهن تحمل مشعالاً والثانية قيثارة والثالثة مبخرة والرابعة جرة من الخمر والخامسة غصناً من الورد والسادسة إكليلاً من الغار والسابعة قوساً وسهاماً وجميعهن ناظرات إلى عشتروت وعلى وجوههن سيماء الخضوع والامتثال.
وعلى الجدار الثاني صورة أخرى أحدث عهداً وأكثر ظهوراً تمثل يسوع الناصري مصلوباً وإلى جانبه أمه الحزينة مريم المجدلية وامرأتان ثانيتان تنتحبان. وهذه الصورة البيزنطية الأسلوب والقرائن تدل على كونها حفرت في القرن الخامس أو السادس للمسيح.
وفي الجدار الغربي كوتان مستديرتان يدخل منهما شعاع الشمس عند أصيل النهار وينسكب على الصورتين كأنهما طليتا بماء الذهب.
وفي وسط المعبد حجر من الرخام مربع الشكل على جوانبه نقوش ووسامات قديمة الطراز قد انحجب بعضها تحت كتلات متحجرة من الدماء تدل على أن الأقدمين كانوا ينحرون ذبائحهم على هذا الحجر ويصبون فوقه قرابين الخمر والعطر والزيت.
ولم يكن في هذا المعبد الصغير شيء آخر سوى سكينة عميقة تعانق النفس وهيبة سحرية تبيح بتموجاتها أسرار الآلهة وتتكلم بلا نطق عن مآتي الأجيال الغابرة ومسير الشعوب من حالة إلى حالة ومن دين إلى دين. وتستميل الشاعر إلى عالم بعيد عن هذا العالم وتقنع الفيلسوف بأن الإنسان مخلوق ديّن يشعر بما لا يراه ويتخيل ما لا تقع عليه حواسه فيرسم لشعوره رموزاً تدل بمعانيها على خفايا نفسه ويجسم خياله بالكلام والأنغام والصور والتماثيل التي تظهر بأشكالها أقداس أمياله في الحياة وأجمل مشتهياته بعد الموت.
هنا كنت ألتقي بسلمى كرامة مرة في الشهر فنصرف الساعات الطوال ناظرين إلى الصورتين الغريبتين مفكرين بفتى الأجيال المصلوب فوق الجلجلة، مستحضرين إلى مخيلتينا أشباح الفتيان والصبايا الفينيقيين الذين عاشوا وعشقوا وعبدوا الجمال بشخص عشتروت فحرقوا البخور أمام تماثيلها وهرقوا الطيوب على مذابحها ثم طوتهم الأرض فلم يبقى منهم سوى اسم تردده الأيام أمام وجه الأبدية.
كم يصعب عليّ الآن أن أدوّن بالكلام ذكرى تلك الساعات التي كانت تجمعني بسلمى ــ تلك الساعات العلوية المكتنفة باللذة والألم والفرح والحزن والأمل واليأس وكل ما يجعل الإنسان إنساناً والحياة لغزاً أبدياً. ولكن كم يصعب عليّ أن أذكرها ولأرسم بالكلام الضئيل خيالاً من خيالاتها ليبقى مثلاً لأبناء الحب والكآبة.
كنا نختلي في ذلك الهيكل القديم فنجلس في بابه ساندين ظهرينا إلى جداره مرددين صدى ماضينا مستقصيين مآتي حاضرنا خائفين مستقبلنا. ثم نتدرج إلى إظهار ما في أعماق نفسينا فيشكو كل منا لوعته وحرقة قلبه وما يقاسيه من الجزع والحسرة، ثم يصبّر واحدنا الآخر باسطاً أمامه كل ما في جيوب الأمل من الأوهام المفرحة والأحلام العذبة فيهدأ روعنا وتجف دموعنا وتنفرج ملامحنا ثم نبتسم متناسيين كل شيء سوى الحب وأفراحه منصرفين عن كل أمر إلا النفس وأميالها. ثم نتعانق فنذوب شغفاً وهياماً. ثم تقبل سلمى مفرق شعري بطهر وانعطاف فتملأ قلبي شعاعاً وأقبل أطراف أصابعها البيضاء فتغمض عينيها وتلوي عنقها العاجي وتتورد وجنتاها باحمرار لطيف يشابه الأشعة الأولى يلقيها الفجر على جباه الروابي. ثم نسكت وننظر طويلاً نحو الشفق البعيد حيث الغيوم المتلونة بأنوار المغرب البرتقالية.
ولم تكن اجتماعاتنا مقتصرة على مبادلة العواطف وبث الشكوى بل كنا ننتقل على غير معرفة بنا إلى العموميات فنتبادل الآراء والأفكار في شؤون هذا العالم الغريب ونتباحث في مرامي الكتب التي كنا نقرؤها ذاكرين حسناتها وسيئاتها وما تنطوي عليه من الصور الخيالية والمبادئ الاجتماعية، فتتكلم سلمى عن منزلة المرأة في الجامعة البشرية وعن تأثير الأجيال الغابرة على أخلاقها وميولها وعن العلاقة الزوجية في أيامنا هذه وما يحيط بها من الأمراض والمفاسد وإني أذكر قولها مرة "إن الكتّاب والشعراء يحاولون إدراك حقيقة المرأة ولكنهم للآن لم يفهموا أسرار قلبها ومخبآت صدرها لأنهم ينظرون إليها من وراء نقاب الشهوات فلا يرون غير خطوط جسدها أو يضعونها تحت مكبرات الكره فلا يجدون فيها غير الضعف والاستسلام
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (2⃣1⃣ ) :
ـ➖➖➖➖➖
🗽بــيــن عـــشـــتــروت والــمــســيــح🗽
تلك البساتين والتلول التي تصل أطراف بيروت بأذيال لبنان يوجد معبد صغير قديم محفور في قلب صخرة بيضاء قائمة بين أشجار ومع أن هذا المعبد يبعد نصف ميل عن طريق المركبات فقد قل من عرفه من محبي الآثار والخرائب القديمة، فكأن الإهمال قد أبقاه محجوباً عن عيون الآثريين ليجعله خلوة لنفوس المتعبين ومزاراً للمحبين.
والداخل إلى هذا المعبد العجيب يرى على الجدار الشرقي منه صورة فينيقية الشواهد والبيئات محفورة في الصخر قد محت أصابع الدهر بعض خطوطها ولونت الفصول معالمها. وهي تمثل عشتروت ربة الحب والجمال جالسة على عرش فخم ومن حولها 7 عذارى عاريات واقفات بهيئات مختلفة، فالواحدة منهن تحمل مشعالاً والثانية قيثارة والثالثة مبخرة والرابعة جرة من الخمر والخامسة غصناً من الورد والسادسة إكليلاً من الغار والسابعة قوساً وسهاماً وجميعهن ناظرات إلى عشتروت وعلى وجوههن سيماء الخضوع والامتثال.
وعلى الجدار الثاني صورة أخرى أحدث عهداً وأكثر ظهوراً تمثل يسوع الناصري مصلوباً وإلى جانبه أمه الحزينة مريم المجدلية وامرأتان ثانيتان تنتحبان. وهذه الصورة البيزنطية الأسلوب والقرائن تدل على كونها حفرت في القرن الخامس أو السادس للمسيح.
وفي الجدار الغربي كوتان مستديرتان يدخل منهما شعاع الشمس عند أصيل النهار وينسكب على الصورتين كأنهما طليتا بماء الذهب.
وفي وسط المعبد حجر من الرخام مربع الشكل على جوانبه نقوش ووسامات قديمة الطراز قد انحجب بعضها تحت كتلات متحجرة من الدماء تدل على أن الأقدمين كانوا ينحرون ذبائحهم على هذا الحجر ويصبون فوقه قرابين الخمر والعطر والزيت.
ولم يكن في هذا المعبد الصغير شيء آخر سوى سكينة عميقة تعانق النفس وهيبة سحرية تبيح بتموجاتها أسرار الآلهة وتتكلم بلا نطق عن مآتي الأجيال الغابرة ومسير الشعوب من حالة إلى حالة ومن دين إلى دين. وتستميل الشاعر إلى عالم بعيد عن هذا العالم وتقنع الفيلسوف بأن الإنسان مخلوق ديّن يشعر بما لا يراه ويتخيل ما لا تقع عليه حواسه فيرسم لشعوره رموزاً تدل بمعانيها على خفايا نفسه ويجسم خياله بالكلام والأنغام والصور والتماثيل التي تظهر بأشكالها أقداس أمياله في الحياة وأجمل مشتهياته بعد الموت.
هنا كنت ألتقي بسلمى كرامة مرة في الشهر فنصرف الساعات الطوال ناظرين إلى الصورتين الغريبتين مفكرين بفتى الأجيال المصلوب فوق الجلجلة، مستحضرين إلى مخيلتينا أشباح الفتيان والصبايا الفينيقيين الذين عاشوا وعشقوا وعبدوا الجمال بشخص عشتروت فحرقوا البخور أمام تماثيلها وهرقوا الطيوب على مذابحها ثم طوتهم الأرض فلم يبقى منهم سوى اسم تردده الأيام أمام وجه الأبدية.
كم يصعب عليّ الآن أن أدوّن بالكلام ذكرى تلك الساعات التي كانت تجمعني بسلمى ــ تلك الساعات العلوية المكتنفة باللذة والألم والفرح والحزن والأمل واليأس وكل ما يجعل الإنسان إنساناً والحياة لغزاً أبدياً. ولكن كم يصعب عليّ أن أذكرها ولأرسم بالكلام الضئيل خيالاً من خيالاتها ليبقى مثلاً لأبناء الحب والكآبة.
كنا نختلي في ذلك الهيكل القديم فنجلس في بابه ساندين ظهرينا إلى جداره مرددين صدى ماضينا مستقصيين مآتي حاضرنا خائفين مستقبلنا. ثم نتدرج إلى إظهار ما في أعماق نفسينا فيشكو كل منا لوعته وحرقة قلبه وما يقاسيه من الجزع والحسرة، ثم يصبّر واحدنا الآخر باسطاً أمامه كل ما في جيوب الأمل من الأوهام المفرحة والأحلام العذبة فيهدأ روعنا وتجف دموعنا وتنفرج ملامحنا ثم نبتسم متناسيين كل شيء سوى الحب وأفراحه منصرفين عن كل أمر إلا النفس وأميالها. ثم نتعانق فنذوب شغفاً وهياماً. ثم تقبل سلمى مفرق شعري بطهر وانعطاف فتملأ قلبي شعاعاً وأقبل أطراف أصابعها البيضاء فتغمض عينيها وتلوي عنقها العاجي وتتورد وجنتاها باحمرار لطيف يشابه الأشعة الأولى يلقيها الفجر على جباه الروابي. ثم نسكت وننظر طويلاً نحو الشفق البعيد حيث الغيوم المتلونة بأنوار المغرب البرتقالية.
ولم تكن اجتماعاتنا مقتصرة على مبادلة العواطف وبث الشكوى بل كنا ننتقل على غير معرفة بنا إلى العموميات فنتبادل الآراء والأفكار في شؤون هذا العالم الغريب ونتباحث في مرامي الكتب التي كنا نقرؤها ذاكرين حسناتها وسيئاتها وما تنطوي عليه من الصور الخيالية والمبادئ الاجتماعية، فتتكلم سلمى عن منزلة المرأة في الجامعة البشرية وعن تأثير الأجيال الغابرة على أخلاقها وميولها وعن العلاقة الزوجية في أيامنا هذه وما يحيط بها من الأمراض والمفاسد وإني أذكر قولها مرة "إن الكتّاب والشعراء يحاولون إدراك حقيقة المرأة ولكنهم للآن لم يفهموا أسرار قلبها ومخبآت صدرها لأنهم ينظرون إليها من وراء نقاب الشهوات فلا يرون غير خطوط جسدها أو يضعونها تحت مكبرات الكره فلا يجدون فيها غير الضعف والاستسلام
".
وقولها لي مرة أخرى وقد أشارت بيدها إلى الرسمين المحفورين على جدران الهيكل "في قلب هذه الصخرة قد نقشت الأجيال رمزين يظهران خلاصة أميال المرأة ويستجليان غوامض نفسها المتراوحة بين الحب والحزن ــ بين الانعطاف والتضحية ــ بين عشتروت الجالسة على العرش ومريم الواقفة أمام الصليب. إن الرجل يشتري المجد والعظمة والشهرة ولكن هي المرأة التي تدفع الثمن".
ولم يدر باجتماعاتنا السرية أحد سوى الله وأسراب العصافير المتطايرة بين تلك البساتين، فسلمى كانت تجيء بمركبتها إلى المكان المدعو بحديقة الباشا ثم تسير الهوينى على الممرات المنفردة حتى تبلغ المعبد الصغير فتدخله مستندة على مظلتها وعلى وجهها لوائح الأمن والطمأنينة فتجدني منتظراً مترقباً مشتاقاً بكل ما في الشوق من الجوع والعطش.
ولم نخف قط عين الرقيب ولا شعرنا بوخز الضمير لأن النفس إذا تطهرت بالنار واغتسلت بالدموع تترفع عما يدعوه الناس عيباً وعاراً وتتحرر من عبودية الشرائع والنواميس التي سنتها التقاليد لعواطف القلب البشري وتقف برأس مرفوع أمام عروس الآلهة.
إن الجامعة البشرية قد استسلمت سبعين قرناً إلى الشرائع الفاسدة فلم تعد قادرة على إدراك معاني النواميس العلوية الأولية الخالدة، قد تعودت بصيرة الإنسان النظر إلى ضوء الشموع الضئيلة فلم تعد تستطيع أن تحدق بنور الشمس. لقد توارثت الأجيال الأمراض والعاهات النفسية بعضها عن بعض حتى أصبحت عمومية بل صارت من الصفات الملازمة للإنسان فلم يعد الناس ينظرون إليها كعاهات وأمراض بل يعتبرونها كخلال طبيعية نبيلة أنزلها الله على آدم فإذا ما ظهر بينهم فرد خال منها ظنوه ناقصاً محروماً من الكمالات الروحية.
أما الذين سيعيبون سلمى كرامة محاولين تلويث اسمها لأنها كانت تترك منزل زوجها الشرعي لتختلي برجل آخر فهم السقماء الضعفاء الذين يحسبون الأصحاء مجرمين وكبار النفوس متمردين. بل هم كالحشرات التي تدب في الظلمة وتخشى الخروج إلى نور النهار كيلا تدوسها أقدام العابرين.
إن السجين المظلوم الذي يستطيع أن يهدم جدران سجنه ولا يفعل يكون جباناً وسلمى كرامة كانت سجينة مظلومة ولم تستطع الانعتاق فهل تلام لأنها كانت تنظر من وراء نافذة السجن إلى الحقول الخضراء والفضاء الوسيع، هل يحسبها الناس خائنة لأنها كانت تجيء من منزل منصور بك غالب لتجلس بجانبي بين عشتروت المقدسة والجبار المصلوب؟ ليقل الناس ما شاؤوا فسلمى قد اجتازت المستنقعات التي تغمر أرواحهم الذئاب وبلغت ذلك العالم الذي لا يبلغه عوي الذئاب وفحيح الأفاعي. وليقل الناس ما أرادوا عني فالنفس التي شاهدت وجه الموت لا تذعرها وجوه اللصوص، والجندي الذي رأى السيوف محتبكة فوق رأسه وسواقي الدماء تحت قدميه لا يحفل بالحجارة التي يرشقه بها صبيان الأزقة.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
وقولها لي مرة أخرى وقد أشارت بيدها إلى الرسمين المحفورين على جدران الهيكل "في قلب هذه الصخرة قد نقشت الأجيال رمزين يظهران خلاصة أميال المرأة ويستجليان غوامض نفسها المتراوحة بين الحب والحزن ــ بين الانعطاف والتضحية ــ بين عشتروت الجالسة على العرش ومريم الواقفة أمام الصليب. إن الرجل يشتري المجد والعظمة والشهرة ولكن هي المرأة التي تدفع الثمن".
ولم يدر باجتماعاتنا السرية أحد سوى الله وأسراب العصافير المتطايرة بين تلك البساتين، فسلمى كانت تجيء بمركبتها إلى المكان المدعو بحديقة الباشا ثم تسير الهوينى على الممرات المنفردة حتى تبلغ المعبد الصغير فتدخله مستندة على مظلتها وعلى وجهها لوائح الأمن والطمأنينة فتجدني منتظراً مترقباً مشتاقاً بكل ما في الشوق من الجوع والعطش.
ولم نخف قط عين الرقيب ولا شعرنا بوخز الضمير لأن النفس إذا تطهرت بالنار واغتسلت بالدموع تترفع عما يدعوه الناس عيباً وعاراً وتتحرر من عبودية الشرائع والنواميس التي سنتها التقاليد لعواطف القلب البشري وتقف برأس مرفوع أمام عروس الآلهة.
إن الجامعة البشرية قد استسلمت سبعين قرناً إلى الشرائع الفاسدة فلم تعد قادرة على إدراك معاني النواميس العلوية الأولية الخالدة، قد تعودت بصيرة الإنسان النظر إلى ضوء الشموع الضئيلة فلم تعد تستطيع أن تحدق بنور الشمس. لقد توارثت الأجيال الأمراض والعاهات النفسية بعضها عن بعض حتى أصبحت عمومية بل صارت من الصفات الملازمة للإنسان فلم يعد الناس ينظرون إليها كعاهات وأمراض بل يعتبرونها كخلال طبيعية نبيلة أنزلها الله على آدم فإذا ما ظهر بينهم فرد خال منها ظنوه ناقصاً محروماً من الكمالات الروحية.
أما الذين سيعيبون سلمى كرامة محاولين تلويث اسمها لأنها كانت تترك منزل زوجها الشرعي لتختلي برجل آخر فهم السقماء الضعفاء الذين يحسبون الأصحاء مجرمين وكبار النفوس متمردين. بل هم كالحشرات التي تدب في الظلمة وتخشى الخروج إلى نور النهار كيلا تدوسها أقدام العابرين.
إن السجين المظلوم الذي يستطيع أن يهدم جدران سجنه ولا يفعل يكون جباناً وسلمى كرامة كانت سجينة مظلومة ولم تستطع الانعتاق فهل تلام لأنها كانت تنظر من وراء نافذة السجن إلى الحقول الخضراء والفضاء الوسيع، هل يحسبها الناس خائنة لأنها كانت تجيء من منزل منصور بك غالب لتجلس بجانبي بين عشتروت المقدسة والجبار المصلوب؟ ليقل الناس ما شاؤوا فسلمى قد اجتازت المستنقعات التي تغمر أرواحهم الذئاب وبلغت ذلك العالم الذي لا يبلغه عوي الذئاب وفحيح الأفاعي. وليقل الناس ما أرادوا عني فالنفس التي شاهدت وجه الموت لا تذعرها وجوه اللصوص، والجندي الذي رأى السيوف محتبكة فوق رأسه وسواقي الدماء تحت قدميه لا يحفل بالحجارة التي يرشقه بها صبيان الأزقة.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (3⃣1⃣ ) :
ـ➖➖➖➖➖
🏇🏾الـــتـــضـــحـــيـــة🏇🏾
ففي يوم من أواخر حزيران وقد ثقلت وطأة الحر في السواحل وطلب الناس أعالي الجبال سرت كعادتي نحو ذلك المعبد واعداً نفسي بلقاء سلمى حاملاً بيدي كتاباً صغيراً من الموشحات الأندلسية التي كانت في ذلك العهد ولم تزل إلى الآن تستميل روحي.
بلغت المعبد عند الأصيل فجلست أرقب الطريق المناسبة بين أشجار الليمون والصفصاف، وأنظر من وقت إلى آخر إلى وجه كتابي هامساً في مسامع الأثير أبيات الموشحات التي تستهوي القلب برشاقة تراكيبها ورنة أوزانها وتعيد إلى النفس ذكرى أمجاد الملوك والشعراء والفرسان الذين ودعوا غرناطة وقرطبة وأشبيلية تاركين في قصورها ومعاهدها وحدائقها كل ما في أرواحهم من الآمال والأميال ثم تواروا وراء حجب الدهر والدمع في أجفانهم والحسرة في أكبادهم.
وبعد ساعة التفت فإذا بسلمى تميس بقدها النحيل بين الأشجار المحتبكة وتقترب نحوي مستندة على مظلتها كأنها تحمل كل ما في العالم من الهموم والمتاعب ولما بلغت باب الهيكل وجلست بقربي نظرت إلى عينيها الكبيرتين فرأيت فيهما معاني وأسراراً جديدة غريبة توحي التحذر والانتباه وتثير حب الاستطلاع والاستقصاء.
وشعرت سلمى بما يجول في خاطري فلم تشأ أن يطول الصراع بين ظنوني وهواجسي فوضعت يدها على شعري وقالت "اقترب مني، اقترب مني يا حبيبي اقترب ودعني أزود نفسي منك فقد دنت الساعة التي تفرقنا إلى الأبد".
فصرخت قائلاً "ماذا تقولين يا سلمى وأية قوة تستطيع أن تفرقنا إلى الأبد؟.
فأجابت "إن القوة العمياء التي فرقتنا بالأمس ستفرقنا اليوم. القوة الخرساء التي تتخذ الشريعة البشرية ترجماناً عنها قد بنت بأيدي عبيد الحياة حاجزاً منيعاً بيني وبينك.
القوة التي أوجدت الشياطين وأقامتهم أولياء على أرواح الناس قد حتمت عليّ، أن لا أخرج من ذلك المنزل المبني من العظام والجماجم".
فسألتها قائلاً "هل علم زوجك باجتماعاتنا فصرت تخشين غضبه وانتقامه؟".
فأجابت "إن زوجي لا يحفل بي ولا يدري كيف أصرف أيامي فهو مشغول عني بأولئك الصبايا المسكينات اللواتي تقودهن الفاقة إلى أسوق النخاسين فيتعطرن ويتكحلن ليبعن أجسادهن بالخبز المعجون بالدماء والدموع".
فقلت إذاً ما يصدك عن المجيء إلى هذا المعبد والجلوس بجانبي أمام هيبة الله وأشباح الأجيال؟ هل مللت النظر إلى خفايا نفسي فطلبت روحك الوداع والتفريق؟".
فأجابت ــ والدمع يراود أجفانها ــ "لا يا حبيبي إن روحي لم تطلب فراقك لأنك شطرها ولا ملت عيناي النظر إليك لأنك نورهما. ولقد إذا كان القضاء قد حكم عليّ أن أسير على عقبات الحياة مثقلة بالقيود والسلاسل فهل أرضى بأن يكون نصيبك من القضاء مثل نصيبي؟".
فقلت "تكلمي يا سلمى وأخبريني عن كل شيء ولا تتركيني ضائعاً بين هذه المعميات".
فأجابت " لا أقدر أن أقول كل شيء لأن اللسان الذي أخرسته الأوجاع لا يتكلم، والشفاه التي ختم عليها اليأس لا تتحرك وكل ما أقدر أن أقوله لك هو أني أخاف عليك من الوقوع في شرك الذين نصبوا لي الحبائل واصطادوني".
فقلت "ماذا تعنين يا سلمى ومن هم الذين تخافين عليّ منهم".
فسترت وجهها بيدها وتأوهت ملتاعة ثم قالت مترددة "إن المطران بولس غالب قد صار يعلم بأنني أخرج مرة في الشهر من القبر الذي وضعني فيه".
فقلت "وهل علم المطران بأنك تلتقين بي في هذا المكان".
فأجابت "لو علم بذلك لما رأيتني الآن جالسة بقربك" ولكن الشكوك تخامره والظنون تتلاعب بأفكاره وقد بث عليّ العيون لترقبني وأوعز إلى خدمه ليتجسسوا حركاتي حتى صرت أشعر بأن للمنزل الذي أسكنه والطرقات التي أسير عليها نواظر تحدق بي وأصابع تشير إليّ وآذاناً تسمع همس أفكاري".
وأطرقت هنيهة ثم زادت والدمع ينسكب على وجنتيها "أنا لا أخاف على نفسي لأن الغريق لا يخشى البلل، ولكنني أخاف عليك وأنت حر كنور الشمس أن تقع مثلي في أشراكه فيقبض عليك بأظافره وينهشك بأنيابه.. أنا لا أخاف من الدهر لأنه أفرغ جميع سهامه في صدري. ولكنني أخاف عليك وأنت في ربيع العمر أن تلسع الأفعى قدميك وتوقفك عن المسير نحو قمة الجبل حيث ينتظرك المستقبل بأفراحه وأمجاده".
فقلت "إن من لا تلسعه أفاعي الأيام وتنهشه ذئاب الليل يظل مغروراً بالأيام والليالي. ولكن اسمعي يا سلمى، اسمعيني جيداً، أليس أمامنا غير الفراق لنتقي صغارة الناس وشرورهم؟ هل سدت أمامنا سبل الحب والحياة والحرية فلم يبق غير الاستسلام إلى مشيئة عبيد الموت؟"
فأجابت بلهجة يساورها القنوط والحسرة "لم يبق أمامنا غير الوداع والتفرق".
فأخذت يدها وقد تمردت روحي في داخلي وتبدد الدخان عن شعلة فتوتي فقلت متهيجاً " لقد استسلمنا طويلاً إلى أهواء الناس يا سلمى.. منذ تلك الساعة التي جمعتنا حتى الآن ونحن ننقاد إلى العميان ونركع
أمام أصنامهم. منذ عرفتك ونحن في يد المطران بولس غالب مثل كرتين يلعب بنا كيفم
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (3⃣1⃣ ) :
ـ➖➖➖➖➖
🏇🏾الـــتـــضـــحـــيـــة🏇🏾
ففي يوم من أواخر حزيران وقد ثقلت وطأة الحر في السواحل وطلب الناس أعالي الجبال سرت كعادتي نحو ذلك المعبد واعداً نفسي بلقاء سلمى حاملاً بيدي كتاباً صغيراً من الموشحات الأندلسية التي كانت في ذلك العهد ولم تزل إلى الآن تستميل روحي.
بلغت المعبد عند الأصيل فجلست أرقب الطريق المناسبة بين أشجار الليمون والصفصاف، وأنظر من وقت إلى آخر إلى وجه كتابي هامساً في مسامع الأثير أبيات الموشحات التي تستهوي القلب برشاقة تراكيبها ورنة أوزانها وتعيد إلى النفس ذكرى أمجاد الملوك والشعراء والفرسان الذين ودعوا غرناطة وقرطبة وأشبيلية تاركين في قصورها ومعاهدها وحدائقها كل ما في أرواحهم من الآمال والأميال ثم تواروا وراء حجب الدهر والدمع في أجفانهم والحسرة في أكبادهم.
وبعد ساعة التفت فإذا بسلمى تميس بقدها النحيل بين الأشجار المحتبكة وتقترب نحوي مستندة على مظلتها كأنها تحمل كل ما في العالم من الهموم والمتاعب ولما بلغت باب الهيكل وجلست بقربي نظرت إلى عينيها الكبيرتين فرأيت فيهما معاني وأسراراً جديدة غريبة توحي التحذر والانتباه وتثير حب الاستطلاع والاستقصاء.
وشعرت سلمى بما يجول في خاطري فلم تشأ أن يطول الصراع بين ظنوني وهواجسي فوضعت يدها على شعري وقالت "اقترب مني، اقترب مني يا حبيبي اقترب ودعني أزود نفسي منك فقد دنت الساعة التي تفرقنا إلى الأبد".
فصرخت قائلاً "ماذا تقولين يا سلمى وأية قوة تستطيع أن تفرقنا إلى الأبد؟.
فأجابت "إن القوة العمياء التي فرقتنا بالأمس ستفرقنا اليوم. القوة الخرساء التي تتخذ الشريعة البشرية ترجماناً عنها قد بنت بأيدي عبيد الحياة حاجزاً منيعاً بيني وبينك.
القوة التي أوجدت الشياطين وأقامتهم أولياء على أرواح الناس قد حتمت عليّ، أن لا أخرج من ذلك المنزل المبني من العظام والجماجم".
فسألتها قائلاً "هل علم زوجك باجتماعاتنا فصرت تخشين غضبه وانتقامه؟".
فأجابت "إن زوجي لا يحفل بي ولا يدري كيف أصرف أيامي فهو مشغول عني بأولئك الصبايا المسكينات اللواتي تقودهن الفاقة إلى أسوق النخاسين فيتعطرن ويتكحلن ليبعن أجسادهن بالخبز المعجون بالدماء والدموع".
فقلت إذاً ما يصدك عن المجيء إلى هذا المعبد والجلوس بجانبي أمام هيبة الله وأشباح الأجيال؟ هل مللت النظر إلى خفايا نفسي فطلبت روحك الوداع والتفريق؟".
فأجابت ــ والدمع يراود أجفانها ــ "لا يا حبيبي إن روحي لم تطلب فراقك لأنك شطرها ولا ملت عيناي النظر إليك لأنك نورهما. ولقد إذا كان القضاء قد حكم عليّ أن أسير على عقبات الحياة مثقلة بالقيود والسلاسل فهل أرضى بأن يكون نصيبك من القضاء مثل نصيبي؟".
فقلت "تكلمي يا سلمى وأخبريني عن كل شيء ولا تتركيني ضائعاً بين هذه المعميات".
فأجابت " لا أقدر أن أقول كل شيء لأن اللسان الذي أخرسته الأوجاع لا يتكلم، والشفاه التي ختم عليها اليأس لا تتحرك وكل ما أقدر أن أقوله لك هو أني أخاف عليك من الوقوع في شرك الذين نصبوا لي الحبائل واصطادوني".
فقلت "ماذا تعنين يا سلمى ومن هم الذين تخافين عليّ منهم".
فسترت وجهها بيدها وتأوهت ملتاعة ثم قالت مترددة "إن المطران بولس غالب قد صار يعلم بأنني أخرج مرة في الشهر من القبر الذي وضعني فيه".
فقلت "وهل علم المطران بأنك تلتقين بي في هذا المكان".
فأجابت "لو علم بذلك لما رأيتني الآن جالسة بقربك" ولكن الشكوك تخامره والظنون تتلاعب بأفكاره وقد بث عليّ العيون لترقبني وأوعز إلى خدمه ليتجسسوا حركاتي حتى صرت أشعر بأن للمنزل الذي أسكنه والطرقات التي أسير عليها نواظر تحدق بي وأصابع تشير إليّ وآذاناً تسمع همس أفكاري".
وأطرقت هنيهة ثم زادت والدمع ينسكب على وجنتيها "أنا لا أخاف على نفسي لأن الغريق لا يخشى البلل، ولكنني أخاف عليك وأنت حر كنور الشمس أن تقع مثلي في أشراكه فيقبض عليك بأظافره وينهشك بأنيابه.. أنا لا أخاف من الدهر لأنه أفرغ جميع سهامه في صدري. ولكنني أخاف عليك وأنت في ربيع العمر أن تلسع الأفعى قدميك وتوقفك عن المسير نحو قمة الجبل حيث ينتظرك المستقبل بأفراحه وأمجاده".
فقلت "إن من لا تلسعه أفاعي الأيام وتنهشه ذئاب الليل يظل مغروراً بالأيام والليالي. ولكن اسمعي يا سلمى، اسمعيني جيداً، أليس أمامنا غير الفراق لنتقي صغارة الناس وشرورهم؟ هل سدت أمامنا سبل الحب والحياة والحرية فلم يبق غير الاستسلام إلى مشيئة عبيد الموت؟"
فأجابت بلهجة يساورها القنوط والحسرة "لم يبق أمامنا غير الوداع والتفرق".
فأخذت يدها وقد تمردت روحي في داخلي وتبدد الدخان عن شعلة فتوتي فقلت متهيجاً " لقد استسلمنا طويلاً إلى أهواء الناس يا سلمى.. منذ تلك الساعة التي جمعتنا حتى الآن ونحن ننقاد إلى العميان ونركع
أمام أصنامهم. منذ عرفتك ونحن في يد المطران بولس غالب مثل كرتين يلعب بنا كيفم
ا أراد ويقذفنا حيثما شاء فهل نبقى خاضعين لديه محدقين بظلمة نفسه حتى يلوكنا القبر وتبتلعنا الأرض؟ هل وهبنا الله نسمة الحياة لنضعها تحت أقدام الموت؟ وأعطانا الحرية لنجعلها ظلاً للاستعباد؟ إن من يخمد نار نفسه بيده يكون كافراً بالسماء التي أوقدتها. ومن يصبر على الضيم ولا يتمرد على الظلم يكون حليف الباطل على الحق وشريك السفاحين بقتل الأبرياء. وقد أحببتك يا سلمى وأحببتني والحب كنز ثمين يودعه الله النفس الكبيرة الحساسة. فهل نرمي بكنزنا إلى حظائر الخنازير لتبعثره بأنوفها وتذريه بأرجلها؟ أمامنا العالم مسرحاً وسيعاً مملوءاً بالمحاسن والغرائب فلماذا نسكن في هذا النفق الضيق الذي حفزه المطران وأعوانه؟ أمامنا الحياة من الحرية وما في الحرية من الغبطة والسعادة فلماذا لا نخلع النير الثقيل عن عاتقينا ونكسر القيود الموثوقة بأرجلنا ونسير إلى حيث الراحة والطمأنينة؟ قومي يا سلمى نذهب من هذا المعبد الصغير إلى هيكل الله الأعظم هلمي نرحل من هذه البلاد وما فيها من العبودية والغباوة إلى بلاد بعيدة لا تصل إليها أيدي اللصوص ولا تبلغها لهات الأبالسة. تعالي نسرع إلى الشاطئ مستترين بوشاح الليل فنعتلي سفينة تقلنا إلى ما وراء البحار وهناك نحيا حياة مكتنفة بالطهر والتفاهم، فلا تنفثنا الثعابين بأنفاسها ولا تدوسنا الطوارئ بأقدامها. لا تترددي يا سلمى فهذه الدقائق أثمن من تيجان الملوك وأسمى من سرائر الملائكة. قومي نتبع عمود النور فيقودنا من هذه الصحراء القاحلة إلى حقول تنبت الأزاهر والرياحين".
فهزت رأسها وقد شخصت عيناها بشيء غير منظور في فضاء ذلك الهيكل، وسالت على شفتيها ابتسامة محزنة تعلن ما في داخل نفسها من الشدة والألم، ثم قالت بهدوء "لا لا يا حبيبي، إن السماء قد وضعت في يدي كأساً مفعمة بالخل والعلقم وقد تجرعتها صرفاً ولم يبق فيها غير قطرات قليلة سوف أشربها متجلدة لأرى ما في قاع الكأس من الأسرار فأنا لا أستحقها ولا أقوى على احتمال أفراحها وملذاتها، لأن الطائر المكسور الجناحين يدب متنقلاً بين الصخور ولكنه لا يستطيع أن يسبح محلقاً في الفضاء، والعيون الرمداء تحدق بالأشياء الضئيلة ولكنها لا تقوى على النظر إلى الأنوار الساطعة، فلا تحدثني عن السعادة لأن ذكرها يؤلمني كالتعاسة، ولا تصور لي الهناء لأن ظله يخيفني كالشقاء.. ولكن انظر رماد صدري.. أنت تعلم بأنني أحبك محبة الأم وحيدها وهي المحبة التي علمتني أن أحميك حتى ومن نفسي. هي المحبة المطهرة بالنار التي توقفني الآن عن اتباعك إلى أقاصي الأرض وتجعلني أن أميت عواطفي وأميالي لكي تحيا أنت حراً نزيهاً وتظل في مأمن من لوم الناس وتقولاتهم الفاسدة. إن المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب، أما المحبة غير المتناهية فلا تطلب غير ذاتها.. المحبة التي تجيء بين يقظة الشباب وغفلته تستكفي باللقاء وتقنع بالوصل وتنمو بالقبل والأعناق، أما المحبة التي تولد في أحضان اللانهاية وتهبط مع أسرار الليل فلا تقنع بغير الأبدية ولا تستكفي بغير الخلود ولا تقف متهيبة أمام شيء سوى الألوهية.. عندما عرفت بالأمس أن المطران بولس غالب يريد أن يمنعني عن الخروج من منزل ابن أخيه ويسلبني اللذة الوحيدة التي عرفتها منذ تزوجت، وقفت أمام نافذة غرفتي ونظرت نحو البحر مفكرة بما وراءه من البلاد الوسيعة والحرية المعنوية والاستقلال الشخصي، وتخيلت نفسي عائشة بقربك محاطة بخيالات روحك، مغمورة بانعطافك، ولكن هذه الأحلام التي تنير صدور النساء المظلومات وتجعلهن يتمردن على التقاليد الباطلة ليعشن في ظل الحق والحرية لم تمر في خاطري حتى جعلتني أستصغر نفسي وأستضعفها وأرى محبتنا واهية محددة لا تستطيع الوقوف أمام وجه الشمس. فبكيت بكاء ملك أضاع ملكه وغني فقد كنزه، ولكني ما لبثت أن رأيت وجهك من خلال دموعي وأبصرت عينيك محدقتين بي فتذكرت ما قلته لي مرة وهو (هلمي يا سلمى نقف أمام الأعداء متلقين شفار السيوف بصدورنا فإن صرعنا نمنا كالشهداء وإن تغلبنا نعش كالأبطال، لأن عذاب النفس بثباتها أمام المصاعب والمتاعب هو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمن والطمأنينة).. هذه الكلمات قلتها لي يا حبيبي عندما كانت أجنحة الموت ترفرف حول مضجع والدي، وقد ذكرتها بالأمس وقد كانت أجنحة اليأس تصفق حول رأسي، فتقويت وتشجعت وشعرت وأنا في ظلمة السجن بنوع من الحرية النفسية التي تستهون الشدائد وتستصغر الأحزان، ورأيت حبنا عميقاً كالبحر، عالياً كالنجوم، متسعاً كالفضاء، وقد جئت اليوم إليك وفي نفسي المتوجعة المنهوكة قوة جديدة وهي المقدرة على الأمر العظيم للحصول على أمر أعظم ــ تضحية سعادتي بقربك لكي تبقى أنت شريفاً بعرف الناس بعيداً عن غدرهم واضطهادهم.. كنت أجيء بالأمس إلى هذا المكان والقيود الثقيلة تغل قدميّ الضعيفتين، أما اليوم فقد جئت شاعرة بعزم يهزأ بثقل القيود ويستقصر الطريق. كنت أجيء مثل طيف طارق خائف أما اليوم فقد جئت مثل امرأة حية تشعر بوجوب التضحية وتعرف قيمة الأوجاع وتريد أن تحمي من تحب من الناس والأغبياء ومن نفسها
فهزت رأسها وقد شخصت عيناها بشيء غير منظور في فضاء ذلك الهيكل، وسالت على شفتيها ابتسامة محزنة تعلن ما في داخل نفسها من الشدة والألم، ثم قالت بهدوء "لا لا يا حبيبي، إن السماء قد وضعت في يدي كأساً مفعمة بالخل والعلقم وقد تجرعتها صرفاً ولم يبق فيها غير قطرات قليلة سوف أشربها متجلدة لأرى ما في قاع الكأس من الأسرار فأنا لا أستحقها ولا أقوى على احتمال أفراحها وملذاتها، لأن الطائر المكسور الجناحين يدب متنقلاً بين الصخور ولكنه لا يستطيع أن يسبح محلقاً في الفضاء، والعيون الرمداء تحدق بالأشياء الضئيلة ولكنها لا تقوى على النظر إلى الأنوار الساطعة، فلا تحدثني عن السعادة لأن ذكرها يؤلمني كالتعاسة، ولا تصور لي الهناء لأن ظله يخيفني كالشقاء.. ولكن انظر رماد صدري.. أنت تعلم بأنني أحبك محبة الأم وحيدها وهي المحبة التي علمتني أن أحميك حتى ومن نفسي. هي المحبة المطهرة بالنار التي توقفني الآن عن اتباعك إلى أقاصي الأرض وتجعلني أن أميت عواطفي وأميالي لكي تحيا أنت حراً نزيهاً وتظل في مأمن من لوم الناس وتقولاتهم الفاسدة. إن المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب، أما المحبة غير المتناهية فلا تطلب غير ذاتها.. المحبة التي تجيء بين يقظة الشباب وغفلته تستكفي باللقاء وتقنع بالوصل وتنمو بالقبل والأعناق، أما المحبة التي تولد في أحضان اللانهاية وتهبط مع أسرار الليل فلا تقنع بغير الأبدية ولا تستكفي بغير الخلود ولا تقف متهيبة أمام شيء سوى الألوهية.. عندما عرفت بالأمس أن المطران بولس غالب يريد أن يمنعني عن الخروج من منزل ابن أخيه ويسلبني اللذة الوحيدة التي عرفتها منذ تزوجت، وقفت أمام نافذة غرفتي ونظرت نحو البحر مفكرة بما وراءه من البلاد الوسيعة والحرية المعنوية والاستقلال الشخصي، وتخيلت نفسي عائشة بقربك محاطة بخيالات روحك، مغمورة بانعطافك، ولكن هذه الأحلام التي تنير صدور النساء المظلومات وتجعلهن يتمردن على التقاليد الباطلة ليعشن في ظل الحق والحرية لم تمر في خاطري حتى جعلتني أستصغر نفسي وأستضعفها وأرى محبتنا واهية محددة لا تستطيع الوقوف أمام وجه الشمس. فبكيت بكاء ملك أضاع ملكه وغني فقد كنزه، ولكني ما لبثت أن رأيت وجهك من خلال دموعي وأبصرت عينيك محدقتين بي فتذكرت ما قلته لي مرة وهو (هلمي يا سلمى نقف أمام الأعداء متلقين شفار السيوف بصدورنا فإن صرعنا نمنا كالشهداء وإن تغلبنا نعش كالأبطال، لأن عذاب النفس بثباتها أمام المصاعب والمتاعب هو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمن والطمأنينة).. هذه الكلمات قلتها لي يا حبيبي عندما كانت أجنحة الموت ترفرف حول مضجع والدي، وقد ذكرتها بالأمس وقد كانت أجنحة اليأس تصفق حول رأسي، فتقويت وتشجعت وشعرت وأنا في ظلمة السجن بنوع من الحرية النفسية التي تستهون الشدائد وتستصغر الأحزان، ورأيت حبنا عميقاً كالبحر، عالياً كالنجوم، متسعاً كالفضاء، وقد جئت اليوم إليك وفي نفسي المتوجعة المنهوكة قوة جديدة وهي المقدرة على الأمر العظيم للحصول على أمر أعظم ــ تضحية سعادتي بقربك لكي تبقى أنت شريفاً بعرف الناس بعيداً عن غدرهم واضطهادهم.. كنت أجيء بالأمس إلى هذا المكان والقيود الثقيلة تغل قدميّ الضعيفتين، أما اليوم فقد جئت شاعرة بعزم يهزأ بثقل القيود ويستقصر الطريق. كنت أجيء مثل طيف طارق خائف أما اليوم فقد جئت مثل امرأة حية تشعر بوجوب التضحية وتعرف قيمة الأوجاع وتريد أن تحمي من تحب من الناس والأغبياء ومن نفسها
الجائعة. كنت أجلس حذاءك مثل
ظل مرتجف وقد أتيت اليوم لأريك حقيقتي أمام عشتروت المقدسة ويسوع المصلوب. أنا شجرة نابتة في الظل وقد مددت أغصاني اليوم لكي تنتعش ساعة النهار. وقد جئت لأودعك يا حبيبي فليكن وداعنا عظيماً وهائلاً مثل حبنا ــ ليكن وداعنا كالنار التي تصهر الذهب لتجعله أشد لمعاناً".
ولم تترك لي سلمى مجالاً للكلام والاحتجاج بل نظرت إليّ وقد أبرقت عيناها فأحاطت أشعتها بوجداني واتشحت ملامح وجهها بنقاب من الهيبة والجلال فبانت كمليكة توحي الصمت والتخشع. ثم ارتمت على صدري بانعطاف كل ما عهدته فيها قبل الساعة وطوقت عنقي بزندها الأمس وقبلت شفتي قبلة طويلة عميقة محرقة أيقظت الحياة في جسدي وأثارت الأسرار الخفية في نفسي وجعلت الذات الوضعية التي أدعوها (أنا) أن تتمرد على العالم بأسره لتخضع صامتة أمام الناموس العلوي الذي اتخذ صدر سلمى هيكلاً ونفسها مذبحاً.
ولما غربت الشمس ولمحت أشعتها الأخيرة تبعد عن تلك الحدائق والبساتين انتفضت سلمى ووقفت في وسط الهيكل ونظرت طويلاً إلى جدرانه وزواياه كأنها تريد أن تسكب نور عينيها على رسومه ورموزه ثم تقدمت قليلاً وجثت خاضعة أمام صورة يسوع وقبلت قدميه المكلومتين مرات متوالية ثم همست قائلة "ها قد اخترت صليبك يا يسوع الناصري وتركت مسرات عشتروت وأفراحها؛ قد كللت رأسي بالأشواك بدلاً من الغار، واغتسلت بدمي ودموعي بدلاً من العطور والطيوب وتجرعت الخل والعلقم بالكأس التي صنعت للخمر والكوثر، فاقبلني بين تابعيك الأقوياء بضعفهم وسيرني نحو الجلجلة برفقة مختاريك المستكفين بأوجاعهم المغبوطين على كآبة قلوبهم".
ثم انتصبت والتفتت نحوي قائلة "سأعود الآن فرحة إلى الكهف المظلم حيث تتراكض الأشباح المخيفة فلا تشفق عليّ يا حبيبي ولا تحزن من أجلي لأن النفس التي ترى ظل الله مرة لا تخشى بعد ذلك أشباح الأبالسة، والعين التي تكتحل بلمحة واحدة من الملأ الأعلى لا تغمضها أوجاع العالم".
وخرجت سلمى من ذاك المعبد ملتفة بملابسها الحريرية وتركتني حائراً ضائعاً مفكراً مجذوباً إلى مسارح الرؤيا حيث تجلس الآلهة على العروش وتدون الملائكة أعمال البشر وتتلو الأرواح مأساة الحياة وتترنم عرائس الخيال بأناشيد الحب والحزن والخلود.
ولما صحوت من هذه السكرة وكان الليل قد غمر الوجود بأمواجه القاتمة، وجدتني هائماً بين تلك البساتين مسترجعاً إلى حافظتي صدى كل كلمة لفظتها سلمى، معيداً إلى نفسي حركاتها وسكناتها وملامح وجهها وملامس يديها، حتى إذا ما اتضحت لي حقيقة الوداع وما سيجيء من ألم الوحشة ومرارة الشوق جمدت فكرتي وتراخت خيوط قلبي وعلمت للمرة الأولى بأن الإنسان وإن ولد حراً يظل عبداً لقساوة الشرائع التي سنها آباؤه وأجداده، وأن القضاء الذي نتوهمه سراً علوياً لهو استسلام اليوم إلى مآتي الأمس، وخضوع الغد إلى أميال اليوم. وكم مرة فكرت منذ تلك الليلة إلى هذه الساعة بالنواميس النفسية التي جعلت سلمى تختار الموت بدلاً من الحياة. وكم مرة وضعت نبالة التضحية بجانب سعادة المتمردين لأرى أيهما أجل وأجمل ولكنني للآن لم أفهم سوى حقيقة واحدة وهي أن الإخلاص يجعل جميع الأعمال حسنة وشريفة، وسلمى كرامة كانت الإخلاص متأنساً وصحة الاعتقاد متجسدة.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ظل مرتجف وقد أتيت اليوم لأريك حقيقتي أمام عشتروت المقدسة ويسوع المصلوب. أنا شجرة نابتة في الظل وقد مددت أغصاني اليوم لكي تنتعش ساعة النهار. وقد جئت لأودعك يا حبيبي فليكن وداعنا عظيماً وهائلاً مثل حبنا ــ ليكن وداعنا كالنار التي تصهر الذهب لتجعله أشد لمعاناً".
ولم تترك لي سلمى مجالاً للكلام والاحتجاج بل نظرت إليّ وقد أبرقت عيناها فأحاطت أشعتها بوجداني واتشحت ملامح وجهها بنقاب من الهيبة والجلال فبانت كمليكة توحي الصمت والتخشع. ثم ارتمت على صدري بانعطاف كل ما عهدته فيها قبل الساعة وطوقت عنقي بزندها الأمس وقبلت شفتي قبلة طويلة عميقة محرقة أيقظت الحياة في جسدي وأثارت الأسرار الخفية في نفسي وجعلت الذات الوضعية التي أدعوها (أنا) أن تتمرد على العالم بأسره لتخضع صامتة أمام الناموس العلوي الذي اتخذ صدر سلمى هيكلاً ونفسها مذبحاً.
ولما غربت الشمس ولمحت أشعتها الأخيرة تبعد عن تلك الحدائق والبساتين انتفضت سلمى ووقفت في وسط الهيكل ونظرت طويلاً إلى جدرانه وزواياه كأنها تريد أن تسكب نور عينيها على رسومه ورموزه ثم تقدمت قليلاً وجثت خاضعة أمام صورة يسوع وقبلت قدميه المكلومتين مرات متوالية ثم همست قائلة "ها قد اخترت صليبك يا يسوع الناصري وتركت مسرات عشتروت وأفراحها؛ قد كللت رأسي بالأشواك بدلاً من الغار، واغتسلت بدمي ودموعي بدلاً من العطور والطيوب وتجرعت الخل والعلقم بالكأس التي صنعت للخمر والكوثر، فاقبلني بين تابعيك الأقوياء بضعفهم وسيرني نحو الجلجلة برفقة مختاريك المستكفين بأوجاعهم المغبوطين على كآبة قلوبهم".
ثم انتصبت والتفتت نحوي قائلة "سأعود الآن فرحة إلى الكهف المظلم حيث تتراكض الأشباح المخيفة فلا تشفق عليّ يا حبيبي ولا تحزن من أجلي لأن النفس التي ترى ظل الله مرة لا تخشى بعد ذلك أشباح الأبالسة، والعين التي تكتحل بلمحة واحدة من الملأ الأعلى لا تغمضها أوجاع العالم".
وخرجت سلمى من ذاك المعبد ملتفة بملابسها الحريرية وتركتني حائراً ضائعاً مفكراً مجذوباً إلى مسارح الرؤيا حيث تجلس الآلهة على العروش وتدون الملائكة أعمال البشر وتتلو الأرواح مأساة الحياة وتترنم عرائس الخيال بأناشيد الحب والحزن والخلود.
ولما صحوت من هذه السكرة وكان الليل قد غمر الوجود بأمواجه القاتمة، وجدتني هائماً بين تلك البساتين مسترجعاً إلى حافظتي صدى كل كلمة لفظتها سلمى، معيداً إلى نفسي حركاتها وسكناتها وملامح وجهها وملامس يديها، حتى إذا ما اتضحت لي حقيقة الوداع وما سيجيء من ألم الوحشة ومرارة الشوق جمدت فكرتي وتراخت خيوط قلبي وعلمت للمرة الأولى بأن الإنسان وإن ولد حراً يظل عبداً لقساوة الشرائع التي سنها آباؤه وأجداده، وأن القضاء الذي نتوهمه سراً علوياً لهو استسلام اليوم إلى مآتي الأمس، وخضوع الغد إلى أميال اليوم. وكم مرة فكرت منذ تلك الليلة إلى هذه الساعة بالنواميس النفسية التي جعلت سلمى تختار الموت بدلاً من الحياة. وكم مرة وضعت نبالة التضحية بجانب سعادة المتمردين لأرى أيهما أجل وأجمل ولكنني للآن لم أفهم سوى حقيقة واحدة وهي أن الإخلاص يجعل جميع الأعمال حسنة وشريفة، وسلمى كرامة كانت الإخلاص متأنساً وصحة الاعتقاد متجسدة.
[🙇🏻] انتظرونا في الحلقة القادمة ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ.
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (4⃣1⃣والاخيرة ) :
ـ➖➖➖➖➖
⚰الـــمـــنـــقـــــذ⚰
ومرت خمسة أعوام على زواج سلمى ولم ترزق ولداً ليوجد بكيانه العلاقة الروحية بينها وبين بعلها ويقرب بابتسامته نفسيهما المتنافرتين مثلما يجمع الفجر بين أواخر الليل وأوائل النهار.
والمرأة العاقر مكروهة في كل مكان لأن الأنانية تصور لأكثر الرجال دوام الحياة في أجساد الأبناء فيطلبون النسل ليظلوا خالدين على الأرض.
إن الرجل المادي ينظر إلى زوجته العاقر بالعين التي يرى بها الانتحار البطيء فيمقتها ويهجرها ويطلب حتفها كأنها عدو غدار يريد الفتك به، ومنصور بك غالب كان مادياً كالتراب وقاسياً كالفولاذ وطامعاً كالمقبرة وكانت رغبته بابن يرث اسمه وسؤدده تكرهه بسلمى المسكينة وتحوّل محاسنها في عينيه إلى عيوب جهنمية..
إن الشجرة التي تنبت في الكهف لا تعطي ثمراً، وسلمى كرامة كانت في ظل الحياة فلم تثمر أطفالاً؛ إن البلبل لا يحوك عشاً في القفص كيلا يورث العبودية لفراخه. وسلمى كرامة كانت سجينة الشقاء فلم تقسم السماء حياتها إلى أسيرين؛ إن أزاهر الأودية هي أطفال يلدها الحب والحنو، فسلمى كرامة لم تشعر قط بأنفاس الحنو وملامس الانعطاف في ذلك المنزل الفخم النائم على شاطئ البحر في رأس بيروت، ولكنها كانت تصلي في سكينة الليالي ضارعة أمام السماء لتبعث إليها بطفل يجفف بأصابعه الوردية دموعها ويزيل بنور عينيه خيال الموت من قلبها.
وقد صلت سلمى متوجعة حتى ملأت الفضاء صلاة وابتهالاً وتضرعت مستغيثة حتى بدّد صراخها الغيوم، فسمعت السماء ندائها وبثت في أحشائها نغمة مختمرة بالحلاوة والعذوبة وأعدتها بعد خمسة أعوام من زواجها لتصيّرها أما وتمحو ذلها وعارها.
الشجرة النابتة في الكهف قد أزهرت لتثمر.
البلبل المسجون في القفص قد هم ليحوك عشاً من ريش جناحيه.
القيثارة التي طرحت تحت الأقدام قد وضعت في مهب نسيم المشرق ليحرك بأمواجه ما بقي من أوتارها.
سلمى كرامة المسكينة قد مدت ذراعيها المكبلتين بالسلاسل لتقبل موهبة السماء.
وليس بين أفراح الحياة ما يضارع فرح المرأة العاقر عندما تهيئها النواميس الأزلية لتصيرها أما، كل ما في يقظة الربيع من الجمال، وكل ما في مجيء الفجر من المسرة يجتمع بين أضلع المرأة التي أحرمها الله ثم أعطاها.
لا يوجد نور أشد سطوعاً وأكثر لمعاناً من الأشعة التي يبعثها الجنين السجين في ظلمة الأحشاء.
وكان نيسان قد جاء متنقلاً بين الروابي والمنحدرات عندما تمت أيام سلمى لتلد بكرها، وكأن الطبيعة قد وافقتها وعاهدتها فأخذت تضع حمل أزاهرها وتلف بأقمطة الحرارة أطفال الأعشاب والرياحين.
مضت شهور الانتظار وسلمى تترقب الخلاص مثلما يترقب المسافر طلوع كوكب الصباح، وتنظر إلى المستقبل من وراء دموعها فتراه مشعشعاً وقد طالما ظهرت الأشياء القاتمة متلمعة من خلال الدموع.
ففي ليلة وقد طافت أشباح الظلام بين تلك المنازل في رأس بيروت، انطرحت سلمى على مضجع المخاض والأوجاع فانتصب الموت والحياة يتصارعان بجانب فراشها، ووقف الطبيب والقابلة ليقدما إلى هذا العالم ضيفاً جديداً، وسكنت حركة عابري الطريق وانخفضت نغمة أمواج البحر ولم يعد يسمع في ذلك الحي سوى صراخ هائل يتصاعد من نوافذ منزل منصور بك غالب.. صراخ انفصال الحياة من الحياة.. صراخ محبة البقاء في فضاء اللاشيء والعدم.. صراخ قوة الإنسان المحدودة أمام سكينة القوى غير المتناهية. صراخ سلمى الضعيفة المنطرحة تحت أقدام جبارين: الموت والحياة.
عندما لاح الفجر ولدت سلمى ابناً، ولما سمعت إهلاله فتحت عينيها المغلقتين بالألم ونظرت حواليها فرأت الأوجه متهللة في جوانب تلك الغرفة.. ولما نظرت ثانية رأت الحياة والموت ما زالا يتصارعان بقرب مضجعها فعادت وأغمضت عينيها وصرخت لأول مرة "يا ولدي". ولفت القابلة الطفل بالأقمطة ووضعته حذاء أمه، أما الطبيب فظل ينظر بعينين حزينتين نحو سلمى ويهز رأسه صامتاً بين الدقيقة والأخرى.
وأيقظت نغمة الفرح بعض الجيران فجاؤوا بملابس النوم ليهنئوا الوالد بولده، أما الطبيب فبقي ينظر بعينين كئيبتين نحو الوالدة وطفلها.
وأسرع الخدم نحو منصور بك ليبشروه بقدوم وريثه ويملؤوا أيديهم من عطاياه أما الطبيب فلبث واقفاً ينظر بعينين يائستين إلى سلمى وابنها.
ولما طلعت الشمس قربت سلمى ولدها من ثديها ففتح عينيه لأول مرة ونظر في عينها ثم اختلج وأغمضها لآخر مرة. فدنا الطبيب وأخذه من بين ذراعيها وانسكبت على وجنتيه دمعتان كبيرتان ثم همس في سره قائلاً "هو زائر راحل؟"
مات الطفل وسكان الحي يفرحون مع الوالد في القاعة الكبرى ويشربون نخبه ليعيش طويلاً، وسلمى المسكينة تحدق بالطبيب وتصرخ قائلة "أعطني ولدي لأضمه" ثم تحدق ثانية فترى الموت والحياة يتصارعان بجانب سريرها.
مات الطفل ورنة الكؤوس تنمو بين أيدي الفرحين بمجيئه.
ولد مع الفجر ومات عند طلوع الشمس...
ولد مع الف
ـ➖➖➖➖➖
📚| روايــة "حــــــــب"💞
📖| 🦅الأجنحة المتكسرة 🕊"
✒| تنسيق: الــيــافــــ؏ــــﻲ
🎬| الـــحـــلــــقـــــة (4⃣1⃣والاخيرة ) :
ـ➖➖➖➖➖
⚰الـــمـــنـــقـــــذ⚰
ومرت خمسة أعوام على زواج سلمى ولم ترزق ولداً ليوجد بكيانه العلاقة الروحية بينها وبين بعلها ويقرب بابتسامته نفسيهما المتنافرتين مثلما يجمع الفجر بين أواخر الليل وأوائل النهار.
والمرأة العاقر مكروهة في كل مكان لأن الأنانية تصور لأكثر الرجال دوام الحياة في أجساد الأبناء فيطلبون النسل ليظلوا خالدين على الأرض.
إن الرجل المادي ينظر إلى زوجته العاقر بالعين التي يرى بها الانتحار البطيء فيمقتها ويهجرها ويطلب حتفها كأنها عدو غدار يريد الفتك به، ومنصور بك غالب كان مادياً كالتراب وقاسياً كالفولاذ وطامعاً كالمقبرة وكانت رغبته بابن يرث اسمه وسؤدده تكرهه بسلمى المسكينة وتحوّل محاسنها في عينيه إلى عيوب جهنمية..
إن الشجرة التي تنبت في الكهف لا تعطي ثمراً، وسلمى كرامة كانت في ظل الحياة فلم تثمر أطفالاً؛ إن البلبل لا يحوك عشاً في القفص كيلا يورث العبودية لفراخه. وسلمى كرامة كانت سجينة الشقاء فلم تقسم السماء حياتها إلى أسيرين؛ إن أزاهر الأودية هي أطفال يلدها الحب والحنو، فسلمى كرامة لم تشعر قط بأنفاس الحنو وملامس الانعطاف في ذلك المنزل الفخم النائم على شاطئ البحر في رأس بيروت، ولكنها كانت تصلي في سكينة الليالي ضارعة أمام السماء لتبعث إليها بطفل يجفف بأصابعه الوردية دموعها ويزيل بنور عينيه خيال الموت من قلبها.
وقد صلت سلمى متوجعة حتى ملأت الفضاء صلاة وابتهالاً وتضرعت مستغيثة حتى بدّد صراخها الغيوم، فسمعت السماء ندائها وبثت في أحشائها نغمة مختمرة بالحلاوة والعذوبة وأعدتها بعد خمسة أعوام من زواجها لتصيّرها أما وتمحو ذلها وعارها.
الشجرة النابتة في الكهف قد أزهرت لتثمر.
البلبل المسجون في القفص قد هم ليحوك عشاً من ريش جناحيه.
القيثارة التي طرحت تحت الأقدام قد وضعت في مهب نسيم المشرق ليحرك بأمواجه ما بقي من أوتارها.
سلمى كرامة المسكينة قد مدت ذراعيها المكبلتين بالسلاسل لتقبل موهبة السماء.
وليس بين أفراح الحياة ما يضارع فرح المرأة العاقر عندما تهيئها النواميس الأزلية لتصيرها أما، كل ما في يقظة الربيع من الجمال، وكل ما في مجيء الفجر من المسرة يجتمع بين أضلع المرأة التي أحرمها الله ثم أعطاها.
لا يوجد نور أشد سطوعاً وأكثر لمعاناً من الأشعة التي يبعثها الجنين السجين في ظلمة الأحشاء.
وكان نيسان قد جاء متنقلاً بين الروابي والمنحدرات عندما تمت أيام سلمى لتلد بكرها، وكأن الطبيعة قد وافقتها وعاهدتها فأخذت تضع حمل أزاهرها وتلف بأقمطة الحرارة أطفال الأعشاب والرياحين.
مضت شهور الانتظار وسلمى تترقب الخلاص مثلما يترقب المسافر طلوع كوكب الصباح، وتنظر إلى المستقبل من وراء دموعها فتراه مشعشعاً وقد طالما ظهرت الأشياء القاتمة متلمعة من خلال الدموع.
ففي ليلة وقد طافت أشباح الظلام بين تلك المنازل في رأس بيروت، انطرحت سلمى على مضجع المخاض والأوجاع فانتصب الموت والحياة يتصارعان بجانب فراشها، ووقف الطبيب والقابلة ليقدما إلى هذا العالم ضيفاً جديداً، وسكنت حركة عابري الطريق وانخفضت نغمة أمواج البحر ولم يعد يسمع في ذلك الحي سوى صراخ هائل يتصاعد من نوافذ منزل منصور بك غالب.. صراخ انفصال الحياة من الحياة.. صراخ محبة البقاء في فضاء اللاشيء والعدم.. صراخ قوة الإنسان المحدودة أمام سكينة القوى غير المتناهية. صراخ سلمى الضعيفة المنطرحة تحت أقدام جبارين: الموت والحياة.
عندما لاح الفجر ولدت سلمى ابناً، ولما سمعت إهلاله فتحت عينيها المغلقتين بالألم ونظرت حواليها فرأت الأوجه متهللة في جوانب تلك الغرفة.. ولما نظرت ثانية رأت الحياة والموت ما زالا يتصارعان بقرب مضجعها فعادت وأغمضت عينيها وصرخت لأول مرة "يا ولدي". ولفت القابلة الطفل بالأقمطة ووضعته حذاء أمه، أما الطبيب فظل ينظر بعينين حزينتين نحو سلمى ويهز رأسه صامتاً بين الدقيقة والأخرى.
وأيقظت نغمة الفرح بعض الجيران فجاؤوا بملابس النوم ليهنئوا الوالد بولده، أما الطبيب فبقي ينظر بعينين كئيبتين نحو الوالدة وطفلها.
وأسرع الخدم نحو منصور بك ليبشروه بقدوم وريثه ويملؤوا أيديهم من عطاياه أما الطبيب فلبث واقفاً ينظر بعينين يائستين إلى سلمى وابنها.
ولما طلعت الشمس قربت سلمى ولدها من ثديها ففتح عينيه لأول مرة ونظر في عينها ثم اختلج وأغمضها لآخر مرة. فدنا الطبيب وأخذه من بين ذراعيها وانسكبت على وجنتيه دمعتان كبيرتان ثم همس في سره قائلاً "هو زائر راحل؟"
مات الطفل وسكان الحي يفرحون مع الوالد في القاعة الكبرى ويشربون نخبه ليعيش طويلاً، وسلمى المسكينة تحدق بالطبيب وتصرخ قائلة "أعطني ولدي لأضمه" ثم تحدق ثانية فترى الموت والحياة يتصارعان بجانب سريرها.
مات الطفل ورنة الكؤوس تنمو بين أيدي الفرحين بمجيئه.
ولد مع الفجر ومات عند طلوع الشمس...
ولد مع الف
جر ومات عند طلوع الشمس، فأي بشري يستطيع أن يقيس الزمن ليخبرنا ماذا كانت الساعة التي تمر بين مجيء الفجر وطلوع الشمس. هي أقصر من الدهر الذي يمر بين ظهور الأمم وتواريها.
ولد كالفكر ومات كالتنهدة واختفى كالظل فأذاق سلمى كرامة طعم الأمومة ولكنه لم يبق ليسعدها ويزيل يد الموت عن قلبها..
حياة قصيرة ابتدأت بنهاية الليل وانقضت بابتداء النهار فكانت مثل قطرة الندى التي تسكبها أجفان الظلام ثم تجفهها ملامس النور.
كلمة لفظتها النواميس الأزلية ثم ندمت عليها وأعادتها إلى سكينة الأبدية.
لؤلؤة قذفها المد إلى الشاطئ ثم جرفها الجزر إلى الأعماق.
زنبقة ما انبثقت من كمام الحياة حتى انسحقت تحت أقدام الموت.
ضيف عزيز ترقبت سلمى قدومه ولكنه ما حل حتى ارتحل وما فتح مصراعي الباب حتى اختفى.
جنين ما صار طفلاً حتى صار تراباً: وهذه حياة الإنسان بل حياة الشعوب، بل حياة الشموس والأقمار والكواكب..
وحولت سلمى عينيها نحو الطبيب وتنهدت بشوق جارح ثم صرخت قائلة "أعطني ابني لأضمه بذراعي... أعطني ولدي لأرضعه.."
فنكس الطبيب رأسه وقال والغصات تخرسه "قد مات طفلك يا سيدتي فتجلدي وتصبري لكي تعيشي بعده".
فصرخت سلمى بصوت هائل ثم سكتت هنيهة، ثم ابتسمت ابتسامة فرح ومسرة، ثم تهلل وجهها وكأنها عرفت شيئاً لم تكن تعرفه وقالت بهدوء "أعطني جثة ولدي، قربه مني ميتاً".
فحمل الطبيب الطفل الميت ووضعه بين ذراعيها فضمته إلى صدرها وحولت وجهها نحو الحائط وقالت تخاطبه "قد جئت لتأخذني يا ولدي، قد جئت لتدلني على الطريق المؤدية إلى الساحل، ها أنذا يا ولدي فسر أمامي لنذهب من هذا الكهف المظلم".
وبعد دقيقة دخلت أشعة الشمس من بين ستائر النافذة وانسكبت على جسدين هامدين منطرحين على مضجع تخفره هيبة الأمومة وتظلله أجنحة الموت.
فخرج الطبيب باكياً من تلك الغرفة، ولما بلغ القاعة الكبرى تبدلت تهاليل المهنئين بالصراخ والعويل، أما منصور بك غالب فلم يصرخ ولم يتنهد ولم يذرف دمعة ولم يفه بكلمة بل لبث جامداً منتصباً كالصنم قابضاً بيمينه على كأس الشراب.
وفي اليوم التالي كفنت سلمى بأثواب عرسها البيضاء ووضعت في تابوت موشى بالمخمل الناصع، أما طفلها فكانت أقمطة أكفانه وتابوته ذراعي أمه وقبره صدرها الهادئ.
حملوا الجثتين في نعش واحد مشوا ببطء متلف يشابه طرقات القلوب في صدور المنازعين فسار المشيعون وسرت بينهم وهم لا يعرفونني ولا يدرون ما بي.
بلغوا المقبرة فانتصب المطران بولس غالب يرتل ويعزم ووقف الكهان حوله ينغمون ويسبحون.
ولما أنزلوا التابوت إلى أعماق الحفرة همس أحد الواقفين: قائلاً: هذه أول مرة رأيت فيها جسدين يضمهما تابوت واحد".
وقال آخر:
"تأملوا بوجه منصور بك فهو ينظر إلى الفضاء بعينين زجاجيتين كأنه لم يفقد زوجته وطفله في يوم واحد".
وظل الكهان يرتلون ويسبحون حتى فرغ حفار القبور من ردم الحفرة فأخذ المشيعون إذ ذاك يقتربون واحداً واحداً من المطران وابن أخيه يصبرونهما ويواسونهما بمستعذبات الكلام.
أما أنا فبقيت واقفاً منفرداً وحدي وليس من يعزيني على مصيبتي كأن سلمى وطفلها لم يكونا أقرب الناس إليّ.
عاد المشيعون وبقي حفار القبور منتصباً بجانب القبر الجديد وفي يده رفشه ومحفره، فدنوت منه وسألته قائلاً:
"أتذكر أين قبر فارس كرامة؟
فنظر إلي طويلاً ثم أشار نحو قبر "سلمى" وقال:
"في هذه الحفرة قد مددت ابنته على صدره، وعلى صدر ابنته مددت طفلها وفوق الجميع قد وضعت التراب بهذا الرفش".
فأجبته:
"وفي هذه الحفرة أيضاً قد دفنت قلبي أيها الرجل... فما أقوى ساعديك".
ولما توارى حفار القبور وراء أشجار السرو...
خانني الصبر والتجلد
فارتميت على قبر "سلمى"
أبكيها...
وأرثيها....
[★] 🔚....النهايه ......
[🙇🏻] انتظرونا في رواية جديدة بإذن الله ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ولد كالفكر ومات كالتنهدة واختفى كالظل فأذاق سلمى كرامة طعم الأمومة ولكنه لم يبق ليسعدها ويزيل يد الموت عن قلبها..
حياة قصيرة ابتدأت بنهاية الليل وانقضت بابتداء النهار فكانت مثل قطرة الندى التي تسكبها أجفان الظلام ثم تجفهها ملامس النور.
كلمة لفظتها النواميس الأزلية ثم ندمت عليها وأعادتها إلى سكينة الأبدية.
لؤلؤة قذفها المد إلى الشاطئ ثم جرفها الجزر إلى الأعماق.
زنبقة ما انبثقت من كمام الحياة حتى انسحقت تحت أقدام الموت.
ضيف عزيز ترقبت سلمى قدومه ولكنه ما حل حتى ارتحل وما فتح مصراعي الباب حتى اختفى.
جنين ما صار طفلاً حتى صار تراباً: وهذه حياة الإنسان بل حياة الشعوب، بل حياة الشموس والأقمار والكواكب..
وحولت سلمى عينيها نحو الطبيب وتنهدت بشوق جارح ثم صرخت قائلة "أعطني ابني لأضمه بذراعي... أعطني ولدي لأرضعه.."
فنكس الطبيب رأسه وقال والغصات تخرسه "قد مات طفلك يا سيدتي فتجلدي وتصبري لكي تعيشي بعده".
فصرخت سلمى بصوت هائل ثم سكتت هنيهة، ثم ابتسمت ابتسامة فرح ومسرة، ثم تهلل وجهها وكأنها عرفت شيئاً لم تكن تعرفه وقالت بهدوء "أعطني جثة ولدي، قربه مني ميتاً".
فحمل الطبيب الطفل الميت ووضعه بين ذراعيها فضمته إلى صدرها وحولت وجهها نحو الحائط وقالت تخاطبه "قد جئت لتأخذني يا ولدي، قد جئت لتدلني على الطريق المؤدية إلى الساحل، ها أنذا يا ولدي فسر أمامي لنذهب من هذا الكهف المظلم".
وبعد دقيقة دخلت أشعة الشمس من بين ستائر النافذة وانسكبت على جسدين هامدين منطرحين على مضجع تخفره هيبة الأمومة وتظلله أجنحة الموت.
فخرج الطبيب باكياً من تلك الغرفة، ولما بلغ القاعة الكبرى تبدلت تهاليل المهنئين بالصراخ والعويل، أما منصور بك غالب فلم يصرخ ولم يتنهد ولم يذرف دمعة ولم يفه بكلمة بل لبث جامداً منتصباً كالصنم قابضاً بيمينه على كأس الشراب.
وفي اليوم التالي كفنت سلمى بأثواب عرسها البيضاء ووضعت في تابوت موشى بالمخمل الناصع، أما طفلها فكانت أقمطة أكفانه وتابوته ذراعي أمه وقبره صدرها الهادئ.
حملوا الجثتين في نعش واحد مشوا ببطء متلف يشابه طرقات القلوب في صدور المنازعين فسار المشيعون وسرت بينهم وهم لا يعرفونني ولا يدرون ما بي.
بلغوا المقبرة فانتصب المطران بولس غالب يرتل ويعزم ووقف الكهان حوله ينغمون ويسبحون.
ولما أنزلوا التابوت إلى أعماق الحفرة همس أحد الواقفين: قائلاً: هذه أول مرة رأيت فيها جسدين يضمهما تابوت واحد".
وقال آخر:
"تأملوا بوجه منصور بك فهو ينظر إلى الفضاء بعينين زجاجيتين كأنه لم يفقد زوجته وطفله في يوم واحد".
وظل الكهان يرتلون ويسبحون حتى فرغ حفار القبور من ردم الحفرة فأخذ المشيعون إذ ذاك يقتربون واحداً واحداً من المطران وابن أخيه يصبرونهما ويواسونهما بمستعذبات الكلام.
أما أنا فبقيت واقفاً منفرداً وحدي وليس من يعزيني على مصيبتي كأن سلمى وطفلها لم يكونا أقرب الناس إليّ.
عاد المشيعون وبقي حفار القبور منتصباً بجانب القبر الجديد وفي يده رفشه ومحفره، فدنوت منه وسألته قائلاً:
"أتذكر أين قبر فارس كرامة؟
فنظر إلي طويلاً ثم أشار نحو قبر "سلمى" وقال:
"في هذه الحفرة قد مددت ابنته على صدره، وعلى صدر ابنته مددت طفلها وفوق الجميع قد وضعت التراب بهذا الرفش".
فأجبته:
"وفي هذه الحفرة أيضاً قد دفنت قلبي أيها الرجل... فما أقوى ساعديك".
ولما توارى حفار القبور وراء أشجار السرو...
خانني الصبر والتجلد
فارتميت على قبر "سلمى"
أبكيها...
وأرثيها....
[★] 🔚....النهايه ......
[🙇🏻] انتظرونا في رواية جديدة بإذن الله ...
______________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ .
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
تقولوا الحوثيين عملوا مولد نبوي ??ولا حجة الوداع.😂😂🤣🤣🤣🤣👊🏼
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
امــــس المــــولد #
والــــيــــووم الخـــتاان ...
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
عااااااجل عبدربه يعين صالح عفاش رئيس المقاومه بصنعاء✌🏼والبادئ أظلم
😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
محشش قالوا له ;:
بألمانيا في مستشفى إذا بتبيع لهم خصيه واحده يعطوك مليون دولار.!!!
قال إصبروا شهر بس إذ نزل الراتب والا حرام لأبيع الغطاس مع العوامات.!!!
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
شيبه جالس يقص لأحفاده عن ايام الاستعمار
ويقول لهم ايام الاستعمار كانوا جنود
الاستعمار يجمعوا الأطفال بكل منطقة
ويقسموهم قسمين :
قسم من الأطفال يقتلوهم ،
والقسم الثاني يغتصبوهم !
،`،
قفز واحد من أحفادةة وسأله
يا جـد انت كنت من اي قسم ؟!
قلةة : أنا من اللي قتلوهم ياملعون
😬😬😅😅😅😂😂😂😂😁😅
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
- ما تمدح لي شخص اكرهه عشان ما اكرهك معاه.☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الدوري اليمني شغال قرعة وبمواجهات نارية .. 😂😂
أبو العباس * الصعاليك .. الملعب تعز .. 😂😂
الحوثي * عفاش .. الملعب السبعين .. 😂😂
بن دغر * عيدروس .. الملعب البريقة .. 😂😂
باقي فريقين .. القاعدة وداعش احتياط ..
😂😂😉😉😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
أصعب كلمة مصرية 😐
شنبك ده هحلئهولك
لاتحاولون من أمس وأنا مغرز فيها 🤦🏻♂😂😂😂
اللي ينطقها يرسل لنا صوت🎤
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
واحد يمني
سافر السعودية اول ما نزل المطار مذيع سأله ايش رأيك فى فهد 😊
قاله
و الله حيوان سريع و قوى 😅
سجنوه 10 سنين
... ... خرج قال والله ماعاد اجلس فى السعودية مره ثانيه
راح سوريا اول ما نزل من المطار مذيع سأله ايش رأيك فى الاسد 😊
قاله و الله حيوان شرس و عنيف 😑
سجنوه 11 سنة
خرج قال و الله لارجع اليمن
اول ماوصل اليمن سأله مذيع ايش، رايك في الحوثيين؟؟؟
قاله و الله بطلت اتكلم عن الحيوانات 😅
قتلوه 😨😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
-من اصدق ما قرأت😂
سأل مدرس اللغة العربية الطلاب ::
ليش الناس تخاف من الحسد؟؟!
محد جاوب الا طالب ذماري قال
لأن الحسد ملك الغابة😷😱😂
فتم إلغاء مادة اللغة العربية نهائيأً
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
متى يكون تركيزك 100 % ؟؟
اذا دخلت حمام ما فيه قفل تكون على
اتم الاستعداد للتصدي لأي هجمه مرتده 😅
وضعية الكنغر 🐺
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
تقولوا الحوثيين عملوا مولد نبوي ??ولا حجة الوداع.😂😂🤣🤣🤣🤣👊🏼
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
امــــس المــــولد #
والــــيــــووم الخـــتاان ...
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
عااااااجل عبدربه يعين صالح عفاش رئيس المقاومه بصنعاء✌🏼والبادئ أظلم
😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
محشش قالوا له ;:
بألمانيا في مستشفى إذا بتبيع لهم خصيه واحده يعطوك مليون دولار.!!!
قال إصبروا شهر بس إذ نزل الراتب والا حرام لأبيع الغطاس مع العوامات.!!!
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
شيبه جالس يقص لأحفاده عن ايام الاستعمار
ويقول لهم ايام الاستعمار كانوا جنود
الاستعمار يجمعوا الأطفال بكل منطقة
ويقسموهم قسمين :
قسم من الأطفال يقتلوهم ،
والقسم الثاني يغتصبوهم !
،`،
قفز واحد من أحفادةة وسأله
يا جـد انت كنت من اي قسم ؟!
قلةة : أنا من اللي قتلوهم ياملعون
😬😬😅😅😅😂😂😂😂😁😅
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
- ما تمدح لي شخص اكرهه عشان ما اكرهك معاه.☻💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
الدوري اليمني شغال قرعة وبمواجهات نارية .. 😂😂
أبو العباس * الصعاليك .. الملعب تعز .. 😂😂
الحوثي * عفاش .. الملعب السبعين .. 😂😂
بن دغر * عيدروس .. الملعب البريقة .. 😂😂
باقي فريقين .. القاعدة وداعش احتياط ..
😂😂😉😉😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
أصعب كلمة مصرية 😐
شنبك ده هحلئهولك
لاتحاولون من أمس وأنا مغرز فيها 🤦🏻♂😂😂😂
اللي ينطقها يرسل لنا صوت🎤
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
واحد يمني
سافر السعودية اول ما نزل المطار مذيع سأله ايش رأيك فى فهد 😊
قاله
و الله حيوان سريع و قوى 😅
سجنوه 10 سنين
... ... خرج قال والله ماعاد اجلس فى السعودية مره ثانيه
راح سوريا اول ما نزل من المطار مذيع سأله ايش رأيك فى الاسد 😊
قاله و الله حيوان شرس و عنيف 😑
سجنوه 11 سنة
خرج قال و الله لارجع اليمن
اول ماوصل اليمن سأله مذيع ايش، رايك في الحوثيين؟؟؟
قاله و الله بطلت اتكلم عن الحيوانات 😅
قتلوه 😨😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
-من اصدق ما قرأت😂
سأل مدرس اللغة العربية الطلاب ::
ليش الناس تخاف من الحسد؟؟!
محد جاوب الا طالب ذماري قال
لأن الحسد ملك الغابة😷😱😂
فتم إلغاء مادة اللغة العربية نهائيأً
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
متى يكون تركيزك 100 % ؟؟
اذا دخلت حمام ما فيه قفل تكون على
اتم الاستعداد للتصدي لأي هجمه مرتده 😅
وضعية الكنغر 🐺
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
😂😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite
🆓 فري بوست | تباتيڪ .
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
عااااااااجل
حسن زيد يعلن انتهاء عقده مع انصارالله كمحترف الليله..
وانه اصبح متاح لاي طرف لاستقدامه😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قالوا مسكوا حسن زيد هارب من صنعاء
قالوا له جي لاهانا
اين سايري
قال معانا مباراة بالحتارش
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قال لكم محمد علي الحوثي ماحصلش
عباية على مقاسه رجع حلق شنبه
وشل بطاقة فايقه السيد وهرب
#فنننننن_فحط
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تحذير
نحذر قوات الحرس الجمهوري وجماعة الحوثي من اعتراض او قطع الطريق امام المقاوته !!
المقاوته هم فلذات أكبادنا تمشي على الأرض!
😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
عبدالملك الحوثي يصف علي صالح بزعيم المليشيا
.
.
.
.
.
خف علينا يازعيم طيور الجنة
#فنننن_فحط
😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
جورج قرداحي يستضيف في برنامجه المسامح كريم هادي وعفاش وعلي محسن
😎😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في صنعاء الان
انقلاب على
الانقلابيين من الانقلابيين
الذي ساعدوا الانقلابيين
على الانقلاب
قولها خمس مرات بسرعه وادخل علي سحب غساله
😅❤😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كيف حالك يا أبو بركان؟
- ماناش أبو حد عادنا ما اتزوجت
😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
من كثره عااااااجل الان
واحد منزل منشور
ان الدبابات تحلق في سماء صنعاء 😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
السياسة في اليمن مثل الوتساب
عبدربة ازال بحاح
عبدربة اضاف علي محسن
بن دغر انظم الئ مجموعة الشرعية
بن حبتور غادر
علي سالم انشاء مجموعة الحراك الجنوبي
الزبيدي غير ايقونة المجموعة من الحراك الئ المجلس الانتقالي
الامارات متصل الآن
قطر آخر ظهور قبل العقوبات
صدقوني هذا مش حرب هذه لعبة 😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😉😅😅😝عاجل وسيري سايرة🤷🏼♂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وحده كاتبه من كثر ماتحمر نخرتي من البرد اشك اني تركية؟
#رد عليها واااحد : شوفي ركبتش واقطعي الشك باليقين
😂😂
ههههههههههههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تخيلوا لو كانت مدارسنا مختلطة ؟
الولد : حبيبتي وش فيكي زعلانه ؟
البنت : روح خل اللي عطيتها قلم بحصة العربي تنفعك 🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
فهمت كل الناس❗
الا ذاك اللي بعد ما يمسح خشمه بمنديل يفتح المنديل ويشوف💔🌚
عن ماذا تبحث يا اخي😣
*هههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
ـ➖➖➖➖➖
😆| اضحگ تضحگ لگ الدنيا
ـ➖➖➖➖➖
عااااااااجل
حسن زيد يعلن انتهاء عقده مع انصارالله كمحترف الليله..
وانه اصبح متاح لاي طرف لاستقدامه😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قالوا مسكوا حسن زيد هارب من صنعاء
قالوا له جي لاهانا
اين سايري
قال معانا مباراة بالحتارش
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
قال لكم محمد علي الحوثي ماحصلش
عباية على مقاسه رجع حلق شنبه
وشل بطاقة فايقه السيد وهرب
#فنننننن_فحط
😂😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تحذير
نحذر قوات الحرس الجمهوري وجماعة الحوثي من اعتراض او قطع الطريق امام المقاوته !!
المقاوته هم فلذات أكبادنا تمشي على الأرض!
😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
عبدالملك الحوثي يصف علي صالح بزعيم المليشيا
.
.
.
.
.
خف علينا يازعيم طيور الجنة
#فنننن_فحط
😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
جورج قرداحي يستضيف في برنامجه المسامح كريم هادي وعفاش وعلي محسن
😎😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في صنعاء الان
انقلاب على
الانقلابيين من الانقلابيين
الذي ساعدوا الانقلابيين
على الانقلاب
قولها خمس مرات بسرعه وادخل علي سحب غساله
😅❤😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كيف حالك يا أبو بركان؟
- ماناش أبو حد عادنا ما اتزوجت
😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
من كثره عااااااجل الان
واحد منزل منشور
ان الدبابات تحلق في سماء صنعاء 😂😂😂😂😂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
السياسة في اليمن مثل الوتساب
عبدربة ازال بحاح
عبدربة اضاف علي محسن
بن دغر انظم الئ مجموعة الشرعية
بن حبتور غادر
علي سالم انشاء مجموعة الحراك الجنوبي
الزبيدي غير ايقونة المجموعة من الحراك الئ المجلس الانتقالي
الامارات متصل الآن
قطر آخر ظهور قبل العقوبات
صدقوني هذا مش حرب هذه لعبة 😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😉😅😅😝عاجل وسيري سايرة🤷🏼♂
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وحده كاتبه من كثر ماتحمر نخرتي من البرد اشك اني تركية؟
#رد عليها واااحد : شوفي ركبتش واقطعي الشك باليقين
😂😂
ههههههههههههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تخيلوا لو كانت مدارسنا مختلطة ؟
الولد : حبيبتي وش فيكي زعلانه ؟
البنت : روح خل اللي عطيتها قلم بحصة العربي تنفعك 🌚💔
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
فهمت كل الناس❗
الا ذاك اللي بعد ما يمسح خشمه بمنديل يفتح المنديل ويشوف💔🌚
عن ماذا تبحث يا اخي😣
*هههههههههههههههه
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
_________________________
📱| لمتابعة صفحتنا الترفيهية علۍ الروابط التالية :-
💬| الــواتــســــآب
👉🏼| https://chat.whatsapp.com/K1CMQmwPvCu4fOfdZtfDtf
💬| التـيــلــجــرام
👉🏼| https://telegram.me/FreePostTabatic
💬| الفيـســبــــوك
👉🏼| https://m.facebook.com/FreePostTapatick-1559356297700567/
___________________________
Free Post | 🌐 F . P . T 🌐
Network ||||||||||[😃]|||||||||
WhatsApp.com
WhatsApp Group Invite